لبنان وسوريا: المشاكل كثيرة والحلول قليلة
وقّعت سوريا والعراق مذكرة تعاون أمني لضبط الحدود بين البلدين، وتشير المعلومات إلى أن الاتفاقية تضمنت عدداً من المحاور الخاصة بالتعاون في مكافحة المخدرات وضبط الحدود الدولية وتسليم المطلوبين ومكافحة الجريمة المنظمة وغسل الأموال، وتمكنت السلطات الأمنيّة بموجبها من توقيف عصابة من 40 عضواً وُصفت بأنها «عصابة دوليّة».
وكان العراق قد شيّد جدراناً خرسانية بطول يصل إلى نحو 140 كيلومتراً وارتفاع ثلاثة أمتار لضبط قسم من الحدود المترامية بين البلدين والتي يصل طولها الإجمالي إلى نحو 599 كيلومتراً، وليس من اليسير ضبطها بسبب الطبيعة الجغرافيّة والتواصل الطبيعي بين البلدين.
وإذ تجاوز البلدان انقسامات الماضي والصراعات الدامية التي اندلعت بين جناحيْ حزب «البعث العربي الإشتراكي» في حقبة الرئيسين حافظ الأسد وصدام حسين؛ إلا أنّ الحاجة لضبط الأمن والحدود باتت مصلحة لكلا البلدين، أو أقله هذا ما يفترض أن يكون عليه الوضع. مشكلة الحدود بين الدول هي مشكلة قديمة ومتوارثة، وغالباً ما كانت تندلع نزاعات عسكريّة شديدة الضراوة بين الدول نتيجة الخلاف على الحدود وعدم الإتفاق على ترسيمها وفق نقاط محددة، إذ يعتبر كل طرف أنه يملك الأحقيّة بالأرض خصوصاً إذا كانت المساحات المتنازع عليها تختزن ثروات طبيعيّة وتدر عائدات ماليّة على هذه الدولة أو تلك.
قد لا يكون هناك ثروات على الحدود بين لبنان وسوريا، ولكن الأكيد أنّ الحاجة لضبط هذه الحدود باتت مسألة ملحة لأنّ التجاوزات فيها صارت متراكمة وتستوجب علاجات جذريّة بحيث أنّ إيجاد الآليات المناسبة لضبط ما يزيد عن 375 كيلومتراً ليس بالأمر اليسير، خصوصاً في ظل غياب القرار السياسي بمعالجة المشاكل الملتبسة بين البلدين.
لا يمكن إغفال محطة مهمة من التاريخ المعاصر عندما وقعت القطيعة الإقتصاديّة والجمركيّة بين لبنان وسوريا سنة 1950 بعد سنوات قليلة من نيل كل منهما استقلاله الوطني (وربما هي أحد أسباب تلك القطيعة) والتي من غير المفيد تكرارها حتى في أقسى المراحل التي تشهد تدهوراً في العلاقات السياسيّة بين البلدين.
وهذا بيت القصيد إذ لا يمكن تقزيم موضوع الحدود إلى موضوع تقني، على الرغم من دقته وصعوبته لا سيما في المناطق الجغرافيّة الوعرة والمتداخلة والتي يصعب ضبطها لأسباب لوجستيّة، بل الأهم هو الاتجاه السياسي والقرار عند البلدين خصوصاً إذا كانت هناك علامات استفهام كبرى تدور حول استفادة جهات رسميّة من حالة الخلل الحدودي لتمرير مشاريع أو صفقات تجاريّة يستفيد منها نافذون أو مقربون من السلطات في هذا البلد أو ذاك.
واستكمالاً لمسألة العلاقات اللبنانيّة – السوريّة، لا يمكن إغفال قضيّة النزوح السوري إلى لبنان الذي وصل إلى مستويات غير مسبوقة ويتطلب بدوره علاجات جذريّة تلحظ القوانين الدوليّة من جهة، والمصلحة الوطنيّة اللبنانيّة العليا، من جهة ثانية. ولعله من الملفات القليلة التي تحظى بإجماع اللبنانيين ولو تفاوتت المقاربات والخلفيّات والمنطلقات.
الالتباس التاريخي في العلاقات بين البلدين قابل للإزالة إذا ما توفرت حتماً النوايا السياسيّة السلميّة على قاعدة عدم التدخل في الشؤون الداخليّة، وإاحترام خصوصيات كل بلد من البلدين، والإقلاع عن أي خطوات من شأنها استفزاز الآخر في هذه اللحظة السياسيّة الحرجة التي تشهد تحولات كبيرة في الشرق الأوسط والمنطقة العربيّة برمتها.
رامي الريس - نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|