لهذه الأسباب طار اجتماع "لجنة الإتصال الوزارية العربية" من أجل سوريا
كشفت مصادر ديبلوماسية عربية لـ"المركزية" أن الجهود التي بذلت في الفترة الأخيرة لإحياء مهمة "لجنة الاتصال الوزارية العربية" الخماسية + سوريا التي شكلتها القمة العربية الاستثنائية الثانية والثلاثين التي عقدت في الرياض في 19 أيار العام الماضي 2023 من أجل ترتيب عودة سوريا إلى محيطها العربي وملف النازحين السوريين في دول الجوار السوري ووقف تصدير المخدرات إلى الخليج العربي وافريقيا قد باءت بالفشل، وانتهت الاتصالات التي أجريت بين أعضائها إلى إلغاء الاجتماع الذي كان مقررا عقده في الثامن من أيار الجاري في العاصمة العراقية بغداد، وذلك تمهيداً للتحضيرات الجارية عشية القمة العربية بدورتها السنوية الثالثة والثلاثين المقرر عقدها في 16 أيار الجاري في العاصمة البحرينية المنامة.
وقالت المصادر إن الاتصالات التي كانت قد أدت إلى حسم الموعد المبدئي لاجتماع اللجنة بعد أيام قليلة في بغداد كانت تراهن لتثبيته على مضمون تقرير يعده وزير الخارجية الاردنية أيمن الصفدي الذي تولى ما يشبه أمانة سر اللجنة بتكليف من أعضائها منذ تشكيلها بعدما قام بأكثر من زيارة إلى دمشق أكثر من مرة وعقد أكثر من لقاء مع الرئيس السوري بشار الأسد ونظيره فيصل المقداد إلى أن جاء بمضمونه السلبي، ناصحا بعدم الحاجة إلى عقد اللقاء فطار الموعد ولم يتم الاتفاق على أي لقاء آخر قبل موعد القمة، حيث من المتوقع أن يلتقي أعضاؤها عشية القمة وتحديدا في الاجتماع المقرر لوزراء الدول العربية المتخصصين ولا سيما على مستوى وزراء الخارجية في الرابع عشر والخامس عشر من أيار المقبل أي عشية انعقاد القمة في السادس عشر منه.
على هذه الخلفيات تحدثت المراجع الديبلوماسية التي واكبت المراحل التي رافقت أعمال اللجنة بعد مرور عام وثلاثة أشهر على تشكيلها انها لم تكن مجدية ولم تنفذ أي من الخطط التي رسمتها ولا سيما تلك التي وضعتها على لائحة أولوياتها، بعدما اقتصرت مهمتها طيلة هذه الفترة على عقد لقاءين في القاهرة وعمان والقيام بزيارة يتيمة الى دمشق لمرة واحدة ولم تتكرر. وبقيت الأمور رهن المشاورات الجانبية مع سوريا ولا سيما على مستوى وزيري خارجية الأردن الذي زار دمشق أكثر من مرة والتقى الرئيس الأسد ونظيره المقداد ولبنان الذي زارها الوزير عبدالله بو حبيب مرة واحدة في 23 تشرين الأول العام الماضي على رأس وفد ديبلوماسي وعسكري وامني وقضائي ضم كلا من المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء إلياس البيسري، الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء الركن محمد المصطفى، القائم بأعمال سفارة لبنان في دمشق طلال ضاهر، مدير مكتب الوزير وليد حيدر، القاضي غسان الخوري من وزارة العدل والعميد مرشد سليمان من المديرية العامة للأمن العام.
ولما لم تنته أي من الزيارات اللبنانية والاردنية الى أي خطوة عملية، فقد بقيت القرارات التي اتخذت حبرا على ورق. فاللجان المشتركة التي شكلها الصفدي وبو حبيب ونظيرهما السوري لم تلتئم، وإن فعلت فلم يعلن عن أي قرار اتخذ وخصوصا انها كانت قد كلفت بحلحلة بعض العقد المتشابهة والموحدة التي يعاني منها كل من الأردن ولبنان ولاسيما منها المتصلة بوقف تهريب الكبتاغون والمخدرات على أنواعها ومنع استخدام الاراضي ومرافق البلدين كمعبر إلى دول الخليج العربي وأفريقيا بعد أن تكررت شكاوى السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت من صفقات الشاي والليمون والرمان والشوكولا المخدرة، إلى درجة تعرض خلالها لبنان لمجموعة من العقوبات السعودية والخليجية ما زال يعاني منها حتى اليوم. والأمر انسحب ايضا إلى ملفات أخرى منها وقف موجات النزوح غير الشرعي وتبادل المحكومين وضبط الحدود اللبنانية – السورية والاردنية بالوسائل المباشرة وغير المباشرة.
وعلى غرار ما انتهت إليه الجهود اللبنانية والأردنية من فشل ذريع وتهرب من تنفيذ دمشق لأي من تعهداتها، لم تلتئم اللجنة الوزارية سوى مرتين أولاها في الخامس عشر من شباط 2023 في القاهرة بمشاركة كامل أعضائها، في محاولة جدية وصفت بأنها من أجل التحرّك جماعيا وليس على مستوى افرادي سعيا إلى توجيه "رسالة قوية وايجابية إلى الغرب" تحت عنوان "الإسراع في معالجة الأزمة السورية، ورفع العقوبات عن دمشق متى التزمت بتعهداتها التي قطعها الرئيس الاسد" وهو العائد حديثا إلى الحضن العربي في قمة الرياض قبل أيام قليلة وخصوصا تلك "المتعلقة بوقف تهريب المخدرات وتعميمها على الدول العربية والاوروبية" مقابل مساعدات سنوية بدأت بأربعة مليارات دولار، حددت على أساس أنها تساوي مدخولها السنوي من تجارة وتصدير المخدرات".
أما الاجتماع الثاني الذي عقد في عمان بعد أربعة أشهر فلم يفض إلى أي نتيجة، وقالت المصادر الديبلوماسية عينها إن الإتصالات الاخيرة راهنت على اجتماع بغداد قبل أن يتلقى اعضاؤها ما لا يشجع على عقده، فتعددت التقارير السلبية التي تحدثت عن عدم قيام السلطات السورية بأي من الخطوات التي تعهدت ووعدت بها على جميع المستويات الامنية والادارية والتقنية ولا سيما ما يتعلق منها بتهريب المخدرات وما تسببت به اعمال نقلها بطائرات الدرون في الاجواء الاردنية أكثر من مرة والتي تم اسقاطها قبل أن تصل إلى أهدافها، كما عبر المرافئ والمرافق العراقية واللبنانية واستخدمت فيها وسائل متعددة أدت في النتيجة الى بروز توصية اردنية بإلغاء الاجتماع وتجاوب الأطراف الأربعة الآخرين، لبنان والسعودية العراق ومصر معها ايجابا.
وقبل أن يعلن عن إلغاء الاجتماع، كان وفد أمني عراقي برئاسة مدير عام مكافحة المخدرات في وزارة الداخلية اللواء أحمد الزركاني قد زار دمشق نهاية نيسان الماضي من أجل ما سمي "إغلاق الثغرات في ما يتعلق بتهريب المخدرات" من أراضيها إلى دول الجوار ومناقشة ما يمكن القيام به مع نظيره مسؤول إدارة مكافحة المخدرات في سوريا. كما التقى وزير الداخلية السوري اللواء محمد الرحمون "لتعميق التعاون بين البلدين الشقيقين للقضاء على ظاهرة تهريب المخدرات والقبض على المجرمين، والتعاون الأمني العالي المستوى لتحقيق التعاون الأمثل" ولكن كل ذلك لم ينته الى اي توصية تتحدث عن تقدم ملموس يشجع على مضي اللجنة في مهمتها.
وبناءً على ما تقدّم، فإن الحديث بأن العدوان الاسرائيلي على غزة وما يجري على الساحة الجنوبية اللبنانية قد أدى إلى تعطيل أعمالها، فإن المصادر الديبلوماسية حسمت هذه الأجواء وقالت إن كل هذه العمليات لم تحل دون تكرار المحاولات الاردنية في تشرين الماضي تجاه سوريا ولا حالت دون الزيارة التي قام بها لبنان أيضا والتي لم تنته إلى ما يشجع على مناقشة ما هو مطروح من اقتراحات وصفت بأنها ايجابية من الجانب السوري فقط دون غيره في أعقاب اللقاء الذي جمع المقداد ببن فرحان ابان زيارته إلى الرياض قبل فترة قصيرة والذي أكد "جاهزية النظام السوري لحضور هذا الاجتماع"، ذلك أن ما رافقه من "اهتمام سعودي كبير" ما لبث ان تبخر بسرعة في الأيام الماضية فطار الاجتماع وكل ما هو مطروح على جدول أعماله إلى أجل غير مُسمّى.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|