"الحزب" والرئاسة: الخيارات غير مقفلة، اسم جديد ، و"الخماسية" تتمهل في خطواتها
لا يعفي تركيز «حزب الله» على جبهة الحرب في مواجهة إسرائيل في الجنوب من بلورة موقفه من رئاسة الجمهورية. اهتمامه بالحرب لا يجعله في منأى عن تحميله المسؤولية عن تأخير الإستحقاق وتعطيله من أجل مرشحه الرئاسي سليمان فرنجية. في خطابه الأخير تقصّد أمينه العام السيد حسن نصر الله توجيه رسائل تطمين رئاسية، خصوصاً إلى المسيحيين. ما يؤكد عليه «حزب الله» هو أنّ الملف الرئاسي ليس ناضجاً بعد ولا الظروف تساعد على انضاجه. يرصد من بعيد تحرك اللجنة الخماسية ويرى فيها مثلاً على عدم نضوج المساعي الدولية المساعدة في اتمام الإستحقاق وتسريع خطواته.
صار حراك «الخماسية» فارغاً إلا من سعي بعض السفراء لإلتقاط صورة لاجتماعهم. مجرد صورة تجعلهم في قلب المشهد السياسي وتعيد التذكير بوجودهم. ضمن هذا الإطار يتعامل «حزب الله» مع «الخماسية» ولا يعوّل على حركة سفرائها. باتت الصورة مطلباً ملحاً لنفي أي خلاف. وتحصر «الخماسية» تحركها برئيس مجلس النواب نبيه بري وسقف نتاجها تقرير يرفعه كل سفير إلى خارجية بلاده. في ما يلمسه الثنائي أن لا السعودية ولا الولايات المتحدة في وارد القيام بأي خطوة رئاسية ما دامت جبهة الحرب في الجنوب لا تزال مشتعلة.
لا يتقصد «حزب الله» ربط رئاسة الجمهورية بحرب غزة، لكن منطق الأمور يحتّم ذلك كما الوقائع. حركة الموفدين الدوليين تولي اهتماماً لجبهة الجنوب وتجعله في صدارة اهتماماتها، كما القوى السياسية في الداخل. تقدّم الموفد الفرنسي بورقة للحل في شأن جبهة الجنوب ومثله الموفد الأميركي آموس هوكشتاين وغيرهما. همهم مشترك هو عودة الاستقرار إلى الحدود الشمالية. وفي الداخل كان رئيس الحزب الإشتراكي السابق وليد جنبلاط أول من كرّس هذا الربط مستنداً إلى معلومات خارجية وردته، وقال إنّ «الموضوع الرئاسي جُمّد إلى أن تنتهي الحرب في الأراضي المحتلة». سليمان فرنجية يربط ترشيحه بنتائج الحرب، ويعتبر أنّ نتائجها ستعزّز فرص إنتخابه. وهذا ما يفسر الصرخة المسيحية التي بدأت قبل شهرين من بكركي مع البطريرك بشارة الراعي وانتهت بما قاله رئيس الجمهورية السابق ميشال عون. قلق لا يجد له «حزب الله» مبرراً لأنه لن يسعى إلى استثمار نتائج الحرب في الرئاسة وليس على حساب أي طرف، على الرغم من أن مردّ خوف الحلفاء هو ألا يتم الاستثمار في ما يتناسب ومصلحتهم فكان لا بد من رفع صوته.
يندرج في سياق المخاوف أنّ الحرب لن تنتهي إلا بفرض «حزب الله» شروطه كفريق منتصر، وسيربط حكماً حسب العروض التي يتلقاها التسوية بين الرئاسة ووقف الحرب. سيناريو غير وارد ولا الربط بهذا المفهوم مقبول لدى «حزب الله». ومن أجل ذلك تحدث الأمين العام مؤكداً أنّ الإستثمار بهذا المنطق لن يكون. يستوعب «حزب الله» مخاوف حليفه في هذا الشأن. من يراقب سياق خطاب «الحزب» يلاحظ قابليته للتفاوض في شأن الرئاسة، وأنّ خياراته ليست مقفلة. نظرته الى الاستحقاق تختلف عن رؤية مرشحه. ومنطق التسوية يجعله في منأى عن حسم الخيارات وفرضها.
ربما كان خطأ «حزب الله» في خوضه الحرب ونتائجها ومترتّباتها بمعزل عن حليفه بما يجعله على قلق. منطق يجد تبريره لدى «حزب الله» بالقول «ذهبنا إلى هذه الحرب منفردين وأخذنا قراراً منفرداً بخوضها، كما سبق وفعلنا في سوريا، واعتبرناها حرباً استباقية كي لا تشن إسرائيل حرباً على لبنان». لم يطلب «حزب الله» رأي أي جهة بخوض الحرب ولم يكن في وارد إحراج أحد. دخل الحرب لأسباب استراتيجية وكواجب أخلاقي، ومن أيّده مشكور ومن عارضه يتفهم رأيه. لكن استثمار نتائج الحرب في الرئاسة بعيداً عن التوافق غير وارد. الموقف النهائي من الرئاسة يتوقف على نهاية الحرب والاتفاق الذي ستتوقف على أساسه. إلى أن يتبلور سيواصل سفراء «الخماسية» تنظيم لقاءاتهم وتبديل موقع اللقاء جغرافياً في محاولة لتجنّب الملل.
غادة حلاوي - "نداء الوطن"
من ناحية أخرى، تستمر المساعي مع الأمل بتحقيق المرجو منها على نقيض تهديدات قادة إسرائيل التي زرعت القلق في النفوس، وعطلت على اللبنانيين إمكان إجراء الاستحقاقات الدستورية وربطها بمنتهى الحرب، وبالتالي أحدثت إرباكا لدى الموفدين الدوليين والمسؤولين الساعين لاقتناص فرصة التوافق حول اسم من يكون «الرئيس اللبناني» وإجراء الانتخابات البلدية والاختيارية التي دخلت دائرة التمني بحصولها في موعدها مايو المقبل.
وحتى الآن لم تحسم «المجموعة الخماسية» تسمية أي مرشح كحل وسط لتسلم سدة الرئاسة في لبنان كخيار ثالث تفضله، على الرغم من وجود وفرة أسماء، ومن هؤلاء من برز اسمه، مقابل اسم المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري، هو السفير السابق لدى الڤاتيكان، والذي شغل منصب المدير السابق لمخابرات الجيش، العميد جورج خوري، وقد طرح اسمه لدى مرجعية سياسية كبيرة، ولما تم استمزاج أهل الرأي به قوبل بالصمت.
وعلى هذا الأساس تتمهل «الخماسية» في خطواتها محاذرة التسرع، لأسباب مختلفة منها التعاكس في وجهات النظر الأميركية - الفرنسية حول مجمل الأمور أهمها شخصية الرئيس، تبعا لمصالح الطرفين، تاركة للبنانيين التوافق أولا، ومن هنا ينطلق سفراؤها باتجاه نقل الصورة إلى وزرائهم.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|