"تجنيد طلاب المدارس الدينية"... خلافٌ "عميق" داخل المجتمع الإسرائيلي!
أعادت تهديدات الحاخام الأكبر لليهود الشرقيين في "إسرائيل"، إسحاق يوسف، بالهجرة الجماعية لليهود الحريديم من "إسرائيل" في حال إلزام طلاب المدارس الدينية اليهودية بالخدمة العسكرية، تسليط الأضواء مجدداً وبشكل كبير، على خلاف عميق داخل المجتمع الإسرائيلي، حول توزيع عبء الخدمة العسكرية على فئات المجتمع كافة، في ظل رفض المتدينين الحريديم الخدمة في الجيش الإسرائيلي، بحجة أنها تتعارض مع تفرغهم لدراسة التوراة وفق مقولة " توارتهم مهنتهم".
وكتبت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أنه على خلفية العاصفة التي نشبت في "إسرائيل" حول قانون التجنيد، بعد طلب المحكمة العليا من الحكومة شرح سبب عدم تجنيد طلاب المدارس الدينية، قال الحاخام الأكبر إسحاق يوسف في عظته الأسبوعية: "إذا أجبرونا على الذهاب إلى الجيش، فسوف نسافر جميعاً إلى الخارج".
وأضاف: "العلمانيون الذين لا يفهمون هذا، عليهم أن يفهموا أنه من دون التوراة، من دون تعلم التوراة، من دون المدارس الدينية، لن يكون هناك وجود (للإسرائيليين)، ولن يكون هناك نجاح للجيش... الجنود ينجحون بفضل أبناء التوراة. أيها السادة، يجب على الجميع أن يقولوا هذا بفخر. نعم، نحن ننشغل بالتوراة، والتوراة هي التي تحمينا".
كلام الحاخام يوسف ليس جديداً وسط الحريديم، فأبوه، الحاخام الأكبر عوفاديا يوسف، وجّه، في العام 2013، تهديداً مشابهاً، وقال: "نحن نواجه مرسوماً قاسياً، تجنيد أبناء المدارس الدينية، وقد نضطر إلى مغادرة أرض إسرائيل، والسفر إلى الخارج".
بعد كلام يوسف، رص المجتمع الحريدي صفوفه، وذلك بسبب تزايد الضغط عليه من خلال إمكانية إنهاء سياسة الإعفاء الشامل لطلاب المدارس الدينية.
وفي هذا السياق، انبرت صحيفة "يتد نئمان" الحريدية، في إحدى افتتاحياتها، للتصدي بشدة لمسعى تجنيد طلاب المدارس الدينية، وقالت إن "حديثهم الظاهري عن المساواة في العبء هو كلام فارغ وأكاذيب ...للأسف، في هذه المسألة، لا توجد مساواة في العبء، لأن الغالبية العظمى من الجمهور الإسرائيلي لا تدرس التوراة ولا تعيش وفق طرقها".
وتابعت: "على العكس من ذلك، الجمهور الإسرائيلي يتمرغ في الليبرالية التي تقلد بدقة أكثر الأمم دناءة... هذا هو عدم المساواة في العبء، لأن متعلمي التوراة فقط هم الذين يتيحون وجود الشعب اليهودي. لسنا نحن المتهربين من واجب يهودي عمره ثلاثة آلاف سنة، بل هم المتهربون! ليس الأمر أننا نساهم أيضاً، بل نحن فقط من نساهم".
صحيفة "هآرتس"، من جهتها، تعاطت مع الزوبعة التي أثارها يوسف، فانتقدت ليس فقط عدم مشاركة الحريديم في تحمل عبء الخدمة العسكرية، بل لتخلفهم أيضاً عن المشاركة في النشاط الاقتصادي، (كون طلاب العلوم الدينية الحريديم، لا يعملون، ويتقاضون أموالاً شهرية من الحكومة)، بحيث أصبحت مشكلة المساواة في العبء، قضية اجتماعية، بحسب هآرتس.
وأيدت الصحيفة دعوة يوسف لمغادرة الحريديم "إسرائيل"، وقالت إن "العلمانيين لا يمكنهم تشارك دولة مع أشخاص يرون أن أي حرب تخوضها إسرائيل هي حرب دينية، أرادها الرب، وبالتالي تصبح فكرة مغادرتهم أرض إسرائيل، فكرة سخية وجميلة، ومفاجئة، ولفتة كريمة مثيرة للانفعال".
تهديد يوسف للمؤسسة السياسية الإسرائيلية جاء في أكثر الأوقات حساسية، لا سيما على أحزاب الإئتلاف الحكومي الذين ردوا بحذر، فالمعضلة التي وضعت أمام الوزراء إيتمار بن غفير وبتسلائل سموتريتش، كبيرة، إذ سيتعين عليهما الاختيار بين شباب "الصهيونية" الدينيّة الذين يخدمون في الجيش الإسرائيلي، وبين عالم المدارس الدينية. أما في الليكود فتلقفوا تصريحات يوسف بضبط نفس كبير ومثير للدهشة، حسب معلقين إسرائيليين، خشية من تفكك الإئتلاف.
صحيفة "يديعوت أحرونوت" أشارت إلى أن حدث قانون التجنيد هو "حبة بطاطا ملتهبة من غير الواضح كيف يمكن تبريدها حالياً، على الرغم من أن لا أحد في إسرائيل يهتم بصب المزيد من الزيت على هذه النار، وعلى الرغم من محاولة الابتعاد عن الموضوع قدر المستطاع، فإن الحرب الطائفية القديمة بين الحريديم ورجال "الصهيونية" الدينيّة تضع بن غفير وسموترتش على حد سواء أمام واحدة من أصعب معضلاتهما، وربما حتى أمام إختبار حاسم.
ولفتت إلى أنه "في مواجهة نفاد صبر شباب "الصهيونيّة" الدينيّة فيما يتعلق بموازنات المدارس الدينية والخدمة في الجيش الإسرائيلي، سوف يتعين على سموتريتش وبن غفير اختيار في أي جانب يقفان.. أي قرار يتخذانه من شأنه أن يؤدي إلى عواقب سياسية واسعة النطاق".
وأشارت الصحيفة أيضاً إلى أنهم "في حزب الليكود، الحزب الذي يصعب اتهام وزراءه وأعضاءه في الكنيست بالصمت المفرط، اختفوا، أو بالأحرى دخلوا في صمت مدقع، ولم يصدر عن مسؤوليه، وعلى رأسهم نتنياهو أي تعليق".
وحذرت الصحيفة إلى أنه في الشؤون الدينية، يدور الحديث عن برميل متفجرات سياسية، قد ينفجر في أي لحظة، فحزب شاس (الحريدي) ليس بن غفير.
نشر موقع "واللا" الإخباري تقريراً حول خدمة الحريديم في "الجيش" الإسرائيلي، على خلفية احتدام السجال حول الأمر، وأشار إلى أنه مع احتدام النقاش حول قانون التجنيد والمساواة في العبء وتجدد الدعوات لتجنيد الحريديم في "الجيش" الإسرائيلي، الذي واجه منذ بداية الحرب أزمة خطيرة في القوة البشرية، يواصل "الجيش" الإسرائيلي الحفاظ على السرية فيما يتعلق بأعداد تجنيد الحريديم، والتي وفقاً لمصادر عسكرية آخذة في الانخفاض.
وعلى الرغم من ذلك، أكد الموقع أنه وفقاً لتقديرات الجيش، فإن نحو 10 في المائة فقط من الشباب الحريديم يتجندون كل عام. وعرض الموقع بيانات قدمها مسؤولون في "الجيش" الإسرائيلي، أظهرت أنه في العام 2019، تم تجنيد 1,222 حريدي؛ وفي العام 2020، تم تجنيد 1,193 حريدي، وفي العام 2021، تم تجنيد 1,185 حريدي.
ونقل الموقع عن مصدر كبير في الجيش الإسرائيلي قوله إنه على على الرغم من وجود حاجة فورية لقوة بشرية إضافية، إلا أن الجيش الإسرائيلي ليس في عجلة من أمره لاستيعاب الشباب الحريديم، لأن "ميزانية كل مجنّد حريدي أكبر بعدة مرات من ميزانية الجندي النظامي العادي. فهم يتزوجون في عمر مبكر، ولديهم أطفال، وشروط خدمتهم تتطلب من القادة إجراء الكثير من المواءمات (ضوابط دينية)، لذلك، لا توجد حافزية كبيرة في جانب الجيش أيضاً لاستيعابهم".
وتعليقاً على هذه المعطيات، قال المتحدث باسم "الجيش" الإسرائيلي، العميد دانييل هغاري، وفقا لموقع "واللا"، إن "الجيش الإسرائيلي يحتاج إلى نطاق واسع من القوة البشرية من أجل تنفيذ مهامه العملياتية، وعلى خلفية الحرب".
وأشار إلى أن "توسيع دائرة الذين يخدمون من بين مختلف السكان يجعل من الممكن، كقاعدة عامة، تبعاً للاحتياجات العملياتية، دراسة طريقة التشغيل والاحتياجات المتطورة للقوة البشرية. والجيش الإسرائيلي سيعمل وفقاً لتوجيهات المستوى السياسي".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|