يرفضون التجنيد والعلمانية.. "الحريديم" أزمة جديدة لنتنياهو
برز الإصرار على تجنيد اليهود من طائفة "الحريديم" كنقطة اتفاق نادرة بين الحكومة والمعارضة في الحرب الجارية على قطاع غزة، إلا أنّ تهديد حاخام بارز في الطائفة بمغادرة إسرائيل يضع الحكومة في مأزق جديد.
ورغم إعفاء اليهود الأرثوذكس المتشددين "الحريديم" من التجنيد منذ تأسيس إسرائيل عام 1948، فإن مطالب إلزامهم بالتجنيد، مثل بقية المواطنين، لم تشتد مثل ما هي عليه الآن؛ ما يكشف الحاجة الملحّة لزيادة عدد الجنود، مع استمرار الحرب التي لا يوجد أفق لنهايتها، واحتمال فتح جبهة أخرى على الحدود الشمالية مع حزب الله في لبنان.
وأثارت أنباء قرب إصدار قرار من المحكمة العليا يقضي بتجنيدهم حالة غضب شديدة بين صفوف "الحريديم"، حتى إنهم خرجوا في مظاهرات لرفض ذلك، تخللتها اشتباكات مع الشرطة قبل أيام.
ووصلت ذروة الغضب إلى أن الحاخام الشرقي الأكبر لإسرائيل، يتسحاق يوسف، هدّد، السبت، بمغادرة اليهود المتدينين البلاد إذا أجبروا على أداء الخدمة العسكرية، قائلا إن تفرّغ طلاب المعاهد الدينية لدراسة التوراة "يمنح الحماية للجيش".
طائفة يهودية متشدّدة، نشأت في القرن 19 بشرق أوروبا.
اسم حريديم هو جمع للكلمة المفرد حريدي، والاسم يحمل عدة معانٍ ودلالات؛ منها الأتقياء، والخائفون من الله، ومعتزلو الناس.
يشكّلون تقريبا 13% من إجمالي سكان إسرائيل.
يدرس ذكورهم حتى سن الأربعين في مدارس دينية لا يدخلها إلا هم؛ وهذا من عوامل عزلتهم وعدم انسجامهم مع المجتمعات الموجودين فيها.
في هذه المدارس يتعلمون الشريعة اليهودية، ولا يدرسون العلوم الدنيوية، إلا التي تساعد في إنقاذ الحياة مثل الطب.
تتمسّك الطائفة بتفسيرات قديمة للشرائع اليهودية وبالتقاليد القديمة، وترفض إعادة النظر فيها بما يوافق تطوّرات العصر.
لهم زي خاص، ويُطلقون لحيتهم حتى صدورهم، وشعور رؤوسهم إلى ما بعد الآذان.
نساء الحريديم يرتدين دائما النقاب ويُسيطر على ملابسهن السواد.
يعتبرون اللغة العبرية لغة مقدسة، لدرجة أن بعضهم يتجنبون استخدامها، ويتحدثون بلغة "اليديشية"، وهي لغة يهود شرق أوروبا.
يحرّمون استخدام التلفزيون والهاتف، وكل ما تنتجه التكنولوجيا.
يعارضون الدولة العلمانية والتجنيد في جيشها.
كما يعارضون الحركة الصهيونية بشدّة، معتبرين أنها تهدّد الحياة اليهودية التقليدية؛ فهي تكيّف نفسها مع تطوّرات العصر وتقلبات السياسة.
رغم معارضتهم للحركة الصهيونية فإن بعضهم وافق على الهجرة والعيش في إسرائيل، التي هي من صنائع هذه الحركة، وحدث ذلك بعد تلقيهم حزمة إغراءات ووعود من المسؤولين الإسرائيليين، فجّرت فصول قصتهم مع إسرائيل على النحو التالي:
في عام 1948، وعند إعلان تأسيس دولة إسرائيل، رفض الحريديم الاعتراف بالصهيونية وعارض كثير منهم إقامة دولة إسرائيل.
لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، ديفيد بن غوريون، قدّم لهم معاملة خاصة، بأن يُسمح لهم بالاستمرار في تعليم اليهودية التقليدية حين يأتوا لإسرائيل.
اشترط الحريديم عدم إجبارهم على التجنيد، وأن يعيشوا متفرغين لتعلّم وتعليم التوراة، وتأسيس مدارس لهم.
وافق حينها بن غوريون على ذلك، ووفد من أوروبا والولايات المتحدة أعداد من الحريديم؛ فقد كان ما يهمه جمع أكبر عدد من اليهود في إسرائيل الناشئة.
منذ ذلك الحين لم يلتحق الحريديم بالجيش الإسرائيلي، وكوّنوا مجتمعا مغلقا لهم.
يرى الحريديم أن أي أعمال دنيوية تُلهيهم عن دراسة الشريعة اليهودية، أمر غير مقبول.
الأمر ليست له علاقة بالجيش فقط بل كل المؤسسات غير الدينية؛ فلا يلتحقون بوظائف بها، ويعتمدون على دعم الحكومة.
بقاء ذكورهم حتى سن الأربعين في المدارس الدينية يعني فكاكهم من التجنيد الذي يكون في سن أصغر من ذلك بكثير.
عن رأي المجتمع الإسرائيلي بشأن موقف الحريديم من التجنيد، يقول الباحث المختص في الشؤون الإسرائيلية، إبراهيم داوود، لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن الحكومة تركت باب التجنيد مفتوحا لهم وفق رغباتهم؛ فلا تطبّق عليهم إلزامية التجنيد.
لكنْ يوجد جزء كبير من الإسرائيليين، وفق داوود، يرفضون هذا التساهل معهم، بل وصعَّدت أحزاب وحركات سياسية مسألة تجنيدهم إلى المحكمة العليا لتطبيق الإلزامية عليهم.
وحاول البعض تقديم حل وسط، وذلك باقتراح إنشاء وحدة لهم داخل الجيش، لا تلزمهم بالقتال، لكن تكون مهمتهم فيها تقديم الدعم الديني للجنود، لكن، يواصل المحلل السياسي، رفض قادة الحريديم حتى هذا الاقتراح.
اتّفق المشاركون في الحكومة والمعارضة وبعض الأحزاب على ضرورة تجنيد الحريديم خلال الحرب الجارية، ومن مواقفهم في هذا الاتجاه:
الوزير في مجلس الحرب بالحكومة، بيني غانتس، علّق على تصريح الحاخام يتسحق يوسف بهجرة المتدينين من إسرائيل إن تم إجبارهم على التجنيد، بالقول إن على الجميع المشاركة في الخدمة العسكرية في هذا "الوقت العصيب"، بمن فيهم الحريديم.
اتهم رئيس حزب "إسرائيل بيتنا"، أفيغدور ليبرمان، الحاخام يتسحاق، بتعريض أمن إسرائيل للخطر.
هدّد زعيم المعارضة، يائير لابيد، بأن من يرفض التجنيد لن يحصل على أموال من الدولة.
في مطلع مارس الجاري، قال رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، إن حكومته ستجد سبيلا إلى إنهاء إعفاء اليهود المتشددين من أداء الخدمة العسكرية.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|