جنبلاط يضرب من جديد!
لم يستلزم إقناع رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط بتبني ترشيح النائب ميشال معوض لرئاسة الجمهورية الكثير من الوقت والجهد. فالبيك فاجأ من راهن على تموضع جديد مهد له بانفتاحه المستجد على حزب الله يؤسس لسيره بخيارات الحزب الرئاسية. حين حزت المحزوزية واستدعى الامر وحدة الصف المعارض لخوض المعركة الرئاسية كان جنبلاط ممسكا بيد "القوات" و"الكتائب" كما كان الحال في انتخابات نائب رئيس للمجلس النيابي. الفراق القواتي- التقدمي سجل في استحقاقي انتخابات رئاسة المجلس وتكليف رئيس للحكومة، وكان كثيرون يعولون ان ينسحب على انتخابات الرئاسة، الا انه لم يحصل اقله في الجلسة الاولى التي خصصت لهذه الانتخابات. فحتى ولو كانت قوى المعارضة التي تبنت ترشيح معوض غير مقتنعة بأنها قادرة على تأمين وصوله الى قصر بعبدا، فهي تخوض بحسب ما يقول احد النواب "معركة سياسية بعنوان سيادي اولا"، متحدثا عن "هدف سجلته في مرمى الفريق الآخر الذي اكدت الورقة البيضاء انه محرج وان الانقسام سيد الموقف في صفوفه بخلاف ما هو حاصل في صفوفنا".
اصطفاف البيك مجددا في مكانه الطبيعي الى جانب "القوات" و"الكتائب" وباقي القوى التي تعرف ب"السيادية" لا يعني انه قرر ان يكون رأس حربة مجددا بمواجهة حزب الله. فاطلالته التلفزيونية الاخيرة كشفت بوضوح قراره العودة للتموضع من جديد في المكان الذي خلقه لنفسه، ليس في الوسط انما في مسافة اقرب لحلفائه السابقين وبنفس الوقت ليست بعيدة عن حزب الله. وليست المواقف المرتبطة بالحزب التي اطلقها والcredits التي منحه اياه وبخاصة في ملف الترسيم واستخدام الضغط العسكري لتحسين شروط لبنان التفاوضية ، الا بعض الادوات التي يستخدمها وسيواصل استخدامها لترسيخ تموضعه الحالي. اذ يدرك رئيس "التقدمي الاشتراكي" الذي يتابع عن كثب تطورات الحرب الروسية على اوكرانيا وانعكاساتها على اوروبا كما التدهور السريع الحاصل في الوضع الاقتصادي والمالي العالمي انه من الاجدى له الابتعاد عن الاصطفافات الحادة وانتهاج سياسة "اجر بالفلاحة اجر بالبور" التي يبرع بها والتي يفضل القريبون منه استبدالها بالحديث عن مرونته السياسية وموهبته في تدوير الزوايا والتأقلم مع المستجدات سواء الاقليمية، الدولية او المحلية… سواء كانت هذه التسمية او هذا التوصيف او ذاك، بالمختصر هو الدهاء الجنبلاطي عاد يضرب من جديد.
فليس خافيا على احد ان عودة الدور السعودي الى الساحة اللبنانية بعد مرحلة طويلة من الانكفاء، تشكل عنصرا اساسيا في صياغة السياسات الجنبلاطية الحالية. فبعد ان كان حزب الله وحلفاؤه في الاستحقاقات المتتالية يسرحون ويمرحون من دون حسيب او رقيب او اقله من دون قدرة معارضيهم على التأثير او لجم سطوتهم، ما استدعى بوقتها سعي جنبلاط لاعادة مد جسور التواصل مع الحزب، ها هو اليوم يحافظ على هذه الجسور وعلى حد ادنى من التواصل والتنسيق مع قيادة حزب الله، لكن وجهته الراهنة تبقى المحور الذي لا زال ينتمي اليه.
ولا يُقلق هذا التموضع الدقيق بيك المختارة. فهو الذي بدا في مقابلاته التلفزيونية في الاشهر والسنوات الماضية في نوع من الحيرة والارباك تجلت بوضوح في اجوبة متوترة، كان في مقابلته الاخيرة اكثر من مرتاح حتى ان نظرة "الدهاء" التي عُرف بها عادت لتطغى على ملامحه. فقارب ملف حزب الله بحنكة وحسم تماما كما تعاطى مع الاسئلة المرتبطة بالاستحقاقات المقبلة وعلى رأسها رئاسة الجمهورية وتلك المتعلقة بالوضع المالي والاقتصادي بروية وهدوء مقدما اجوبة معدة باتقان وسلاسة.
ولعل المثير في كل ما سبق، هو قدرة رئيس "التقدمي الاشتراكي" على المونة على الحلفاء كما على الخصوم عندما ينفذ احد انقلاباته، فحتى حزب الله بات يتفهم "دورانه الدائم" ورشقاته بين الحين والآخر باتجاه حارة حريك، لا بل بات يتعاطى معها بنوع من المرح..ولعل التعبير الذي استخدمه احد مسؤولي الحزب ضاحكا ردا على موقف معين للبيك هو الابلغ دلالة…"هذا وليد جنبلاط".
الكلمة أونلاين - بولا أسطيح
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|