الآمال بإنجار الاستحقاق الرئاسي هباء حتى يثبت العكس
في الشكل جاء اجتماع سفراء الخماسية في السفارة الأميركية في عوكر للمرة الأولى.. وللمرة الأولى أيضاً لم تُتَح الفرصة للسفير المصري علاء موسى ليصرّح في أعقاب اللقاء عن مضامينه، وليبشّر بإيجابيات لم تجد يوماً طريقها إلى الترجمة الفعلية، فكان البيان المكتوب بعناية أميركية في اليوم التالي للاجتماع على غير عادة.
أما في المضمون فكان لافتاً نصف التبنّي لوجهة نظر القوى السيادية الرافضة لحوار رئيس المجلس النيابي والموافقة على تشاورٍ "ع الواقف" في أروقة المجلس النيابي يفضي إلى توافق الكتل النيابية على مرشّح مقبول من غالبية الأطراف أو على لائحة مقتضبة من الأسماء، قبل الدخول إلى القاعة الكبرى لعقد جلسات متتالية لانتخاب رئيس للجمهورية، ينهي الفراغ الرئاسي المزمن الذي أتمّ شهره الثامن عشر في ظلّ ظروف صعبة يمر بها لبنان وتجعله خارج طاولة أي مفاوضات ستشهدها المنطقة في الآتي من الأيام.
استخدام عبارة "مشاورات محدودة النطاق والمدة" قد يحمل أيضاً، من وجهة النظر الأخرى، نصف تبنٍّ لطرح الرئيس بري المنادي بالحوار منذ ما قبل الفراغ الرئاسي، علّ البلوكات النيابية توافق على مرشّح الثنائي أمل-حزب الله رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه، وقد أبدى السفراء الخمسة استعدادهم لأن يشهدوا ويساهموا في تسيير المشاورات السياسية المقترحة، بالتزامن مع الجهود والمبادرات اللبنانية المستمرّة من قبل جميع الأطراف وأصحاب المصلحة اللبنانيين، بما في ذلك كتلة الاعتدال الوطني، وضرب بيانهم المكتوب موعداً أقصى لإجراء الاستحقاق بسقف لا يتعدّى نهاية أيار الجاري.
لكن حسابات الدبلوماسيين الخمسة لا تتطابق مع حسابات القوى السياسية اللبنانية، التي يريد كل طرف فيها تفصيل رئيس للجمهورية على قياس مصالحه، وليس على قياس الوطن والأزمات المتراكمة التي تربض على صدره منذ العام 2019.
ويبقى السؤال الأهم، هل سيتجاوب المعنيون ببنود البيان مع مضمونه، فنجدهم يلبّون الدعوة إلى مشاورات "محدودة النطاق والمدة"؟ وهل من معطيات جديدة لديهم دفعت باتجاه إصدار هكذا بيان مخالف لكل البيانات العمومية السابقة؟ وهل بالإمكان انتخاب رئيس للجمهورية قبل وقف الحرب على غزة؟
مصادر متابعة نفت عبر "ليبانون فايلز" أي مستجدات إيجابية على المستوى الرئاسي، وقالت "إن ربط لبنان بساحة الحرب في القطاع لم ينتهِ بعد، ومواقف القوى السياسية اللبنانية لم يطرأ عليها أيّ تعديل أو تغيير يوحي بتبنّي تسلسل الأفكار الواردة في بيان السفراء الخمسة"، وتجزم المصادر "بألّا جديد البتة على صعيد قرب انتخاب رئيس للجمهورية".
كلام المصادر المتابعة يتلاقى مع ما سارع إلى إيضاحه السفير المصري علاء موسى، منعاً لأي إرباك أو نكسة قد تصيب تحرّك سفراء الخماسية إذ قال: "إن السفراء ليسوا هم من حدد نهاية أيار موعداً لانتخاب الرئيس، بل الأطراف اللبنانية المختلفة التي ترغب بإتمام الاستحقاق الرئاسي اليوم قبل الغد، وتوقفت مراراً عند نهاية أيار"، حتى إنّ التحرّك المرتقب للسفراء الخمسة لم يتّضح بعد إن كان سيأتي جَماعياً أو إفراديّاً، مع التأكيد على وحدة الموقف داخل اللجنة.
الكلام عن مهلة لانتخاب الرئيس قد يكون مرتبطاً بالانتخابات الرئاسية الأميركية وانشغال إدارة الرئيس جو بايدن بحملته الانتخابية بدءاً من حزيران المقبل لتأمين فوزه بولاية ثانية، ما يجعل الرئاسة اللبنانية معلّقة إلى أجل غير مسمّى قد يمتد إلى ما بعد الانتخابات الأميركية، وربما إلى ما بعد بعد هذه الانتخابات، ما يستحضر تحذير نائب رئيس المجلس النيابي الياس بوصعب من عين التينة عندما قال "قد لا نشهد انتخاب الرئيس ضمن ولاية المجلس النيابي الحالي".
ومع حرب الاستنزاف الطويلة على جبهتي غزة والجنوب وربط حزب الله كل الاستحقاقات الداخلية على أهميتها وخطورتها بوقف الحرب بشكل كامل على الجبهتين، تبقى الآمال بإنجار الاستحقاق الرئاسي هباءً إلى أن يثبت العكس.
ليبانون فايلز - جاكلين بولس
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|