بالفيديو : بعد تواريه عن الأنظار لأشهر... دكتور فود يطّل على متابعيه من جديد
الصحيح: "استخدام أصول الدولة لتسديد ديونها" وليس للمساهمة في ردّ الودائع
يتبارى بعض الكتاب في الاقتصاد والمال بتعميم مقولة أنّه لا يجوز استخدام أصول الدولة للمساهمة في ردّ الودائع، كون ممتلكات الدولة هي ملك جميع اللبنانيين وليست ملك المودعين حصراً، وكأنهم في هذه المقولة الغبية كي لا نقول الخبيثة قد اخترعوا البارود والذرّة.
في الردّ على هؤلاء، هناك وجهان للمسألة، الوجه العملي والوجه الحقوقي.
من الناحية العملية تناسى أصحاب هذه المقولة، تكلفة تثبيت سعر صرف الليرة قسراً بقيمة ١٥٠٠ل.ل. للدولار منذ العام ١٩٩٣ وحتى العام ٢٠١٩، بالتزامن مع زيادات الأجور المفرطة، وتغطية عجز الموازنات السنوية التي تضمّنت مشاريع إعادة الاعمار وانشاء البنى التحتية بعد الحروب المدمّرة، وهذه الأمور كلّها، كانت تتم عبر تدخل مصرف لبنان لضخّ الدولارات في السوق من أموال المصارف التي هي أموال المودعين.
وفي النتيجة، عاش اللبنانيون عموماً في تلك الفترة برغد عيش لم يسبق له مثيل، بدليل تمكنهم من شراء أكثر من ٢٠٠ ألف شقة سكنية واستحصالهم على مئات آلاف القروض الشخصية من المصارف لشراء السيارات وإقامة المشاريع الخاصة والأعراس الاسطورية والتعليم والسفر الى الخارج وما شابه....، بتكلفة محدودة جداً قياساً على قيمة الأجور المرتفعة، وسعر الدولار المثبت قسراً بقيمة ١٥٠٠ل. ولا يقف الأمر عند الفترة المذكورة، بل أيضاً استمرّ استنزاف أموال المودعين بعد اندلاع الأزمة الاقتصادية والمصرفية في العام ٢٠١٩، إذ تمّ إنفاق نحو ٤٥ مليار دولار ممّا تبقى من أموال المودعين على دعم السلع والخدمات، وتسديد القروض المصرفية المدولرة على سعر ١٥٠٠ل. للدولار بتشريعات من الدولة نفسها، وهذا ما استفاد منه جميع اللبنانين وإن بنسب متفاوتة، بسبب الفساد، الذي من البديهي أن يترافق مع قراراتٍ عشوائية كهذه.
أمّا من الناحية الحقوقية، فليس المطلوب استخدام أصول الدولة للمساهمة في ردّ الودائع وكأنّ في المسألة منّة أو جميلاً على المودعين، بل المطلوب من الدولة استخدام أصولها لتسديد ديونها للمصرف المركزي ليقوم الأخير بتسديد ديونه للمصارف ثم تقوم الأخيرة بتسديد ديونها للمودعين، هذا فضلاً عن واجب الدولة تسديد ديونها المباشرة للمصارف المتمثلة بسندات اليوروبوندز، أي باختصار أن تقوم كلّ جهة بتسديد ديونها للجهة المدينة، أمّا في ما يتعلق بقضية الهدر والفساد التي استنزفت بطريقة مباشرة أو غير مباشرة جزءاً من أموال المودعين، فهذه مسألة قضائية يجب السير فيها إلى النهاية، لكن لا يجوز خلطها مع مسألة الديون بهدف ذرّ الرماد في العيون، وإثارة الغبار حول الحقيقة.
في أيّ حال، لا يمكن أن نشبّه الدولة بمافيا أو عصابة تلتهم جنى عمر الناس في غفلة من الزمن، وهي حامية الدستور والقانون والمجتمع، وإذا تهربت من تسديد ديونها وهو أخطر ما يمكن أن تقدم عليه، فإنّها تطلق رصاصة الرحمة على القطاع المصرفي في لبنان، لا بل على الثقة بالوطن ككل، وفكرة الاستثمار فيه مستقبلاً من القريب والبعيد.
يبقى القول، سواء كانت المقولة أعلاه ناجمة عن غباء أو خبث، فهي كلامٌ باطل يراد منه باطل...
العميد المتقاعد دانيال الحداد
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|