إفقاد النصاب في انتخاب الرئيس جريمة
قد يكون من غير المناسب توقيتاً طرح اقتراح إجراء تعديلات دستورية وقانونية حتى لا يتذرع البعض بها لتأجيل استحقاقات مؤجّلة بحكم الأمر الواقع.
لكن الممارسة على الطريقة اللبنانية، الميليشيوية البعيدة عن منطق الدولة وسيادة المؤسسات، تكشف عورات ما اتُّفق عليه سابقا، وما اعتُمد بنيّة حسنة من دون تفاصيل دقيقة تحكم ازمنة النيّات السيئة، والحسابات والمصالح المتشابكة ما بين داخل وخارج.
وقد توقفتُ امس أمام كلام للمرشحة الرئاسية مي الريحاني، وفق ما نُقل عنها، انها متفائلة بإمكان طرح اسمها في دورات مقبلة من جلسة الانتخاب الرئاسي. وهو أمر مستغرب ألّا يكون الاسم طُرح في جلسة الخميس من بين اسماء اخرى اعلنت ترشحها.
وحسناً فعل الرئيس نبيه بري بالدعوة الى جلسة لانتخاب رئيس جديد للبلاد. هذا هو المسار الديموقراطي حتى لو حكمت الاستنسابية الدستورية تلك الدعوة وحصرتها بإرادة رئيس المجلس وتوقيته قبل بلوغ الأيام العشرة الأخيرة من الولاية الرئاسية عندما يصير المجلس منعقداً حُكماً كهيئة ناخبة من دون الحاجة الى دعوة من رئيسه.
ما حصل خلال جلسة الخميس أيضاً ديموقراطي وفق الدستور والقانون، لكنه في حقيقة الامر لا يمتّ الى الديموقراطية بشيء، بل بالاحرى اظنه لا يمتّ الى اي قاعدة دستورية. ومن الضروري التوقف عند أمرين والمناداة بهما وتكرار ذلك لأن اعادة النظر بهما باتت حاجة ملحّة في لبنان.
أولاً: ان عملية متعمّدة لإفقاد الجلسات النيابية، وخصوصا لانتخاب رئيس للجمهورية، النصاب بالخروج منها أو التغيّب عنها أصلاً، يجب أن يُحتسب تقصيراً بل خطيئة يرتكبها النواب لأنهم بذلك يعطلون مسار المرفق العام الأول في البلاد، أي رئاسة الجمهورية، وبالتالي قد يتسببون بشغور رئاسي، أي ترك البلاد من دون المؤتمن عليها وعلى تطبيق الدستور، ومن واجبهم، بل من حق الناس عليهم أن يحضروا اولا، وان يصوّتوا ولو بورقة بيضاء. التغيّب والتعطيل يجب ألّا يكونا حقاً لهم، خصوصا متى تجاوزا المهل الدستورية. التعطيل يوازي التخريب وهو خاضع للمحاسبة وبالتالي المحاكمة، أو هكذا ينبغي أن يكون. وهذا الامر يجب ان يؤدي الى استقالة #مجلس النواب ككل، اذا فشل في انتخاب رئيس وفي إقرار موازنة وفي البت بتشريعات وقوانين ضرورية لمصلحة البلاد. هل دور المجلس عقد مؤتمرات صحافية وعقد جلسات مزايدة أو حلقات ترفيه على الهواء؟
ثانياً: ان الأوراق التي تدوَّن عليها أسماء مختلفة لا تمتّ الى ايّ من المرشحين بصلة، حتى تلك التي كُتب عليها "لبنان"، تعبّر عن استخفاف، بل عن صبيانية، وعن عدم الجدية في التعامل مع الملف. اما المزايدات عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتبريكات لنواب "اولاد اصل" فهي من عدة الشغل من الجيوش الالكترونية أو من متعاطفين لا يفقهون شيئا.
ثم إن الموضوع المتصل يتعلق بآلية الترشيح والاعلان عن ذلك في مطلع كل جلسة. المرشحون يجب أن يسجلوا ترشيحاتهم قبل موعد الجلسة ليصار الى التأكد من أهليتهم وسجلهم العدلي، إذ لا يجوز أن يترشّح أي كان من دون مواصفات محددة، ولا يجوز أن يدخل نواب الى القاعة من دون معرفة أسماء المرشحين ونبذة عنهم. ماذا لو كان المرشح مرتكباً أو مداناً أو محاصراً بعقوبات دولية أو حتى مشتبهاً به؟
صحيح أن ما جرى الخميس لا يخالف الدستور اللبناني، لكنه يعبّر عن تخلّف وجب تصحيحه منذ زمن بعيد، ولو من خلال تعديل دستوري، إلا اذا كان هدف الابقاء عليه إمرار التسويات، بل بالأحرى الصفقات الخارجة على القانون من ذوي الشأن الذين يتبارون في صون تطبيق الدستور أمام الإعلام.
"النهار"- غسان حجار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|