محليات

"سجال" بري وجعجع.. أبعد من الفدرالية والانتخابات البلدية!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

على "هامش" الاشتعال الذي تشهده المنطقة، التي لا تزال تعيش "وطأة" الحرب الإسرائيلية على غزة، وما تفرّع عنها من "جبهات ملتهبة"، وصولاً إلى "المواجهة" المباشرة وغير المسبوقة بين إيران وإسرائيل، انشغل اللبنانيون في الأيام القليلة الماضية، بسجالٍ من نوع آخر، بين رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، انطلق من ملفّ الانتخابات البلدية، لكنّه وصل في "العمق" إلى نقاش الفدرالية.
 
فقبيل إدراج بند التمديد للمجالس البلدية والاختيارية على جدول أعمال الجلسة التشريعية المزمع عقدها الأسبوع المقبل، بموجب الاجتماع الذي عقدته هيئة مكتب مجلس النواب، حذر رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ممّا وصفها بأنّها "جريمة إضافية بحق لبنان واللبنانيين يرتكبها كل من يساهم في التمديد مرة ثالثة للبلديات"، داعيًا إلى إجراء الاستحقاق في موعده، مع استثناء المناطق التي تشهد عمليات عسكرية متواصلة في الجنوب.
 
لكنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري سارع إلى الردّ على جعجع، واضعًا كلامه في خانة "الفدرالية"، ومشدّدًا على رفض "فصل الجنوب عن لبنان"، وبالتالي على أنّه "لن تحصل انتخابات بلدية من دون الجنوب"، لتكرّ سبحة "الردود والردود على الردود"، في مشهد بدا الهدف منه، القفز فوق "العنوان الأساسي"، فكيف يمكن قراءة هذا السجال المتجدّد بين الرجلين؟ وهل الخلاف بينهما قائم على "المبدأ" من الانتخابات البلدية فعلاً؟!
 
الموقف من الانتخابات البلدية
 
ليس خافيًا على أحد أنّ موضوع الانتخابات البلدية، التي يبدو أنّ أمر تأجيلها قد حُسِم برلمانيًا، شكّل "العنوان الأساسي" للسجال بين كلّ من جعجع وبري، مع ما يمثّله كلٌ من الطرفين، وذلك بالنظر إلى "تباعد الموقف" بين الجانبين، ولو أنّ هناك من يعتبر أنّ الأمر لا يعدو كونه "مزايدات"، باعتبار أنّ القوى التي تنادي بإجراء الانتخابات سلّمت بتأجيلها قبل غيرها، بدليل أن أيّ ماكينة انتخابية لم تتحرك قبل أيام فقط من الموعد المفترض للاستحقاق.
 
فبالنسبة إلى جعجع، المتَّهَم من خصومه بـ"استثمار" ملف الانتخابات البلدية للمزايدة، خصوصًا في الساحة المسيحية، القصّة قصّة "مبدأ" بالدرجة الأولى، فالتمديد الحاليّ هو الثالث من نوعه، وليس الأول، حتى يُقال إنّ الوضع الاستثنائي في الجنوب قد فرضه، فضلاً عن أنّ هناك "سوابق" تتيح تأجيل الانتخابات في بعض المناطق، ولا سيما أنّ ما يسري على الانتخابات النيابية لجهة ضرورة حصولها في وقت واحد في كل لبنان، لا ينطبق على الانتخابات البلدية.

 
في المقابل، يتشدّد "الثنائي الشيعي" في رفض إجراء الانتخابات البلدية من دون الجنوب، للعديد من الأسباب والاعتبارات، من بينها رفضه تكريس فكرة "الفصل"، ولو وُجِدت سوابق، بظروف مختلفة في الشكل والمضمون، علمًا أنّ ما تركته "جبهة الإسناد" في جنوب لبنان من انطباعات لدى الجنوبيين بأنّهم "متروكون لمصيرهم"، وهم يواجهون حربًا لا تعني "نظراءهم في المواطنية"، لعبت دورها في هذا الموقف "المتصلّب"، إن جاز التعبير.
 
قصّة "مبدأ"
 
عمومًا، وبمعزل عن المواقف المُعلَنة من ملف الانتخابات البلدية، والذي يقول العارفون إنّ "المزايدات" واضحة على خطّه، ولا سيما أنّ ما يُحكى عن "تواطؤ ضمني" على تأجيل الاستحقاق بين جميع الفرقاء يبدو أكثر من "واقعي"، فإنّ الثابت أنّ السجال المتجدّد بين بري وجعجع يبقى "أبعد" من ملف الانتخابات البلدية "غير الخلافي" في العمق، وهو يتّصل في مكان ما بتراكمات "سلبية" على خط العلاقة بين الجانبين.
 
في هذا السياق، يشير العارفون إلى أنّ الانتخابات البلدية تبقى "تفصيلاً" في سياق هذه العلاقة المتوتّرة، وإن كان المحسوبون على رئيس مجلس النواب يعبّرون عن "امتعاض" من أسلوب "المزايدات" الذي يُعتمَد على خطّ هذا الاستحقاق، وكأنّ "الثنائي الشيعي" مثلاً يريد التمديد لغايات خاصة، أو كأنّ الظروف تتيح إجراء الاستحقاق لكنّه يعطّله، في حين أنّ الوقائع تؤكد أنّ "الثنائي" قد يكون "أقلّ المتضرّرين" من حصول الانتخابات اليوم.

 
ولعلّ هذه "التراكمات" التي وصلت إلى ذروتها بعد حادثة مقتل منسّق حزب "القوات" في جبيل قبل فترة، والخطاب "الطائفي" الذي ولّدته، تجد "منشأها" في الموقف من الاستحقاق الرئاسي، بل تحديدًا في "الفيتو" الذي يضعه جعجع على مبادرة الرئيس نبيه بري الحواريّة، علمًا أنّ هناك من يذهب لحدّ اعتبار "انفتاح" بري على رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير السابق جبران باسيل، ولو بقي "نسبيًا"، في إطار "المناكدة" مع جعجع بالمقام الأول.
 
بمعزل عن الأسباب الموجبة للانتخابات البلدية، التي قد تبدو مقنعة لشريحة من اللبنانيين، وواهية لشريحة أخرى، فإنّ مبدأ التمديد للمجالس البلدية والاختيارية، التي تبقى بمعظمها إما مشلولة أو عاجزة، لا يفترض أن يكون مريحًا لأحد، في بلد بات الكثيرون يعتبرون أنه يفتقد لمقوّمات الديمقراطية، وهو القابع تحت فراغ رئاسي منذ أشهر. ولكنّ الأكيد أنّ ما هو "نافر" أكثر، يبقى أن تتحوّل مثل هذه "البديهيات" إلى مواد للمزايدات وتسجيل النقاط، لا أكثر!

 

شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا