"تكتيكات عسكرية" جديدة داخل غزة.. هكذا يتحرّك الفلسطينيون ضدّ إسرائيل
تتبنى المقاومة الفلسطينية المتمثلة بكتائب "القسّام"، الجناح العسكري لحركة "حماس"، في غزة، تكتيكات جديدة في مواجهة الجيش الإسرائيلي، بالإضافة إلى تطوير القدرات العسكرية والتكتيكية للتصدي للهجمات، فضلاً عن اتخاذ خطوات لتوسيع قاعدة دعمها الشعبي وتعزيز شراكتها مع القوى الفلسطينية الأخرى.
ورغم جهود إسرائيل في محاولة قمع المقاومة فإن تلك التكتيكات الجديدة أثبتت فاعليتها في تعقيد مهام إسرائيل، وزيادة تكلفة الاعتداءات الإسرائيلية، وعلى الرغم من الغارات الجوية والعمليات البرية التي نفذها الجيش الإسرائيلي في محاولة للقضاء على مقاتلي "حماس"، إلا أن الأخيرة استمرت في المقاومة والتصدي للهجمات.
عمليات إسرائيلية جديدة
شهدت المناطق الشمالية في قطاع غزة عودة العمليات العسكرية فيها مؤخراً، خاصة في مخيم جباليا وحي الزيتون، فيما تستمر معاناة اللاجئين والسكان في هذه البؤرة الصغيرة من القطاع.
وأعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري، في 11 أيار الجاري، عن بدء عملية جديدة في شمال قطاع غزة، وذلك بعد طلب إخلاء منازل سكان عدد من الأحياء.
وبدأت العملية بقصف جوي مكثف استهدف منازل وممتلكات المواطنين، ثم تطورت الأحداث لاحقاً إلى توغل بري، حيث تقدمت قوات من الفرقة 98 الإسرائيلية إلى المناطق الشرقية من مخيم جباليا في اتجاه مركزه، وفي نفس الوقت واصلت الفرقة 99 الإسرائيلية عملياتها في حي الزيتون جنوب مدينة غزة، بينما تعمل الفرقة 162 في مدينة رفح.
ومع تصاعد القتال والقصف الجوي والمدفعي من قبل الجيش الإسرائيلي، شهدت أحياء مخيم جباليا تزايداً في عمليات النزوح، حيث تسببت هذه الهجمات في استشهاد عشرات المواطنين الفلسطينيين.
ويدّعي هاغاري أن استئناف الجيش الإسرائيلي للعمليات في مخيم جباليا شمال القطاع يعود إلى "محاولات حركة حماس استعادة قدراتها العسكرية في جباليا".
وفي الوقت نفسه، أعلنت "كتائب القسام" وفصائل المقاومة الفلسطينية، في بيانات متعددة، استعدادها لصد القوات الإسرائيلية المتقدمة وتحقيق خسائر جديدة في صفوفها.
وبالرغم من عدم نجاحها في اقتحام مخيم جباليا في محاولات سابقة، زعم الجيش الإسرائيلي أنه قد نجح في تفكيك الجهاز العسكري لحركة "حماس"، وذلك عندما أعلن هاغاري، في 6 كانون الثاني الماضي، "تفكيك الهيكل العسكري لحركة حماس في شمال قطاع غزة".
تتبع "القسّام" بالتزامن مع الاجتياح الجديد للقطاع الشمالي تكتيكات جديدة في مواجهة الجيش الإسرائيلي، تستهدف زيادة الضغط عليه وتعقيد مهمته في المنطقة.
وشهدت الفترة الأخيرة استخداماً متزايداً من قبل المقاومة للتفجيرات وسيلة لتكسير هياكل البنايات والمباني التي تستخدمها قوات الجيش الإسرائيلي كمواقع عسكرية أو مقار للضباط العسكريين.
وقالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، في 15 أيار الجاري، إن "حماس ترمم قدراتها بسرعة كبيرة وتعيد تأسيس نفسها مجدداً في مناطق أخرى بغزة".
وذكرت الصحيفة نقلاً عن ضابط إسرائيلي رفيع المستوى - لم تكشف عن هويته - أن "إسرائيل مشتركة في "حرب تعليمية مع حماس"، نظراً لتغيير تكتيكات الأخيرة في النزاع مؤخراً، حيث أصبحت حماس تركز بشكل أكبر على تفخيخ المباني".
واعترفت الصحيفة المرتبطة باليسار الإسرائيلي بأن العمليات الأخيرة في حي الزيتون ومناطق أخرى كشفت عن عدم دقة تقديرات الجيش بشأن البنية التحتية لـ"حماس"، مؤكدة أن أغلبية الجنود الإسرائيليين يعتقدون أن "العملية العسكرية التي يشنها الجيش في جباليا هي عملية عبثية".
وأفادت تحليلات نشرتها منصة "المشهد" الرقمية، في 15 أيار الجاري، بأن "القسام تستخدم تكتيكات حرب العصابات في مواجهة مدرعات الجيش الإسرائيلي، وهو ما يصعب الأمر على حركة الجيش ويزيد من قتلاه، حيث يتمكن مجموعة مكونة من 2-5 مقاتلين من المقاومة من نصب الكمائن والقضاء على فرقة كاملة من الجيش الإسرائيلي".
ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال"، في 15 أيار الجاري، عن جندي احتياطي إسرائيلي من فرقة الكوماندوز 98 التي تقاتل حالياً في جباليا، قوله: إن "حماس تهاجم بشكل أكثر عدوانية، وتطلق المزيد من القذائف المضادة للدبابات على الجنود الذين يحتمون في المنازل وعلى المركبات العسكرية الإسرائيلية يومياً".
وبينت الصحيفة -وفقاً لمحللين وأمنيين وشهود في غزة- أن الكتائب تستخدم تكتيكات الكر والفر والعمل في مجموعات أصغر من المسلحين، وهو ما يثير المخاوف في إسرائيل من انزلاق الحرب باتجاه "حرب أبدية".
وذكر موقع "الجزيرة.نت"، في آذار الماضي، أن أحد أهم أسرار صمود المقاومة في قطاع غزة يتمثل في ما يُعرف عسكرياً بتكتيك "الدفاع السلبي"، وهو الأسلوب القتالي الذي يعتمد على استخدام مجموعة من التدابير الوقائية لتحييد المنشآت العسكرية للمقاومة عن استهدافات العدو وتقليل الأضرار.
وتستند فكرة "الدفاع السلبي" إلى استخدام تكتيكات تضلل أسلحة العدو الاستخباراتية والقتالية، مما يُقلل من قيمتها وفعاليتها، فيما يدلل أحد كوادر المقاومة على ذلك بالتسجيلات المصورة التي تنشرها الكتائب، حيث يُظهر المقاتلون وهم يقتربون من حشود العدو ويشنون هجماتهم من مسافات قريبة، ويُثبتون العبوات المتفجرة على الآليات الإسرائيلية قبل أن ينسحبوا إلى مواقعهم دون أن يُكشفوا.
وهذا لا يعني بالضرورة أن الجيش الإسرائيلي لم يتمكن من إلحاق خسائر بالمقاومة على مستوى الأفراد والمعدات، إذ يعد ذلك جزءاً من طبيعة الحرب، ومع ذلك فإن استمرار عمليات المقاومة رغم حجم القوة العسكرية الهائلة التي استخدمها الجيش الإسرائيلي في غزة يُظهر نجاح ونجاعة هذا التكتيك في تجنب خسائر كبيرة للمقاومة.
ويبين الخبير العسكري حاتم الفلاحي أن فصائل المقاومة لديها من المقاتلين والأسلحة والأدوات والمعدات ما يكفي ليمكنها من إدارة هذه المعركة الدفاعية بنجاح، وقد أظهرت التجربة بأن العمليات العسكرية التي تنفذها فصائل المقاومة تمتاز بتخطيط دقيق جداً، وبمعلومات استخباراتية مؤكدة، تحصلت عليها من خلال عمليات الرصد والمراقبة.
ويشير، خلال حديثه مع "الخليج أونلاين"، إلى أن توظيف الأدوات والإمكانيات والقدرات العسكرية يعطي دلالة واضحة على أن هناك منظومة قيادة وسيطرة قوية جداً تعمل على إدارة هذه العمليات من خلال تحديد الأهداف وتقسيم الواجبات وتنسيق العمل العسكري مع بقية فصائل المقاومة.
ولفت الفلاحي إلى أن النتائج تظهر بأن العمل العسكري الذي تقوده "حماس" هو عمل ناجح بشكل كبير جداً، نظراً لفاتورة خسائر الجيش الإسرائيلي التي ارتفعت خلال هذه الفترة، مع مواصلة الكتائب استخدام تكتيكات جديدة.
من جهته، يؤكد المحلل العسكري والاستراتيجي عبد الجبار العبو أن التكتيكات التي تستخدمها الكتائب ليست بالجديدة، وإنما هي أساليب تم استخدامها في فترة سابقة ثم تركت، لتعود وتستخدمها من جديد لاحقاً إذا سمحت الفرصة، وخاصة عمليات تفخيخ المباني.
ويضيف، خلال حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن القوات الإسرائيلية حينما تتوقع أن المقاتلين الفلسطينيين قد دخلوا إلى أحد المباني، دون أن تعلم بأن هذا المبنى قد فخخته الكتائب مسبقاً، وفي أسفل هذا المبنى ممرات تحت الأرض تربط البنايات، فعندما تلاحقهم القوات الإسرائيلية وتدخل إلى هذه البناية، تقع في الفخ الفلسطيني، وبعد ذلك يُفجَّر المبنى بالقوات الإسرائيلية التي دخلت إليه.
خطوبة ريم سامي الثانية: ما الذي نعرفه عن علاقاتها
الحرب مستمرة في رفح
ولا تزال الحرب مستمرة في جنوب قطاع غزة، خاصة في رفح، حيث شهدت هذه المدينة مؤخراً اشتباكات عنيفة بين قوات المقاومة والجيش الإسرائيلي.
وتركزت العمليات العسكرية في هذه المنطقة على استهداف المنشآت العسكرية والمواقع الاستراتيجية للمحتل، حيث أظهرت مشاهد بثها الإعلام العسكري لـ"القسام"، استهدافهم لقوات إسرائيلية تحصنت في منازل بالرشاشات والقذائف المضادة للتحصينات، فضلاً عن استهداف دبابات إسرائيلية توغلت شرق رفح، وإصابتها بشكل مباشر.
ترددت تصريحات من بعض المسؤولين الأميركيين حول إمكانية عودة "حماس" إلى الحكم في قطاع غزة، مما أثار الكثير من التساؤلات والتحليلات حول مدى تأثير ذلك على الوضع السياسي في المنطقة.
ونقل موقع صحيفة "بوليتيكو" الأميركي، في 14 أيار الجاري، عن مسؤولين قولهم إنه "من الوارد تعطيل حماس، لكن الأمور التي تمكنها من التشكل والتطور والنمو ما زالت قائمة".
وأشارت الصحيفة إلى تعليق نائب وزير الخارجية الأميركي، كورت كامبيل، الذي أدلى به خلال مؤتمر أقيم في 13 مايو الجاري، حيث أكد أن "إسرائيل من غير المرجح أن تحقق نصراً كاملاً" في غزة.
وقال 4 مسؤولين أميركيين لـ "بوليتيكو" إن هذا التعليق لا يعتبر خاطئاً، بل يعكس تقييم الإدارة لآفاق العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة بشكل عام.
ومن جهة أخرى، رفضت الحكومة الإسرائيلية بشدة فكرة الاعتراف بـ"حماس" أو التفاوض معها، مؤكدة أن الحركة تمثل تهديداً لأمن إسرائيل وتنادي بتدميرها.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|