لهذا السبب العالم في أمس الحاجة إلى استمرار تدفق النفط الروسي
يبدو أن القرار الذي اقترحته إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، والذي وافق عليه الاتحاد الأوروبي يوم الأربعاء، والمتمثل بوضع حد أقصى لسعر النفط الروسي، مبالغ فيه. لكن الأمر يستحق المحاولة لسبب بسيط: إنه أفضل من أي بديل آخر.
وبحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، "إنها قضية حساسة نظراً للمرحلة التي نحن في خضمها، فالعالم بأسره يواجه صدمة طاقة عالمية. وأعلنت أوبك وحلفاؤها يوم الأربعاء أنهم سيخفضون إنتاج النفط، على الرغم من مناشدات إدارة بايدن، الأمر الذي من المرجح أن يؤدي إلى ارتفاع في أسعار الغاز. إن "تسقيف السعر" يهدف أيضاً إلى معالجة الحظر الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على تأمين السفن التي تنقل النفط الروسي، والذي من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ في كانون الأول، والذي كان من شأنه أن يضع حدًا صارمًا لمعظم الصادرات الروسية. كما سيؤدي إلى تعديل حظر التأمين، مما يوفر صمام تنفيس تشتد الحاجة إليه لمواجهة صدمة العرض المتوقعة. والمخطط العام يتمثل بالسماح لشركات التأمين والشاحنين والممولين الغربيين بمواصلة تسهيل تصدير النفط الروسي حول العالم شرط ألا يتخطى السقف السعري والذي يتراوح ما بين 40 و60 دولاراً للبرميل للنفط الخام. إن الفكرة ذات شقين: الحفاظ على تدفق النفط الروسي إلى الأسواق العالمية مع تقليل كمية الإيرادات التي تغذي آلة الحرب التي يقودها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين".
وتابعت الصحيفة، "لماذا نريد استمرار تدفق النفط الروسي على الإطلاق؟ حسنًا، للأسف، لأننا نحتاجه. والحقيقة القاسية هي أن الاقتصاد العالمي يترنح على حافة الركود، خاصة في أوروبا. إن انسحاب صادرات النفط الروسية من شأنه أن يخلق صدمة في إمدادات الطاقة لن تؤدي فقط إلى تفاقم الضائقة الاقتصادية، بل ستؤدي أيضًا إلى تقويض الوحدة الغربية ضد حرب روسيا في أوكرانيا. من شأن هذا أن يساعد في تفسير سبب دعم الأوكرانيين لتسقيف الأسعار: فهو سيضر بعائدات النفط الروسية دون أن يودي بالاقتصاد العالمي إلى حالة من الانهيار. ومع ذلك، فإن فكرة تحديد سقف سعري لا تزال تواجه بعض العقبات الخطيرة. سيكون التنفيذ معقداً. فقد يحاول المشترون مثل الصين والهند وتركيا الالتفاف حول القرار من خلال الحصول على خدمات تأمين الشحن غير الغربي أو عن طريق إبرام الصفقات الجانبية للدفع للروس بشكل غير مباشر. كما وقد يلجأ مستوردو النفط أيضًا إلى استخدام أكثر الطرق فساداً والبحث عن الريع. وربما الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن روسيا قد تغلق بعض صادراتها النفطية البحرية احتجاجًا على ذلك".
وأضافت الصحيفة، "ولكن هناك أسباب للاعتقاد بأنه لن يكون من السهل على روسيا الالتفاف حول هذا القرار. نعم، ستجد روسيا طرقًا لتصدير بعض نفطها عبر ناقلات سرية، وستستخدم الصين ناقلاتها وتأمينها الخاص، متجنبة الخدمات الغربية. ونعم، قد تكون بعض الدول على استعداد لقبول أشكال بديلة للتأمين من تطوير روسيا ودول أخرى. لكن اعتماد روسيا الواسع على المزودين الغربيين سيكون من الصعب استبداله. على سبيل المثال، يقدّر معهد التمويل الدولي أن ناقلات النفط اليونانية وحدها استحوذت على 55 في المائة من الطاقة التي تغادر روسيا بين آذار وآب. علاوة على ذلك، يتم شحن حوالى نصف صادرات النفط الخام البحري الروسي من موانئ روسيا في البلطيق أو القطب الشمالي، مروراً بالمضيق الدنماركي أو مضيق جبل طارق وغالبًا ما يتجه عبر البحر الأبيض المتوسط وقناة السويس إلى وجهات مثل الهند. إن القيام بهذه الرحلة الطويلة بدون الخدمات الغربية سيكون صعبًا للغاية. بالإضافة إلى ذلك، حتى إذا وجدت روسيا طريقة للتغلب على وضع حد أقصى لسعر معظم صادراتها، فإن وجود هذا السقف يمنح المفاوضين في الصين والهند وتركيا والأسواق الناشئة الأخرى نفوذًا كبيرًا لتخفيض الأسعار. لقد بدأنا بالفعل في رؤية هذه الديناميكية تلعب دورها، على سبيل المثال، في مفاوضات العقود الطويلة الأجل الأخيرة بين روسيا وإندونيسيا وغيرها. وبهذا المعنى، فإن السياسة "تعمل" بالفعل".
وبحسب الصحيفة، "أخيرًا، من غير المرجح أن تحتج روسيا على هذا القرار، لسبب واحد، يحتاج بوتين إلى الإيرادات حتى لو كانت بسعر أقل. اعتمدت روسيا تقليديًا على صادرات النفط والغاز في 45 في المائة من إيرادات ميزانيتها الفيدرالية، مع عائدات للنفط تصل إلى ثلاثة أضعاف من عائدات الغاز. لم يتعزز هذا الاعتماد على النفط إلا بقرار الكرملين بوقف إمدادات الغاز عن أوروبا وزيادة الإنفاق العسكري على التعبئة والتصعيد في أوكرانيا. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لروسيا أن تضعف قدرتها الإنتاجية على المدى الطويل إذا أغلقت ملايين البراميل يوميًا. المخزون الروسي محدود وممتلئ بالفعل في الغالب. ليس من السهل تشغيل وإيقاف آبار النفط، لا سيما في سيبيريا وشمال روسيا، حيث يمكن أن يؤدي هذا التوقف إلى تجميد وإلحاق الضرر بالبنية التحتية. (لقد أغلقت البلاد ما يقرب من مليوني برميل يوميًا من الإنتاج خلال الوباء، ولكن قد يكون من الصعب تكرار ذلك بعد إعادة الإنتاج إلى مستويات ما قبل الفيروس في النهاية)".
وختمت الصحيفة، "خلاصة القول هي أنه في الوقت الذي تصبح فيه الغيوم الاقتصادية مظلمة، نحتاج إلى تجنب حدوث صدمة غير ضرورية في إمدادات النفط. تتجه أوروبا إلى شتاء قاسٍ، مع ارتفاع أسعار الغاز والكهرباء وفي ظل ركود يلوح في الأفق. حتى لو بدا الأمر مقيتًا، فإن إيجاد طريقة للحفاظ على تدفق النفط الروسي - ولكن بسعر مخفض - قد يكون ضروريًا لتعزيز الوحدة الغربية ودعم أوكرانيا. سقف السعر المقترح هو أفضل خيار لدينا".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|