ما فرّقته "وحدة الساحات" هل يعيد احياءه اللقاء الودّي بين عون و"حزب الله"؟
بعد توتر العلاقة بين الحليفين السابقين، ماذا حمل اللقاء بين وفد "حزب الله" ومؤسس "التيار الوطني الحر" والذي استمر نحو ساعة في الرابية، وما هي الهواجس التي تم تبديدها؟
جاء اللقاء العلني الثاني بين "حزب الله" والرئيس السابق ميشال عون ليقدم شرحاً وافياً لما يجري على الجبهة الجنوبية مع دخول العدوان على غزة شهره السادس، في ظل اصرار الحزب على استمرار التواصل الايجابي مع الحليف في "ورقة التفاهم".
قبل اكثر من سنة، زار وفد من كتلة "الوفاء للمقاومة" الرئيس عون في الرابية في تأكيد على متانة العلاقة التي تجمعهما على رغم التباينات التي ظهرت آنذاك، ولا سيما في الملف الرئاسي لجهة تمسّك الحزب بترشيح رئيس "تيار المردة" الوزير السابق سليمان فرنجية ومعارضة رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل هذا الترشيح.
لكن ما بين شباط 2023، تاريخ الزيارة الاولى لوفد كتلة "الوفاء للمقاومة"، وآذار الحالي متغيرات كثيرة حجزت مكانها وزادت من التباعد بين طرفَي "ورقة تفاهم 6 شباط 2006". فـ"التيار البرتقالي" يأخذ على حليفه عدم دعمه أو على الاقل عدم مجاراته في اكثر من ملف داخلي مع اشتداد التوتر بين "ميرنا الشالوحي" والسرايا الحكومية الى حد تحضير عريضة اتهام بحق رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي امام المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.
فالتيار وجد نفسه وحيداً في مواجهة ميقاتي على رغم استمرار الوزراء المحسوبين عليه في مقاطعة جلسات الحكومة وذلك منذ الجلسة الاولى لها بعد الفراغ في سدة الرئاسة والتي عقدت بشقّ النفس في 15 كانون الاول 2022.
لكن الخلاف اليوم اتسع وخصوصاً بعد العدوان الاسرائيلي على غزة وانخراط المقاومة في معركة اسناد غزة والتصدي للاعتداءات الاسرائيلية التي وصلت الى عمق الضاحية الجنوبية.
وبرزت مواقف لباسيل ومن ثم لعون تنتقد اصرار الحزب على المضي في اسناد غزة تحت عنوان "وحدة الساحات". وكان الانتقاد الاكثر وضوحاً من عون الذي سأل عن "استشارة اللبنانيين في ذلك القرار".
وارتفع منسوب الاعتراض العوني على ما يجري في الجنوب الى حد اعلن معه باسيل ان "اصوات المدافع لن تسكتنا".
في خضم تلك التباينات، كان اللقاء امس الذي استمر نحو ساعة بين وفد كتلة "الوفاء للمقاومة" برئاسة النائب محمد رعد والنائبين حسن فضل الله وعلي عمار مع رئيس الجمهورية السابق.
عون استهل حديثه بالتطرق الى الاوضاع في الجنوب مبدياً خشيته من توسع الحرب في ظل التدمير الممنهج الذي يرتكبه جيش الاحتلال، فضلاً عن ارتفاع أعداد الشهداء اللبنانيين. عندها قدم رعد شرحاً وافياً لما يجري على الجبهة وطمأن مضيفه الى ان لا قدرة لتل ابيب على توسيع الحرب في ظل ما تملكه المقاومة من امكانات وقدرات لم تستخدمها بعد. عدا ان العدو الاسرائيلي وعلى رغم كثرة تهديداته بشن حرب على لبنان، إلا انه عاجز عن ذلك.
ووفق هذا الشرح الميداني المستفيض لواقع الجبهة الجنوبية، ابدى مؤسس "التيار الوطني الحر" ارتياحه واطمئنانه.
"الفصل بين الرئاسة والوضع الميداني"
وتطرق اللقاء الى مسألة انتخاب رئيس للجمهورية، وقدم وفد الحزب مقاربته لذلك الاستحقاق وسط تأكيد بفصل موضوع الرئاسة عما يجري في الجنوب، وهذا الموقف اعلنه اكثر من مرة "حزب الله" وعلى لسان امينه العام السيد حسن نصر الله، وان الحزب لم يسبق له ان استثمر اي انجاز ميداني في السياسة الداخلية، وهناك محطات تشهد على ذلك من العام 2000 بعد التحرير وصولاً الى يومنا هذا، مروراً بالانتصار في حرب تموز 2006 وكذلك دحر الجماعات الارهابية من جرود السلسلة الشرقية، ومن ثم تأكيد ذلك الانجاز بعد عملية "فجر الجرود" التي خاضها الجيش اللبناني واعطى حينها عون الإذن بانطلاقها في موازاة معركة المقاومة تحت عنوان "إنْ عدتم عدنا".
أما الملف الداخلي والخلافات مع رئيس حكومة تصريف الاعمال فلا تزال عالقة في ظل مطالبة "التيار الوطني" بوضع حد لـ" خرق الدستور وارساء أعراف مخالفة لطبيعة التركيبة اللبنانية وتهدد المشاركة الوطنية في النظام اللبناني"، وذلك بحسب مصادر مقربة من "التيار البرتقالي" سألت عن "مصير الشراكة وعن دور رئيس الجمهورية في أي استحقاق يرتبط بتثبيت الحدود وغيرها من المسائل التي لا تزال موضع خلاف، ما يكرس التباين بشأن بناء الدولة، وهي من البنود الاساسية التي نص عليها تفاهم مارمخايل".
في الخلاصة اعاد "حزب الله" وصل ما انقطع مع مؤسس "التيار الوطني"، مع التأكيد أن "تفاهم مارمخايل" جسّد مناعة داخلية لبنانية.
وبعد اللقاء اكد رعد ان "خط التواصل مع عون دائم، لم ينقطع في السابق ولن ينقطع أبداً، وهو خط يبعث على الطمأنينة لدى اللبنانيين على اختلاف طوائفهم ومناطقهم، نظراً للتاريخ التعايشي والشراكة الحقيقية التي نعيشها في ما بيننا في مقاربة المسائل والقضايا الوطنية".
واشار الى ان الزيارة "كانت فرصة لإطلاع عون على الأوضاع الميدانية والموضوعية الدقيقة، بعيداً عما يتم التراشق به هنا وهناك، وأدينا ما يمكن أن يعزز الوحدة الوطنية في مواجهة تحدي العدو الصهيوني الذي يجترح اليوم إبادة جماعية في غزة، ومن المريب أن أصواتاً دولية صمتت بالكامل، لم ترقَ إلى تحمّل المسؤولية الإنسانية في مقاربة مثل هذا التوحش الذي يمارسه العدو في غزة".
ورأى رعد أنه "في وضعنا اللبناني نحن بحاجة لأن نبدي نوايانا الحسنة، ونصر على التخاطب المسؤول بين كل الفئات والمعنيين بشأن هذا البلد، وصولاً إلى حل المشاكل الرئيسية التي يعاني منها".
عباس صباغ -"النهار"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|