إيران... أمبراطورية فارسية دخلت الإسلام بالفتح وجمعت المسلمين للحرب؟؟؟...
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
بمعزل عن سلوكيات النظام الإيراني الحالي داخل بلاده وخارجها، وعن لوائح صداقاته أو "عداواته" في المنطقة العربية والعالم، تحتفظ إيران بمكانة خاصّة تميّزها عن كل باقي دول الخليج.
تحالفات...
فهي أمبراطورية فارسية لعبت دوراً كبيراً في العصور القديمة، والأمبراطورية الفارسية التي دخلت الإسلام بالفتح، والتي وصلت الى حدّ أصبحت فيه دولة إسلامية تتجمّع فيها قضايا المسلمين الدنيوية والأخروية، ودولة إسلامية متقدّمة في الحرب على اليهود (في الظاهر على الأقلّ).
وإيران الفارسية هي إسلامية أيضاً. ولكن دولة إسلامية تدعو الإتحاد السوفياتي الشيوعي الى الإسلام (كما حصل في عام 1989 في رسالة الإمام الخميني للرئيس السوفياتي الراحل ميخائيل غورباتشوف)، وتتحالف معه (ومع روسيا من بعده) ضد الغرب، في آنٍ معاً، بما يصل الى حدّ التعاون النووي. ودولة إسلامية تتحالف مع الصين الشيوعية، و"النيو - شيوعية"، ومع كوريا الشمالية، رغم أن لا جامع إيديولوجيّاً بينهم. والدولة الإسلامية الحليفة والصديقة لتيارات وأنظمة ونزعات غربية يسارية وثورية، وذلك رغم نموذجها "الثوري" البعيد كلّ البُعد منهم.
وهي الدولة الإسلامية التي تدافع عن فلسطين، والتي تدعو الى تدمير إسرائيل وإزالتها من الوجود، بموازاة عدم بذلها أي مجهود لتحقيق أو تسهيل الوحدة الفلسطينية - الفلسطينية، تحقيقاً لقيام دولة فلسطينية فعلية وقوية.
العقوبات
وإيران هي الأمبراطورية الفارسية التي نجحت في جذب المسلمين حول العالم أكثر من مرة، وخلال أكثر من حقبة، بخطابها الأخروي، وبتحقيق الوحدة الإسلامية، وبمحاربة الصهيونية.
وهي الدولة التي تدعو أميركا "الشيطان الأكبر"، والتي تنال حصّة كبرى من العقوبات الأميركية، جنباً الى جنب زيادة تدفّقاتها النفطية ومختلف أنواع تجارتها في الأسواق، بـ "قبّة باط" أميركية.
وهي الدولة التي تحارب "الناتو" والغرب مع روسيا في أوكرانيا، والتي تُسلَّم بعض أسلحتها المُصادَرَة أميركيّاً للأوكرانيين ليقصفوا بواسطتها الروس. والدولة (إيران) التي تهدّد أميركا وأوروبا وتدعو الى طرد الجيش الأميركي من المنطقة، فيما هي ترعى الكثير من الاتفاقيات والصّفقات الأميركية والغربية الكبرى، سواء في العراق، أو في غيره من دول المنطقة.
الصحوة الإسلامية
أوضح الكاتب والمحلّل السياسي علي الأمين أن "الانتماء القومي والعرقي يختلف عن الانتماء الديني. ويمكن للمُسلم أن يكون إيرانيّاً، أو عربيّاً، أو أندونيسيّاً، أو أفريقيّاً، أو غير ذلك، وأن يفتخر بالقومية والحضارة التي وُلِد فيها، وأن يكون مُسلِماً في وقت واحد. وهذا لا يتعارض مع ذاك. الانتماء القومي موجود في إيران، بقوميات متعدّدة هناك أكبرها الفارسية، بموازاة الانتماء العقائدي والديني الإسلامي الشيعي بأكثريته. فالدولة الإيرانية قديمة في التاريخ، وهويتها القومية متجذّرة فيها. وبالتالي، الاحتفالات الإيرانية ذات الطابع الفارسي والقومي لا علاقة لها بالدين الإسلامي، ولا تتناقض مع أن تكون إيران دولة إسلامية".
وشرح في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أنه "عندما انطلقت "الثورة الإسلامية" في إيران، برز لديها شعار "لا شرقية ولا غربية". وقدّم الإيرانيون أنفسهم آنذاك على أساس أنهم ضدّ الشيوعية وضدّ الرأسمالية الليبرالية. وتحدّثوا عن مشروع ثالث لديهم، اسمه الجمهورية الإسلامية. وفي بدايات الثورة، لم يكونوا أصدقاء للشيوعية، وكان الإتحاد السوفياتي أكثر الدول الداعمة للعراق عسكريّاً عندما اندلعت الحرب الإيرانية - العراقية. كما احتلّ السوفيات أفغانستان بعد الثورة الإسلامية في إيران، بسبب بَدْء آثار تأثير تلك الثورة على الشعوب الإسلامية بشكل عام في أكثر من مكان، وبشكل أساسي على السُنَّة في ذلك الوقت. فالثورة الإيرانية عام 1979 أطلقت العنان للتداول بمصطلحات في العالم الإسلامي، مثل الصحوة الإسلامية".
مشروع...
وأشار الأمين الى أن "الإيرانيين عبّروا عن مشروع إيديولوجي ديني هو أقرب الى نموذج إسلامي على المستوى الاقتصادي والسياسي، بموازاة الرأسمالية والاشتراكية، ولكن تعميمه لم ينجح".
وأضاف:"الدولة الإيرانية هي دولة الشعب الإيراني التي تمثّل مصالح الإيرانيين. والنظام الإيراني يستخدم الأدوات المُناسِبَة لحكمه. فإذا كان العنوان الإسلامي، أو عنوان فلسطين، الأداة التي تفتح له الأبواب، يستعمله ليدخل الى دول المنطقة. وإذا كان العنوان الشيعي يفتح له الأبواب، يستعمله. وإذا كان العنوان القومي الأداة اللازمة، يستعمله. فإيران هي دولة الإيرانيين التي تؤمن بالإسلام، والتي تمثّل مشروعاً إسلامياً. ولكنه مشروع يخدم مشروع الدولة الإيرانية، والقومية الإيرانية، والشعب الإيراني".
المصالح
ولفت الأمين الى أن "شاه إيران كان يتطلع الى الخارج كما النظام الإيراني الحالي. ولكنه (الشاه) ما كان قادراً على النجاح بتوسيع نفوذه الخارجي في العراق والخليج ودول المنطقة، لأنه كان يمثّل القومية الفارسية. ولكن النظام الحالي قادر على ذلك، لأنه أخذ فلسطين والعنوان الإسلامي الذي يسمح له بالتمدُّد في الدول الإسلامية الأخرى في المنطقة".
وتابع:"في النهاية، وسواء كانت إيران دولة إسلامية أو لا، فهي تتعامل مع الدول الأخرى بنظام المصالح. ومن لا يفهم بالمصالح بل بالإيديولوجيا، تتعاطى معه على هذا الأساس، ومن هنا يأتي الخطاب الديني المرتبط بفلسطين. فمع السُنّي تتحدث (إيران) عن الوحدة الإسلامية، ومع الشيعي عن تقوية الشيعة في المنطقة، وعن حروب في سوريا والمنطقة دفاعاً عن المقدّسات الشيعية. كما يمكن أن نجدها (إيران) تتحدث عن "المشرقيّة" مع أقليات المنطقة، وذلك رغم أنها (المشرقية) مشروع مُناهض للسُنّة الذين تحدّثهم طهران عن الوحدة الإسلامية. فعنوان المصالح هو الأساسي لدى إيران".
ضرب إسرائيل
وأكد الأمين أن "هناك علاقة أساسية بين إيران والولايات المتحدة الأميركية، وهي علاقة مركّبة وعميقة. وبلعبة السياسة، يمكن لأميركا ان تكون "الشيطان الأكبر"، بموازاة تجاوز الخطاب الإيديولوجي في مرّات أخرى، بحسب المصلحة. فلعبة المصالح هي التي تقرّر مدى الاقتراب من أميركا، أو روسيا، أو الصين، أو أوروبا".
وختم:"تسعى إيران لتحقيق مصالحها أكثر من مصالح أي طرف حليف لها. فعلى سبيل المثال، لم يحرّك سقوط الدماء في غزة طهران على مدى أشهر لتضرب إسرائيل، بل قصف قنصليتها في دمشق. وهذه صورة تُظهر كيف أن الإيديولوجيا والحديث عن القدس و"فيلق القدس" هي عناوين تقع ضمن إطار المصالح أيضاً".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|