الصحافة

بعد الدوحة.. هل تستضيف إيران قيادات “الحركة” في لبنان

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

منذ أن أعلنت الدوحة في 17 نيسان الماضي استياءها من انتقادات وُجّهت لها من منابر أميركية بشأن دورها في المفاوضات بشأن صفقة في غزّة، ومنذ أن كشفت الصحافة الأميركية قبل ذلك عن ضغوط مارسها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن على الدوحة بشأن ضرورة وقف قطر لاستضافة قيادات “حماس” واستجابة نظيره القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني لهذا الاحتمال وفق المزاعم الأميركية، سال حبر كثير بشأن قرب مغادرة المكتب السياسي لـ “حماس” قطر، وصدرت تكهّنات كثيرة بشأن وجهة هذه القيادات المقبلة.

 

تواكَب ذلك مع ظهور دور تركيّ جديد قيل إنّه بطلب أميركي ليكون محاوراً لـ “حماس” ويمارس نفوذه عليها، وقد يكون مكمّلاً أو بديلاً عن الدور القطري. فقد انتزع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في الدوحة، وعلى نحو لافت إثر لقائه بقيادات “حماس” في 17 نيسان، موقفاً لافتاً للحركة يتعهّد بوقف عمل الجناح العسكري في حال قيام دولة فلسطينية. وقد أعادت منابر “حماس” تأكيد هذا المنحى، لا سيّما بعد استقبال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في إسطنبول في 20 نيسان، إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي للحركة، ووفداً من كبار القيادات في الحركة.

على خطى هذا التطوّر، القطري والتركي، جرى الحديث عن اتّصالات تجريها حماس مع عدّة عواصم عربية، منها مسقط والجزائر، لاستكشاف إمكانية انتقال قياداتها إليها. ونشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أنباء في هذا الشأن نفتها “حماس”، ثمّ نفت لاحقاً وجود أسباب لمغادرة قطر أو ممارسة الدوحة ضغوطاً بهذا الاتجاه، وبالمقابل لم يصدر عن الدوحة ما يشي بهذه الأجواء.

على الرغم من إنكار قيادات “حماس” وجود مبرّرات تدعو إلى البحث عن ملاذات جديدة لقياداتها، وبالنظر إلى تأكيد وزير الخارجية التركي أن لا خطط لاستضافة قيادات الحركة في تركيا، فإنّ القيادي الحمساوي، موسى أبو مرزوق، الذي استبعد أيضاً سيناريو مغادرة قطر، اعتبر أنّه في حال حصول ذلك واضطرار القيادات إلى مغادرة الدوحة، فإنّ وجهتها الطبيعية هي الأردن، وهو ما أثار ردود فعل شاجبة في عمّان.

تكشف بعض المعلومات أنّ طهران استاءت من مصادرة القاهرة والدوحة لدورها في غزّة من خلال الإمساك بملفّ المفاوضات حصرياً

حماس لن تذهب إلى إيران

اللافت أنّ كلّ ما صدر من معلومات صادقة أو مغرضة أو مشفّرة، فلسطينياً وعربياً وغربياً، لم يطرح إمكانية لجوء قيادات حماس في قطر إلى إيران. ولم يصدر عن الحركة أو طهران أو أيّ منبر تابع لـ”محور الممانعة” أيّ تلميح بشأن هذا الاحتمال، على الرغم من أنّه احتمال منطقي بالنظر إلى علاقات إيران مع الحركة وإلى الزيارات التي قام بها هنيّة وقيادات أخرى لطهران قبل وبعد عملية “طوفان الأقصى”.

غير أنّ معطيات أخرى بدأت تتحدّث عن أنّ احتضان إيران لقيادات الحركة، بما فيها قيادات الصف الثاني أيضاً، السياسيين والعسكريين، بات وارداً. وتكشف بعض المعلومات أنّ طهران استاءت من مصادرة القاهرة والدوحة لدورها في غزّة من خلال الإمساك بملفّ المفاوضات حصرياً، ومن خلال تشكيلهما بيئة حاضنة لحركة قيادات المكتب السياسي ورعاية تواصلها مع الحركة في غزّة بقيادة يحيى السنوار. كما استاءت طهران من إقصائها عن لعب دور في مستقبل غزّة ومستقبل التسوية المحتملة على الرغم من استثماراتها العسكرية والماليّة والعقائدية في هذا الملفّ منذ أكثر من ثلاثة عقود، وعلى الرغم من تحريكها لفصائل “المحور” في العراق ولبنان واليمن دعماً لـ “حماس” في غزّة.

