القوات امتصّت الصدمة: مَن يسعى لاستخدام النزوح وقوداً لمشاريعه؟
لم يعد خافياً على أحد حجم المخاطر الوجودية التي يمثلها النزوح السوري على لبنان، المنهار اقتصادياً، وتلقي جهات داخلية متعددة باللآئمة على هذا النزوح والخسائر التي تكبدها الاقتصاد اللبناني من جرائه.
هذا الخطر يتعاظم مع مرور الوقت بسبب تواصل عمليات النزوح من سوريا إلى لبنان عبر المعابر غير الشرعية، هرباً من الخدمة العسكرية والقبضة الحديدية للنظام السوري وتردّي الاوضاع المعيشية من جهة، وعدم الاستقرار في المناطق الخاضغة لفصائل المعارضة المتعددة الانتماءات الإقليمية والدولية، من جهة أخرى.
هذا الخطر وإن كان يهدد لبنان على المدى المتوسط، إلّا أن خطراً داهماً يهدده راهناً ويتمثل بارتفاع منسوب الجريمة وعمليات الخطف والقتل والسرقة وترويج المخدرات وشبكات الدعارة والعملة المزيفة، وغالباً ما يكون أبطالها من النازحين السوريين، حتى ضاقت بهم السجون باعتراف وزارة الداخلية نفسها إذ يشكلون أكثر من 35% من السجناء في لبنان.
ومع المواقف التي أعلنها الوزير هكتور حجار حول نوايا بدأت تخرج إلى العلن من دول الاتحاد الاوروبي والغرب بتوطين السوريين في لبنان كما الفلسطينيين، وتوقف قوافل العودة الطوعية إلى سوريا، بضغوط خارجية تحت شعار "أي عودة يجب أن تكون آمنة، وهذا الأمان غير متوفر حالياً"، جاءت جريمة خطف وقتل منسق القوات اللبنانية باسكال سليمان لتصبّ الزيت على نار التبرّم الشعبي من الوجود السوري والإنفلاش على كامل الأراضي اللبنانية.
الجريمة التي تُطرح حولها علامات استفهام كثيرة لناحية خلفياتها وأسبابها والجهات التي دفعت للقيام بها أو سهّلت وقوعها، استقرّت عند عامل السرقة وعصابات قنص السيارات لبيعها في الأسواق السورية والعراقية، لكنها تبقى قيد التحقيق، على أمل كشف كل ملابساتها والإجابة على كل سؤال قد يخطر في البال.
ما جرى على طريق الخاربة- لحفد- ميفوق في وسط جبيل أشعل موجة غضبٍ عارمة في الشارع المسيحي لا سيما القواتي الذي يجد نفسه مستهدفاً، من جريمة اغتيال الياس الحصروني ابن بلدة عين إبل الجنوبية، وضياع التحقيق لتحديد الجناة، إلى جريمة اغتيال باسكال سليمان ونقل الجثة إلى منطقة القصير السورية مع الرمزية التي تحملها المنطقتان لناحية السيطرة الأمنية.
ردود الفعل ظهرت بسرعة في الشارع عبر التعديات على عدد من النازحين وطلب ترحيلهم عن لبنان، بالتزامن مع زيارة الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس المتبرّم هو الآخر من غرق الجزيرة المتوسطيّة بأعداد ضخمة من المهاجرين غير الشرعيين من الشواطىء اللبنانية وغالبيتهم من السوريين.
محادثات الزائر القبرصي مع المسؤولين اللبنانيين جاءت كمن يقول "اشكي لي ت إبكي لك"، فلبنان يعيش المعاناة الأكبر منذ العام 2011 بداية الأزمة السورية ويبقى الحلقة الأضعف في الدول المحيطة بسوريا من الأردن إلى العراق وصولاً إلى تركيا، إذ لا مساعدات كافية للبيئة الحاضنة ولا تعويضات اقتصادية عن الأضرار التي ألحقها النزوح بالاقتصاد اللبناني ولا سماح بترحيلهم إلى بلد ثالث لتوطينهم.
ومع تفاعل الشارع المسيحي ضد جريمة اغتيال سليمان، خرج الرئيس نجيب ميقاتي ليعلن عن خطة مهمة لإعادة النازحين لن يكشف فصولها قبل نهاية الشهر الجاري، وقد ذهبت المعلومات باتجاه التوافق مع قبرص على إقناع دول الاتحاد الاوروبي الذي تنتمي إليه الجزيرة الجارة، بتسهيل عودة مؤيدي النظام السوري إلى مناطق سيطرته الآمنة، وعودة المعارضين إلى مناطق سيطرة فصائل المعارضة، فيما أعلن الوزير عصام شرف الدين عن استئناف قوافل العودة بعد عطلة عيد الفطر، مؤكداً أن واجبه يحتم عليه إعادة مليون ونصف مليون سوري إلى ديارهم غير آبه بمواقف مجلس الأمن والغرب.
أي قوافل عودة بالعشرات لن تنفس الاحتقان السائد، وقد كاد الشارع ينزلق إلى الفتنة مجدداً، لولا الكشف السريع عن ظروف الجريمة والدعوات إلى التهدئة وضبط النفس التي أطلقها كل من البطريرك بشارة بطرس الراعي ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، كي لا يتمّ إلباس القوات عباءة التسبب بالفتنة وإغراق لبنان بحمام دم جديد، ينقل الوضع اللبناني برمته من ضفة إلى أخرى ربما يريد ساعون كثر القيام به من دون تلويث أيديهم.
ليبانون فايلز - جاكلين بولس
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|