الصحافة

جهود تطوير قانون الإعلام اللبناني... هل تضمن الحماية القانونية والشخصية للصحافي ومصادره؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

من لجنة نيابية إلى أخرى ومن مجلس الى آخر، ولأكثر من 10 سنوات، تنقل قانون الإعلام وأضيف عليه الكثير من التعديلات لكنه لم يحظَ بالموافقة حتى الآن.

ومع ذلك، تظهر بوادر أمل جديدة في الأفق، مع تشكيل لجنة فرعية تابعة للجنة الإدارة والعدل، تهدف إلى مراجعة جميع الملاحظات والتعديلات المقترحة على هذا القانون خلال مدة شهرين، مما يساعد في توجيه النقاشات نحو منهجية أكثر فعالية. فهل ستتمكن هذه اللجنة الفرعية من ضمان الحماية القانونية، الشخصية والنفسية للصحافيين؟ وكيف ستتعامل مع مسألة حماية مصادر الأخبار الصحافية؟ وما هي المعايير الدولية المعترف بها في هذا السياق؟ 

اقتراح القانون... قيد البحث

في هذا السياق، يؤكد النائب السابق غسان مخيبر وهو عضو في اللجنة المصغرة المستحدثة في حديث خاص، أن الاقتراح الحالي للقانون لا يزال قيد التطوير، ومن بين الموضوعات المهمة التي سيتم طرحها وإضافتها هي حماية المصادر الصحافية. والتركيز أيضًا على حقوق الإعلاميين بشكل عام، حيث أن تأسيس آلية فعالة لحماية المصادر أمرًا أساسيًا إذا ما تمت الموافقة عليها في اللجنة الفرعية. 

فإذا استدعى القاضي الصحافي كشاهد في قضية معينة ورفض الكشف عن مصدره (الذي يعتبره القضاء مورطًا)، قد يواجه السجن بتهمة المشاركة في الجريمة أو عدم الإفصاح عن المعلومات. هذا الأمر له أبعاد تتعلق بالمسائل الجزائية ويتطلب تحديدات دقيقة تتجاوز النصوص العامة بحسب مخيبر. 

في الديمقراطيات الراسخة والبلدان التي تحترم حقوق الصحافيين، يُسمح لهم بعدم الكشف عن مصادرهم من دون تحمل مسؤولية جزائية. أما بالنسبة للمساس بالأمن القومي، فهو يُعتبر قضية منفصلة.

لذا، يشير مخيبر الى أن ما يتطلبه الأمر في لبنان لتوفير هذه الحماية هو أولًا، يجب إعلان المبدأ رسميًا، ثم وضع أحكام في قانون العقوبات وأصول المحاكمات لضمان هذه الحماية، مع آلية واضحة لكيفية التطبيق توضع في جلسات اللجنة المصغرة.  

أما فيما يخص الحماية الجسدية، فيوجد قانون حالي لحماية كاشفي الفساد (لا تشمل فقط الصحافيين، بل كل من يعمل على كشف قضايا الفساد)، الذي يتعلق بحماية الشخص نفسه. هذا القانون يُطبق عندما يكشف الشخص عن معلومات متعلقة بالفساد ويقدمها للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أو النيابات العامة المختصة، مما يؤمن له الحماية الشخصية أو الوظيفية. 

وعلى الرغم من أن هذه الأحكام يجب أن تشمل موضوعات تتجاوز الفساد، إلا أنه لم يتم بذل جهد كافٍ حتى الآن لتحقيق ذلك، وهو ما يُطرح اليوم كمسألة ملحة للعمل على تطويرها.


حماية قانونية للصحافي

النائب جورج عقيص، الذي يترأس اللجنة، أكد أن النقاط التي تمت مناقشتها، هدفها توفير أكبر قدر ممكن من الحرية الإعلامية المضبوطة بموجب القانون العام من دون قيود إضافية. وهذا يفتح المجال أمام العمل الإعلامي لشريحة واسعة من المجتمع. كما يتناول القانون بشكل أساسي نظام العقوبات والتعويضات والمحكمة المختصة، حماية الصحافي ومصادره، مع توجه واضح نحو إلغاء أي عقوبة جزائية وإنشاء نظام مدني بدلاً منه. 

وفي الجلسة أيضًا، جرى اقتراح إلغاء محكمة المطبوعات، ليصبح القضاء المدني هو المختص بقضايا الإعلام، مع تحديد تعويضات سريعة في حال ثبوت التشهير أو نشر أخبار كاذبة، وهكذا تُحل مسألة التوقيف الاحتياطي للإعلاميين، مما يؤمن حاميتهم بالقانون.

من جهته، لفت النائب فراس حمدان وهو عضو في اللجنة أيضا، الى أن القانون عُرض على المناقشة مرارًا وتكرارًا، وأُدخلت عليه تعديلات مختلفة، مشيرًا الى أن لجنة الإدارة والعدل أبدت حرصها على البت السريع في هذا القانون لإحالته إلى الهيئة العامة للتصديق عليه. 

أما عن النقاشات التي تدور حاليًا تتركز حول ثلاث نقاط أساسية إلى جانب بعض التفاصيل الأخرى، وهي تحديد الهيئة الناظمة للقانون، وتفاصيل تتعلق بصلاحياتها وتركيبتها والحصانات الممنوحة لأعضائها، بالإضافة إلى نظام التراخيص والتسجيل للمؤسسات الإعلامية وتحديد العقوبات المفروضة على الصحافيين والإعلاميين، مع التركيز على إلغاء عقوبة السجن، علما أن هذه الخطوة، ستشكل حماية قانونية للصحافي. 

هذه الخطة تتمثل في مناقشة هذه النقاط الرئيسية خلال مدة لا تتجاوز شهرين، مع تنظيم اجتماعات دورية أسبوعية للتقدم في صياغة القانون بما يتوافق مع المعايير الدولية ويتماشى مع التطورات الحديثة في مجال الحريات الإعلامية والعمل الصحافي.

كذلك، أكد المستشار القانوني لجمعية مهارات المحامي طوني مخايل، أهمية الاقتراح المقدم من اليونيسكو، الذي أضاف ضمن المواد القانونية مسألة حماية المصادر، والهدف حاليا هو العمل على المحافظة عليه. 

وفي سياق حماية حقوق الصحافيين، أوضح مخايل أن هناك بندًا مقترحا في القانون يحمي مصادر الصحافي ويمنعه عن الكشف عنها دون ملاحقته بجريمة كتم المعلومات. ورغم أهمية هذا البند، إلا أنه تحدث عن بعض الممارسات التي قد تحول دون تطبيقه بشكل كامل وقد تمتنع السلطات عن احترام حق الصحافي مما ينتقص من هذه الحقوق لكون الممارسات على الأرض تختلف. 

المعايير الدولية

مختلف هيئات القانون الدولي تؤكد أن الاعتراف بحق حماية المصادر يأتي ضمنيًا مع الاعتراف بحق حرية التعبير. في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، يُشار إلى هذا الحق بـ"امتيازات المراسل"، وهو حق مُنح للصحفيين وفقًا لقوانين العديد من الدول وأيضًا وفقًا للقانون الدولي. مما يعني هذا، أن السلطات، بما في ذلك المحاكم، لا يمكنها إجبار الصحافي الإفصاح عن مصدر خبره.

فضلا عن ذلك، سلطت مبادئ باريس (الیونسكو) لعام 1974 الضوء على حماية حرية الصحافة وضمان سلامة الصحافيين في العمل، بدءا من حق الصحافيين في حماية مصادرھم، وسلامتھم الجسدية والنفسية وصولا إلى ضرورة إنھاء الإفلات من العقاب. 

الى ذلك، يأتي الدليل الذي أعدته لجنة حماية الصحافيين بالقول إن غالبية المؤسسات الإخبارية قد وضعت سياسات محددة تتعلق باستخدام المصادر السرية، حيث تفرض هذه المؤسسات في بعض الظروف، على الصحفيين الميدانيين الإفصاح لرؤساء تحريرهم عن هوية المصدر السري. ومن الضروري للصحفيين الميدانيين أن يكونوا على دراية بهذه السياسات قبل أن يعدوا المصادر السرية بالحفاظ على سريتها. 

فضلا عن ذلك، تمتلك المحاكم المدنية والجنائية في الولايات المتحدة والعديد من الدول الأخرى، بحسب لجنة الحماية، الصلاحية لإصدار أوامر تستدعي المؤسسة الإعلامية أو الصحفيين للكشف عن هوية المصادر السرية. في هذه الحالات، يواجه الصحفيون قرارًا صعبًا يتطلب منهم الاختيار بين الكشف عن هوية المصدر أو مواجهة عقوبات مثل الغرامات أو السجن.

يضاف الى ذلك، الحملة التي نظمها المجلس الأوروبي لسلامة الصحفيين في تشرين الأول 2023 لزيادة الوعي بحماية الصحفيين وتحفيز الحكومات على اتخاذ إجراءات فعالة. التوصيات تشمل:
- ضمان سلامة الصحفيين باتخاذ الإجراءات اللازمة.
- وضع أحكام جنائية فعالة لمنع الأعمال الإجرامية ضد الصحفيين.
- عدم التسامح مع التصرفات التعسفية ضد الصحفيين.
- إجراء تحقيقات فعالة في الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين.

وتعليقا على ذلك، يعتبر مخايل أن بعض التجارب الدولية هي غير مشجعة، منوهًا إلى حالات في الولايات المتحدة وفرنسا، حيث يمكن أن يتعرض الصحافيون للمضايقات والملاحقات. 

حماية الصحافيين في مختلف المجالات

وفي الختام في إطار الحماية، تجدر الإشارة إلى أهمية الأمن الرقمي، حيث يأخذ موضوع التنصت حيزًا مهمًا، وأوضح مخايل أن القانون اللبناني يفتقر إلى حماية فعّالة من التنصت الإداري، مع التأكيد على أهمية ما تقوم به البلدان الأوروبية، ألا وهو وضع تنظيم "Media Freedom Act" في الاتحاد الأوروبي لحماية الصحافيين من التنصت، وتحديد أن أي تنصت يجب أن يكون برقابة قضائية وبمبرر مشروع. وحتى في بلدان العالم أجمع، يؤكد مخايل أن لا حماية من التنصت في الاعتبارات التي تتعلق بالأمن القومي، لأنها تطبق على الجميع من دون استثناء.

إذا المطالبة جدية بتحديث القوانين الحالية لتضمن حماية الصحافيين جسديًا ونفسيًا ورقميًا وقانونيًا، مع مراعاة المعايير الدولية واستشارة الصحافيين للتعبير عن آرائهم بشأن هذه الحماية. كما وأنه لا بد من توجيه دعوة خاصة إلى وسائل الإعلام لتقديم برامج تعزيز قدرات فريق الصحفيين والصحافيات في مجالات السلامة الجسدية والرقمية، والنفسية (خصوصا في أوقات النزاع)، والتفاهم القانوني.

وفي سياق حماية حقوق الصحافيين، ختم مخايل حديثه بالتشديد على أهمية حق التجمع النقابي وحق الحصول على البطاقة الصحفية، والتي تحررهم من احتكار نقابة المحررين.

يُنشر هذا التقرير ضمن برنامج زمالة مشروع "إصلاح الإعلام وتعزيز حرية التعبير في لبنان"، الذي تنفذه مؤسسة "مهارات" بدعم من الاتحاد الاوروبي. هذا المحتوى لا يعكس بالضرورة آراء الاتحاد الاوروبي.

 يارا هندي - موقع mtv

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا