الصحافة

أسبوعان حاسمان سلماً أو حرباً...“هدنة رمضانية” تعبّد الطريق لتطبيق الـ1701؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

كل المؤشرات حيال الجبهة الجنوبية والحرب الاسرائيلية على قطاع غزة تدل إلى أنّ هاتين الجبهتين قد تكونان مقبلتين على تطورات دراماتكية بعد شهر رمضان ان لم يكن قبله، وهو الذي سيحلّ بعد أسبوعين قريباً، وذلك في حال لم تنجح المحاولات الجارية لوقف النار في غزة والذي يترجم تلقائياً وقفاً للنار على الجبهة الجنوبية اللبناية التي يعمل على إيجاد حل لها هي الاخرى من خلال طرح تنفيذ القرار 1701 وتثبيت الحدود البرية في إطار المهمة التي يضطلع بها الموفد الأميركي عاموس هوكشتاين.

يقول مطلعون على الموقف الأميركي ان الولايات المتحدة الأميركية، التي ما تزال تعلن أن وقف اطلاق النار في غزة لم يحن اوانه بعد مانِحةً إسرائيل مزيداً من الوقت لتحقيق أهدافها من الحرب هناك، أبلغت إلى لبنان عبر أقنية عدة أنها لا تريد للمواجهات الدائرة على الجبهة الجنوبية ان تتوسع الى حرب على لبنان، لكنها في الوقت نفسه لا تستطيع أن تمنع هذه الحرب ان قررت اسرائيل خوضها في اي وقت. بل انّ المصدر نفسه يضيف في هذا السياق أن الولايات المتحدة لا تؤيد أن يخوض الاسرائيليون حربين في وقت واحد، وهي كانت قد نَبّهتهم وحذّرتهم من هذا الامر وأبلغتهم انها قادرة على دعمهم في حرب واحدة، وهكذا فعلت عندما دعمتهم في شن الحرب على حماس في قطاع غزة غداة عملية طوفان الأقصى، وزَوّدتهم بكل ما طلبوا من اسلحة واعتدة وذخائر عبر جسرَين جوي وبحري أقامتهما لهذه الغاية.

ويقول المصدر ان كل هذا يستنتج منه أن إسرائيل إذا فرغت من حرب غزة ستنبري فوراُ الى شن حرب على لبنان مُتّكلة على الدعم الأميركي نفسه.
وهنا يعود بعض السياسيين بالذاكرة إلى الأيام الأولى لحرب غزة عندما انكشف وجود مخطط إسرائيلي لشن حربَين، واحدة على حركة «حماس» وأخواتها في قطاع غزة والثانية على «حزب الله» في لبنان، وذلك لما يشكّلانه من تهديد آني ومرحلي واستراتيجي لمخططها الهادف الى اقامة الدولة اليهودية الخالصة، بحيث إذا نجحت في ابادة الفلسطينيين في قطاع غزة وهجّرت الذين يَنجون منهم من الموت إلى صحراء سيناء المصرية، وكذلك قامت بتهجير فلسطينيي الجليل في حال الانتهاء من تهديد «حزب الله» في الشمال في اتجاه لبنان، عندها تتفرّغ لفلسطينيي الضفة الغربية بتهجيرهم الى الاردن ليكون وطنا بديلا لهم. وهي تمهّد لهذا الأمر منذ إقامتها المستوطنات في الضفة، والتي يقطنها حتى الآن 800 يهودي اسرائيلي. وما تقوم به يومياً من اعتداءات وحصار وقتل واعتقال في حق هؤلاء منذ عملية طوفان الاقصى يدلّ الى نواياها التهجيرية ضدهم، وهذا الامر يتعارض مع مشروع «حل الدولتين» الذي يقضي بقيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة على ان يربط بينهما ممر برّي آمن.
ويقول هؤلاء السياسيون انّ الإسرائيليين اغتنموا عملية طوفان الأقصى لخدمة مشروعهم الحربي المرسوم ضد غزة شَرّ اغتنام، بحيث هجم الجيش الإسرائيلي بعسكره وطيرانه الحربي والمروحي على قتل نحو 1400 إسرائيلي في غلاف غزة في يوم «طوفان الأقصى»، وكَوّن من ذلك الذريعة التي بَرّر بها شن الحرب التدميرية على قطاع غزة تمهيداً لتهجير من يتبقّى من الفلسطينيين فيه إلى سيناء. وقد دلّ إلى هذا التصَرّف دعوات الجيش الاسرائيلي وضغوط على سكان القطاع منذ الأيام الأولى للحرب الى النزوح من شماله إلى جنوبه، وها هم اليوم محاصرون في رفح التي نزحوا إليها على انها ستكون منطقة آمنة، ويتعرضون لتهديد يومي باقتحام اماكن نزوحهم لدفعهم إلى النزوح الى سيناء المصرية في ظل موقف مصري سياسي عسكري مُلتبِس ويغلب عليه طابع القبول بهذا النزوح، حتى لو كان خِلافاً لمعاهدة كمب ديفيد المعقودة بين القاهرة وتل ابيب منذ عام 1981.

لذلك، يقول المطلعون انّ حركة الموفدين الدوليين في اتجاه لبنان إذا لم تحقّق نتائج ملموسة في الأيام الفاصلة عن بداية شهر رمضان، فإنّها ستتراجع الى حدود الجمود على الارجح. بمعنى أنّ هوكشتاين ولودريان إذا لم يزورا لبنان من الآن وحتى العاشر من آذار المقبل، فإنّ زيارتيهما ستتأجلان إلى ما بعد رمضان. علماً ان لا شيء يمنع من توسّع الحرب على الجبهة الجنوبية أو يمنع إسرائيل من تنفيذ تهديدها باجتياح رفح للإطباق كلياً على قطاع غزة من شماله إلى جنوبه، في حين انّ ما يجري على الأرض يدل إلى أنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي لم يسيطر حتى الآن على أيّ من مناطق القطاع، بدليل المعارك التي تخوضها المقاومة الفلسطينية ضده من شمالي القطاع في جباليا وبيت لاهيا وغيرها إلى جنوبه في خان يونس ورفح.
ولذلك، فإنّ كل الدلائل تشير إلى أن الأسبوعين المقبلين سيكونان حاسمين سِلماً او حرباً، سواء على جبهة غزة او جبهة جنوب لبنان. ويقول البعض في هذا السياق انّ إسرائيل التي تَدّعي أنها انتصرت أو أوشكت على تحقيق الانتصار الذي تطمح إليه في غزة، إنما تريد من الهجوم على رفح، اذا حصل، الهروب إلى الأمام من الهزيمة التي لحقت بها ولم تعترف بها بعد. كذلك، فإنّ تهديدها بشن حرب واسعة على لبنان و»حزب الله» يندرج أيضاً في إطار سعيها للهروب من الاعتراف بالهزيمة في قطاع غزة.
ويؤكد هؤلاء أنّ إسرائيل بقصفها المُتنقّل للبنان خارج منطقة قواعد الاشتباك المعمول بها بموجب القرار 1701، إنما تحاول استدراج المقاومة إلى رَد فعل كبير لتتخذه ذريعة لتوسيع نطاق الحرب، لكنّ «حزب الله» كان ولا يزال يرد على هذا القصف ضمن قواعد الاشتباك مُتجنّباً الذهاب إلى حرب واسعة، إلّا أنه في الوقت نفسه يحسّن في ردوده نوعية الأهداف التي يقصفها وكذلك نوعية الأسلحة التي يستخدمها، حتى إذا اضطر للذهاب إلى الحرب الواسعة فإنه سيذهب إليها بتوقيته هو وليس بالتوقيت الذي تريده إسرائيل، بحيث يضمن لنفسه عنصر المفاجأة في هذه الحرب، التي إذا نشبت، فإنها ستكون كما قال الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله أخيراً «بِلا سقوف ولا ضوابط».

طارق ترشيشي - الجمهورية

من ناحية أخرى، انقطاع الوسيط الأميركي آموس هوكستين عن التواصل مع حكومة تصريف الأعمال، وغيابه المتعمّد عن المشهد العسكري المشتعل بين إسرائيل و”الحزب”، طرح أكثر من سؤال حول الأسباب الكامنة وراء غيابه عن السمع، وما إذا كان قرر تعليق وساطته الهادفة إلى تهيئة الشروط السياسية لتطبيق القرار الدولي 1701، على أن يعود مجدداً إلى تشغيل محركاته بين بيروت وتل أبيب في حال توصل اللقاء الرباعي الذي استضافته باريس إلى “هدنة رمضانية”.

ومع أن مصادر وزارية لا تجد تفسيراً لانقطاع هوكشتاين عن التواصل مع الحكومة، فإنها تؤكد لـ”الشرق الأوسط” أنه قرّر تجميد وساطته ريثما يتم التوصل إلى اتفاق هدنة في قطاع غزة، ليكون في وسعه أن يبني على الشيء مقتضاه، خصوصاً أنه لا مجال أمام تسويق الورقة الفرنسية لبنانياً، بعد أن قررت باريس تبنيها بصورة رسمية، باعتبار أنها ليست متوازنة من وجهة نظر “الحزب” في حين أنها تلقى تفهُّماً من الحكومة اللبنانية، كونها لا تؤدي إلى تهدئة الوضع على الجبهة الشمالية كبديل للقرار 1701.

 ملتزم بعدم توسيع الحرب

وتلفت مصادر وزارية إلى أن الحكومة تنتظر بفارغ الصبر أن يؤدي اجتماع باريس إلى إحلال هدنة مديدة في غزة، يُفترض أن تنسحب على جنوب لبنان، وتفتح الباب أمام الوسيط الأميركي ليعاود وساطته. وتتوقف المصادر أمام موقف «حزب الله» في مساندته لحركة «حماس» في غزة، وتقول إنه لا يزال يلتزم بعدم توسيع الحرب، وهو يتناغم في موقفه مع إيران، برغم أن إسرائيل تستدرجه لتوسعتها وتتمادى في توسيع مروحة اعتداءاتها التي تجاوزت الخطوط الحمر وتخطت قواعد الاشتباك، واضطرار الحزب للتعامل معها بالمثل في استهدافه مواقع عسكرية وأمنية تقع في عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وفي هذا السياق، يؤكد مصدر بارز في الثنائي الشيعي (“الحزب” و”حركة أمل”) أن الحزب يضطر غالباً لتجاوز الخطوط الحمر في ردّه على الاعتداءات الإسرائيلية، لكنه لن يُستدرج لتوسعة الحرب، لأنه انطلاقاً من قراره بعدم الوقوع في فخ نتنياهو الذي يستدرجه لتوسعتها، يقول لـ”الشرق الأوسط” إن تل أبيب بدأت منذ فترة باستهداف عدد من البلدات الجنوبية الأمامية الواقعة على امتداد الجبهة الشمالية، بتدمير مبرمج لتحويلها إلى منطقة تكاد تخلو من سكانها.

سعي إسرائيلي لإخلاء القرى الحدودية اللبنانية من سكانها

ويضيف المصدر أن تل أبيب تتوخى من تدميرها المبرمج لهذه القرى والبلدات تحويلها إلى منطقة يصعب على سكانها الإقامة فيها، خصوصاً أن الاعتداءات الإسرائيلية تركّز على الوحدات السكنية المطلة على المستعمرات والمستوطنات في إسرائيل، بذريعة منعها مقاتلي الحزب من التسلُّل إليها واستخدامها في توجيه ضرباتهم للمواقع الإسرائيلية المتمركزة فيها.


ويلفت المصدر نفسه إلى أن تل أبيب تراهن، بتدميرها لهذه الوحدات السكنية الواقعة على تماس مباشر مع المستعمرات والمستوطنات الإسرائيلية، على إحراج الحزب تمهيداً لاستدراجه لتوسيع الحرب.

هدف إسرائيل: تعديل القرار 1701

ويرى المصدر نفسه أن تل أبيب ماضية في تحويل القسم الأكبر من البلدات والقرى الواقعة في جنوب الليطاني إلى منطقة منكوبة غير مأهولة، وصولاً لتعديل القرار 1701 كأمر واقع، لأن تعديله رسمياً يحتاج إلى موافقة مجلس الأمن الدولي، الذي يواجه صعوبة طالما أن روسيا والصين، العضوين الدائمين فيه، ليسا في وارد تعديله بممارستهما باستخدام حق الفيتو، وبالتالي يبقى القرار 1701 بحالته الراهنة الناظم الوحيد لتحديد الحدود اللبنانية – الإسرائيلية.

لذلك، يؤكد المصدر نفسه أن “الحزب” ليس في وارد التدحرج لتوسعة الحرب التي تُجمع غالبية الأطراف اللبنانية على تفاديها، خصوصاً أنها لا تحظى بغطاء لبناني وتأخذ البلد إلى مكان لا يريده في ظل الأوضاع المأزومة التي يتخبط فيها.

فالمعارضة، كما تقول مصادرها لـ”الشرق الأوسط”، تأخذ على الحزب تفرُّده بقرار الحرب والسلم الذي يُفترض أن يبقى بيد الحكومة، التي يتوجب عليها أن تبادر لاسترداد دورها، بتوليها قيادة المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل برعاية دولية لتطبيق القرار 1701، بدلاً من قيامها بدور الوسيط الناقل للرسائل بين الحزب والأطراف الدولية والإقليمية المعنية بعودة الاستقرار إلى لبنان، شرط أن تقول بوضوح؛ ماذا تريد؟ وكيف ترى الحل لوضع حد للمواجهة المشتعلة في الجنوب؟

ويبقى السؤال؛ هل يكون السباق للحل الدبلوماسي على إيقاع تصاعد وتيرة المواجهة غير المسبوقة في الجنوب؟ ومتى يعاود هوكشتاين تحركه للتوصل إلى “هدنة رمضانية” على الجبهة الغزاوية، يُفترض أن ترمي بظلالها على الجنوب، خصوصاً أن الحكومة لا تملك سوى احتمال التوصل إلى هذه الهدنة لتفادي الانزلاق نحو توسعة الحرب، نتيجة إصرار إسرائيل على هذه التوسعة، بعد أن تحولت المواجهة إلى “ميني حرب” مفتوحة على كل الاحتمالات؟

المصدر:الشرق الأوسط

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا