عملياً، كل هذه الإجراءات لم تنفع. إذ تبيّن بحسب وزارة المال أن النقص يعود إلى تخلّف مطابع الجيش عن تسليم الكميات المتّفق عليها تبعاً للاتفاق المعقود معها في 3 آذار 2021 لتأمين 150 مليون طابع على مرحلتين تنتهي في منتصف 2022. «لم يتم الالتزام بالجدول الزمني والكميات المطلوبة حيث تم تسليم 67 مليون طابع فقط من أصل 150 مليون طابع» تقول وزارة المال في كتابها إلى مجلس الوزراء. لذا، أجريت تسوية تقضي بخفض الكميات إلى 100 مليون طابع، أي إن ما تبقّى هو 33 مليون طابع تنتهي مهلة تسليمها في آذار 2023. ثم اتفق مجدداً بين الطرفين على تأمين 50 مليون طابع ضمن فترة 6 أشهر، وتسلّمت الوزارة 10 ملايين طابع، لم توضع في التداول بسبب اكتشاف نسخة ثانية يتم التداول بها في طرابلس «ما أدّى إلى توقف الطبع لنحو ثلاثة أشهر». ومنذ نحو شهر ونصف الشهر، وبعد صدور موازنة 2024، سلّمت مديرية الشؤون الجغرافية في الجيش نحو 10 ملايين طابع من فئة الخمسة آلاف ليرة لتبقى الكمية المطلوب طبعها 30 مليون طابع.
في هذا الوقت، كانت مافيات الطوابع تنشط وهي تتألف من جهات (سماسرة) لديها ترخيص بشراء وبيع الطوابع، ومن غير المرخصين. يشتري «المرخصون» كميات من الطوابع لتفريغ السوق منها في موازاة نقص الإصدارات الجديدة، فيتم احتكار المخزون وبيعه بأسعار مضاعفة. ويقرّ الخليل، أن أساس المشكلة يكمن في طبع وتسليم كميات أقلّ بكثير من حاجة السوق، ما سمح «لبعض المرخصين باحتكار سوق الطوابع نتيجة تمكّنهم من الحصول على كميات كبيرة عبر صناديق طوابع المرخصين مباشرة أو عبر استئجار أو استثمار رخص طوابع أخرى بموجب وكالة؛ أو عبر رخص طوابع باسم أشخاص تابعين لهم أو عبر شراء حصص الطوابع الشهرية من مرخصين آخرين». ويضيف، إن أصحاب الرّخص لا يلتزمون بيع الطوابع المالية في محلات البيع وفقاً للرخص المعطاة لهم، كما أنهم لا يلتزمون بيعها بالسعر الرسمي بحجة أن جعالة الـ5% غير عادلة». وهذا الأمر لم يدفع وزير المال إلى «تأديب» التجار عبر سحب رخصهم أو تقديم إخبارات بهم إلى القضاء، بل جمّد 348 رخصة فقط.
يبدو غريباً في هذا السياق عدم مبادرة وزير المالية يوسف خليل إلى اتخاذ أي إجراء لكبح الاحتكار أو احتواء أزمة عمرها سنوات، كما عدم إدراج الموضوع ضمن موازنة 2024. علماً أن موازنة 2022 لحظت قراراً باعتماد الطوابع المالية «نموذج ص 14» التي يمكن تسديد ثمنها في أي شركة لتحويل الأموال. كما تم إقرار الطابع الإلكتروني الذي لم يجر العمل به حتى الساعة وسط تمسّك باعتماد الطوابع الورقية.
17 مليون طابع
هي حاجة السوق الشهرية مقابل توزيع 2 مليون شهرياً بين عامَي 2022 و2023 أو ما مجموعه 48 مليون طابع مقارنة مع 119 مليون طابع وزّعت بين عامَي 2020 و2021 بمعدل 5.3 ملايين طابع شهرياً. وكانت وزارة المال تسلّمت 28 مليون طابع في عام 2023 من ضمنها 10 ملايين طابع سُحبوا من السوق
202 مليون طابع
هو العدد الذي حدّدت مديرية الخزينة في وزارة المال في شهر نيسان 2023 ضرورة توافره في مخازن الوزارة
1345
هو عدد المرخّصين لتوزيع الطوابع في السوق من بينهم 654 رخصة غير فاعلة و348 رخصة مجمّدة، ما يعني أن عدد المرخصين الذين يحتكرون السوق اليوم يبلغ 343 مرخّصاً، وبحسب وزارة المال جرى تسليم 44 مليوناً و850 ألفاً و625 طابعاً لهؤلاء بين عامَي 2022 و2023