الخليج يدفع بحزب الله … عربياً!

حظيت المعلومات الحصرية التي كشفتها هذه الزاوية، أول من أمس الثلاثاء، عن زيارة مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا إلى كل من أبو ظبي وجدّة باهتمام سياسي وديبلوماسي واسع، بالنظر إلى ما لهذا الاختراق الذي سجّله الحزب خليجيا من ارتداد شديد متوقع لبنانيا وعلى مستوى الإقليم، وخصوصا حيث للحزب حضور أو تأثير مباشر مثل العراق وفلسطين وسوريا، ولا سيما عند الحوثيين في اليمن.

بات أكيداً أن زيارتيّ صفا الخليجيتين تم تأسيس قواعدهما في دمشق، برعاية رئاسية سورية وإماراتية وبمشاركة حاسمة على مستوى جهاز الأمن الوطني. وتاليا صار أكيدا أيضا أن ما يتمّ التحضير له يتعدى حكما مسألة إطلاق الموقوفين اللبنانيين في الإمارات العربية المتحدة، إلى ما هو أوسع وأشدّ دهاء. ولا يُخفى أن ثمة مشروعا خليجيا لجعل حزب الله ينخرط في التسويات التي تُعدّ للبقع اللاهبة، وخصوصا في اليمن. والحزب لا يمانع بالتأكيد لعب هذا الدور المتقدّم والرائد الذي يثبّت اعتراف الإقليم به لاعبا رئيسا سياسيا، ربما مقدمة لإقناعه بطرح سلاحه جانبا. ويفترض هذا السيناريو أن يحصل الحزب أيضا على ثمن لبناني تعويضا عن دوره المسلّح ولقاء التخلّي تدريجاً عن السلاح، وهو على الأرجح ثمن يتعدى مكسبا لحظويا كمثل انتخاب الرئيس الذي يريد أو يرتاح إليه، على أهمية هذا الأمر، إلى مكاسب استراتيجية في النظام والتركيبة.

ويفترض أيضا حصول الحزب على هذا الدور التأثيريّ المتقدّم أن ينخرط في مرحلة لاحقة في المشروع التسووي الكبير على مستوى الصراع العربي- الإسرائيلي. وفي ذلك استعادة للسيناريو نفسه الذي يعمل عليه الخليج مع سوريا والرئيس بشار الأسد، وفق المبدأ السوري الشهير "وحدة المسار والمصير"، وإنما وفق معادلة معاكسة لما ظل سائدا حتى سنة ٢٠١١.

تأسيسا على كل هذا، لم يعد مستحيلاً رؤية وفود قيادية من حزب الله تجول بين أبو ظبي والرياض وحيثما يجب، لغرض البحث في العناصر المؤدية إلى نجاح هذا المشروع الجديد على الحزب، والضامن لدور أكثر استدامة باعتراف خليجي ورعاية غير مسبوقة. أما إيران بلا أدنى شك، فستكون أكثر اعتزازا بما استطاع الحزب تحقيقه في السياسة والديبلوماسية والأمن، بعد كل ما حقّق له ولها في الصراع مع إسرائيل.