من صفوف التعليم الأساسي الى طاولة المفاوضات... لبنان الى أين؟
يمكن لأي دولة في المنطقة أن تجهّز وفودها المُناسِبَة لأي نوع من المفاوضات الإقليمية، وللتباحث في أي تسوية تتعلّق بها وبشؤونها وبمستقبلها وبشعوبها وبحصصها... من أي تقسيمات دولية، في أي وقت وزمان كان.
طوائف ومذاهب
وأما في لبنان، فلا مجال سوى لتجهيز وفود، من دون أن تكون حرة بالضرورة، أو مالكة لأوراقها وأفكارها تماماً، لأن من يتفاوض في شأن بلدنا، يتوجّب عليه أن يفاوض على طوائف ومذاهب، وعلى حصص طائفية ومذهبية، وليس على حدود، وثروات، وملفات حيوية حصراً.
فالطائفية متجذّرة في لبنان، وهي تبدأ بالرياضة، وبصفوف الروضات والتعليم الأساسي، وتدوم وتدوم الى أن تشمل كل ما في البلد.
"حكمة" - "رياضي"
فعلى سبيل المثال، إذا دخلنا صفّاً من صفوف التعليم الأساسي في أي مدرسة لبنانية، واخترنا عيّنة عشوائية من 20 أو 30 طالباً، مقسّمة الى 10 أو 15 طالباً مسيحيّاً مقابل 10 أو 15 طالباً مُسلماً، وسألناهم إذا كانوا يشجّعون فريق "الحكمة" أو فريق "الرياضي" في بطولة لبنان لكرة السلّة.
هنا، ومن دون مبالغة، قد نجد أن الطلاب المسيحيين كلّهم يُجيبون "الحكمة"، وأن الطلاب المسلمين كلّهم يُجيبون "الرياضي"، وبشكل فوري. وإذا سألناهم عن السبب، لن نجد أفكاراً مترابطة بالضّرورة، ولا ما يبرّر الجواب بشكل علمي، سوى أنهم تربّوا في بيئة طائفية معيّنة عوّدتهم على دعم هذا الفريق وليس ذاك.
اختلالات كبيرة
رأى مصدر مُتابع أن "لا أحد قادراً على أن يفاوض بنتيجة إيجابية في شأن لبنان، حول أي مسألة الآن. فالبلد يعاني من اختلالات كبيرة حالياً، لا تنحصر بالاختلال الديموغرافي الذي زاد كثيراً خلال السنوات الماضية، سواء على صعيد أبناء البلد أنفسهم، أو في ما يتعلّق بأعداد النازحين السوريين، الذين باتوا بنداً أساسياً في أي محادثات لبنانية مع أي طرف دولي".
وأشار في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى "أننا لو لم نَكُن بحالة فراغ رئاسي وسياسي، ومن دون مشاكل طائفية، لكانت أوراقنا أقوى في أي محادثات، ولكان رئيس الجمهورية هو الذي يستقبل ويفاوض ويتحدث مع كل الموفدين الدوليين الآن، وفي أي شأن يرتبط بالترتيبات اللبنانية لمرحلة ما بعد الحرب، وذلك من منطلق وطني شامل لكل اللبنانيين. ولكن بما أننا في حالة فراغ على مختلف المستويات، وبظلّ حكومة تصريف أعمال لا تتمتّع بصفة شرعية تامة، فإن الفريق المُمسِك بمجلس النواب هو الذي يفاوض عملياً بشؤون لبنان، وهو الفريق نفسه الذي يُمسك بورقة الحرب في الجنوب، والذي يتمتّع بلون سياسي وطائفي معيّن. وهذا يعني أن أي تفاوض لبناني يتمّ بحكم الأمر الواقع الآن، وهو ينبع من صبغة معيّنة غير شاملة لكل الأطياف اللبنانية".
وختم:"هذا أقصى ما يمكنه أن يكون مُتاحاً في لبنان الآن. ولا أحد قادراً على أن يَعِد الناس بشيء. فمشاكل المنطقة كبيرة أصلاً، وتشمل كل الدول، والحلول متروكة للمستقبل".
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|