عنصري... فاشي... رجعي... متخلّف... هذا هو مصير كل من يطالب بعالم افضل...
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
عنصري... فاشي... نازي... رجعي... متخلّف... وغيرها من الصّفات السلبية...
هذا هو مصير كل من يُنادي بالعدالة الاجتماعية، وكل من يسأل عن مصيرها، وعن أسباب عدم توزيع الموارد بشكل عادل على كل أطراف المجتمع، وعن أسباب التغاضي على الفقر، والجوع، وسوء استخدام الثروات... في معظم بلدان العالم، مع الأسف.
لماذا هذا المزج؟
وهذا أمر غريب، يجعل من الحرية والحريات عموماً، والديموقراطية، والليبرالية... وكأنها مفاهيم "صديقة" لكل ما يساهم بإفقار الناس، وتجويعهم، وخلق الأزمات المميتة لهم، سواء كانت اقتصادية، أو اجتماعية، أو تربوية...
فلماذا المزج بين المطالبة بالحقّ، والعدالة، والفرص المتساوية، وبعدم التوحُّش في ممارسة الطبقية من جهة، وبين الفاشية والنازية وكل الإيديولوجيات الرجعية، والسياسات المتخلّفة، من جهة أخرى؟ ومن هو المسؤول عن بشاعة المزج بين الحريات، والديموقراطية، والازدهار، والسلام، والإصلاح... وبين ضرورة الإبقاء على الفقر، والجوع، والمرض، والجهل، وأسباب مختلف أنواع الأزمات والمشاكل والظّلم؟
سوء استخدام
مؤسف حقاً، هو سوء استخدام الرأسمالية، وسوء الفهم العالمي العام لفلسفة ومفهوم المال عبر العصور، وذلك الى أن وصلنا الى اليوم الذي ما عاد فيه لدى أحد سوى الشعارات الطنّانة والرنّانة، في كل ما يتعلّق بالتعبير عن الأزمات والمشاكل، وضرورة إرساء العدالة والحقّ بالحياة للجميع، في المجتمعات كافة.
فحتى في المجتمعات الشيوعية، والاشتراكية... "تزدهر" طبقة من الرأسماليّين الجشعين، ومن أولئك الذين ينتمون الى "نادي الثراء الفاحش"، الذين يعيشون هم وكل من يدور في فلك مصالحهم، ليموت الملايين من البشر. والأنكى من ذلك، هو عندما تستمع الى أحد هؤلاء الأشخاص ينتقدون الرأسمالية، والاقتصاد الحرّ، فيما هم من "أعمدة" التوحُّش في العيش من خلال ممارسات مالية متوحّشة، قد لا نجدها حتى في الدول الليبرالية.
الاقتصاد الحرّ
ومؤسف كثيراً أيضاً، أن صفة الفاشي، والنازي، والرّجعي، والمتخلّف... تطال كل من ينادي بالعدالة الاجتماعية، وبضبط أرباح الشركات... في أفقر أو أضعف بلدان العالم (التي لبنان من بينها أيضاً)، في الوقت الذي يمكننا أن نستمع فيه الى رئيس الولايات المتحدة الأميركية، أو رئيس الحكومة البريطانية، أو أي مسؤول عالمي كبير في دولة تعتمد الاقتصاد الحرّ، يتحدّث عن جشع الشركات، وعن وجوب ضبط أرباحها، ومراقبتها، والحدّ من الأساليب التي تستعملها للغشّ والتلاعُب (لا سيّما في أوان الاستحقاقات الانتخابية). وهو كلام يعترف بضرورة القيام ببعض أنواع التوجيه الاقتصادي، تحقيقاً لهدف تحرير الاقتصاد من الممارسات غير الشرعية، بحجة الحرية، والمبادرة الفردية، والمنافسة.
على حالها...
وبالتالي، غريب جدّاً كيف أن دولاً غربية كبرى تدعو أو تقوم أحياناً بخطوات "توجيه اقتصادي"، فيما يتمسّك بعض من في بلداننا نحن، حيث اللاشيء، بكذبة عدم المساس بهوية اقتصاد حرّ يعلم الجميع أنه غير موجود لدينا أصلاً، وأنه خديعة للإفلات من الملاحقات والعقاب، ولممارسة السرقات الكثيرة.
المصالح المالية هي الأهم لدى الأطراف المُمسكة بخيوط الحكم في أي مكان حول العالم (حتى لو لم تَكُن في السلطة بشكل مباشر)، وهذا أمر معلوم. ولكن لا بدّ من "تحرير" مفاهيم العدالة الاجتماعية، والإصلاح، والحقّ بالحياة، والحرية، والديموقراطية، وحُسن استثمار الموارد، و...، من بعض أنواع الصّبغة الإيديولوجية التي تُستعمَل من "الفاجر لأكل مال التاجر"، أي التي تُستعمَل من قِبَل الذين يقتاتون من الظّلم على هذه الأرض، لتوصيف المُطالبين بعالم أفضل، وأكثر عدلاً، وأقلّ انتهاكاً لحقوق الإنسان، ولشيطنتهم عبر توصيفات تصوّرهم من عشّاق نظريات المؤامرة، وذلك كأقرب وأقصر طريق يُبقي الانتهاكات العالمية على حالها.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|