 

ترجّح بعض المصادر أنّ احتضان إيران لقيادات “حماس” لن يكون في إيران بل في لبنان. وتضيف أنّ إيران، التي أقلقها التحرّك التركي الأخير باتجاه الحركة وقضايا غزّة، تملك ورقة لبنان للسعي إلى استعادة ورقة حماس والاستثمار في مستقبلها. وتعوّل إيران على رعاية الحزب لوجود “حماس” في لبنان وفرضه له على البلد وحكومته وأحزابه مستفيداً من غياب رادع رسمي بسبب ضعف وتصدّع الدولة اللبنانية، ومن بيئة شعبية، لا سيما داخل المخيّمات الفلسطينية، داعمة للحركة، وخصوصاً منذ عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وتعتقد بعض الأوساط أنّ احتضان “حماس” في لبنان يعزّز أيضاً نفوذ طهران وحزبها في لبنان.

حصانة قيادات حماس من الاغتيال على منوال ما كان محقّقاً في الدوحة قد تحتاج إلى تفاهمات كبرى قد تكون الولايات المتحدة راعية لها

حماس في ضيافة الجماعة الإسلامية؟

تقول المعلومات إنّ “الجماعة الإسلامية” توفّر لـ”حماس” بيئة إسلامية لبنانية حاضنة بعدما نجحت ضغوط الحركة في الإطاحة بالقيادة السابقة للجماعة واستبدالها بقيادات موالية للحزب. وكان نائب رئيس الجماعة بسام حمود قد قال في كانون الثاني الماضي: “إنّنا وحماس وجهان لعملة واحدة”. وتضيف المصادر أنّ العراضات العسكرية للجماعة، التي ظهرت في بيروت وعكار وأثارت ردود فعل شاجبة من قيادات برلمانية وسياسية لبنانية، هدفت إلى تأكيد التحوّلات التي طرأت على سلوك الجماعة التي لم يعرف عنها سابقاً استفزاز الشارع باستعراضات من هذا النوع، وتأكيد تماهيها مع خيارات الحزب واتّساق رؤاها مع “حماس”.

لفت نظر المراقبين استئناف “حماس” القصف الصاروخي باتجاه إسرائيل عبر الحدود الجنوبية اللبنانية بموافقة ورعاية الحزب، وهو ما يهيّئ لبنان لحضور عسكري للحركة يكون متحالفاً مع الحزب ومنافساً لبقية الفصائل الفلسطينية في لبنان، لا سيما حركة “فتح”.

يبقى أنّ الهاجس الأمنيّ سيبقى رادعاً لوجود وحرّية تنقّل قيادات حماس في لبنان، خصوصاً أنّه في ظلّ ظروف حرب غزّة وجبهة لبنان المفتوحة، فإنّ إسرائيل تمكّنت من النيل من شخصيات قيادية للحركة، في مقدّمهم نائب رئيس المكتب السياسي صالح العاروري الذي تمّ اغتياله في 2 كانون الثاني الماضي بقصف جوّي في قلب الضاحية الجنوبية غير بعيد عن مقرّات قيادة الحزب وأمينه العامّ. وتتحدّث المعلومات عن أنّ انتقال كلّ أو بعض قيادات “حماس” لن يتمّ قبل التوصّل إلى صفقة لوقف إطلاق النار في غزّة تفضي إلى وقف إطلاق النار في جنوب لبنان. ومع ذلك فإنّ حصانة قيادات حماس من الاغتيال على منوال ما كان محقّقاً في الدوحة قد تحتاج إلى تفاهمات كبرى قد تكون الولايات المتحدة راعية لها وهي غير متوفّرة حتى الآن.

 

شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا