بين 3 و17 سنة... جيل يتدرّب على السرقة وعلى عالم خالٍ من القواعد...
جيل كامل من الأولاد يتربّى اليوم ضمن عالم فاقد لكلّ أشكال وأنواع القواعد، والأصول، والانتظام، وفي ظلّ أجواء يومية من الفوضى على المستويات كافّة، بدءاً من المنازل، مروراً بالمدارس، وصولاً الى الأماكن العامة.
والنتيجة، هي أن جيلاً كاملاً ممّن تتراوح أعمارهم ما بين 3 و17 سنة، يعتقدون أن ما يتربّون عليه وما يرونه خلال يومياتهم الحالية من "شريعة غاب" هو الحياة على حقيقتها، فيما الواقع مختلف تماماً. ولا يمكننا أن نتخيّل ماذا يعني ذلك، ولا مدى آثاره السلبية على المجتمع مستقبلاً.
كارثة الكوارث
فعالم ما بعد عام 2020 توغّل في الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي جعلت "عدّادات" الوفيات بسبب الجوع، والفقر، والمرض... مرتفعة جدّاً، و(توغّل) في الحروب التي تجعل تعداد الوفيات كأرقام يومية مسألة عادية.
وعالم ما بعد عام 2020 "توحَّشَ" في ممارسات "تشبيح" وسرقات... يسمع بها الأولاد ويتربّون عليها في منازلهم وخارجها، وهم يعتقدون أن هذه هي الحياة، وأنه هكذا يجب للإنسان أن يتصرّف حتى يتمكّن من العيش وسط الظروف الحياتية والمعيشية الصّعبة، وحتى يكون "قدّ حالو". وهو ما يعني أن جيلاً كاملاً سيخرج الى العالم مستقبلاً، وهو يعتبر أن السرقة، والعيش بهضم حقوق الآخرين، وبطبقيّة اجتماعية، وبأساليب الغشّ، وبتحويل الناس الى أرقام، والى جداول تحوي أعداد القتلى، والجرحى، والمرضى، والفقراء، والمشرّدين، والجائعين، والمشرّدين... مسألة طبيعية وشرعية، لا بل ضرورية في الحياة. وهذه كارثة الكوارث.
"شريعة غاب"
أكدت المحلّلة النّفسية إيفي كرم شكور أن "حالة شريعة الغاب هي من أخطر ما يمكن للإنسان أن يعيشه. فنحن نحيا في عالم لا قانون فيه، ولا حدود لشيء، ولا رقابة على السلوكيات. وهذا خطر على الإنسان نفسه كما على غيره".
وأشارت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "حوادث السيارات التي تحصل مع الفئات الشابة بسبب السرعة وعدم الانتباه، هي خير مثال على حالة شريعة الغاب. فعدم ترسُّخ ضرورة القيادة على مهل في فكر الشباب، يعني أنهم لا يخضعون لقوانين وقِيَم قد تكون صغيرة وضرورية في حياتهم اليومية. ويجب أن تُؤخَذ هذه القوانين والقِيَم من حضور الأب في العائلة. وبالتالي، النّقص في حضور الآباء في العائلات يؤدي الى غياب أي شكل من أشكال القواعد. وإذا توسّعنا في ذلك، نجد الأمر نفسه على المستوى الكبير أيضاً، إذ يعيش اللبنانيون عموماً حالة من الفوضى غير الطبيعية في حياتهم اليومية، وسط غياب لرئيس الجمهورية، أي للسلطة في البلد".
عالم سريع
وشدّدت إيفي كرم شكور على أن "الحروب والأحداث والأزمات الكبرى في كل المجتمعات والبلدان والمناطق، تبدأ بغياب أو انكسار السلطة العليا التي هي سلطة الأب في العائلات والمنازل. فالإرهابيون أنفسهم هم أشخاص يبحثون عن أب ولكن بطريقة وهمية، فيقومون بالأعمال الإرهابية التي تجعلهم يشعرون بأمان مزيَّف في النهاية".
وردّاً على سؤال حول المستقبل الذي ينتظر العالم مع أجيال كاملة تتربّى على الفوضى وعلى كل أشكال وأنواع المساوىء، أجابت:"التطوّر الذي يزداد والذي ندخل رحابه أكثر فأكثر، سريع وخطير جدّاً، لكونه أسرع من العقل البشري، وأكبر من قدرة استيعابنا لما يمكن للأولاد أن يتعلّموه ويكتشفوه عبر الإنترنت. وهو تطوّر يضعنا أمام مستقبل أخطر على الأولاد والإنسان بشكل عام".
وختمت:"المشكلة الأساسية هي في غياب الأهل عن أولادهم، وسط عالم يتطلّب من الجميع السرعة. ولكن يتوجّب على كل فرد وإنسان أن يقوم بدوره هو، وليس أدوار الآخرين. فضلاً عن ضرورة تأمين حضور كافٍ للأهل في حياة أولادهم، وتثقيفهم جنسيّاً وعلى كل باقي المستويات، وعدم تركهم فريسة مواقع التواصل الاجتماعي، والإنترنت".
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|