دخان أبيض رئاسي و3 مرشحين بعد قائد الجيش وسفير سابق لدى الفاتيكان
"ضرب تعذيب اغتصاب"... ماذا يحصل داخل مبنيَي "جيم وواو" في سجن رومية؟!
روايات كثيرة يتداولها السجناء في رومية عن ضرب وحشي وتعذيب يصل حد الاغتصاب على يد القوى الأمنيّة، وحشر السجناء في زنازين إفرادية لا تصلح للعيش الآدمي. إذ تفتقد إلى أدنى الشروط الصحية وتعج بالجرذان والحشرات، وعن تقتير في الطعام، وإهمال طبي وانتشار الأمراض والأوبئة بين السجناء. رومية، بالنسبة إلى نزلائه، هو «أبو غريب لبنان»
للمبنى «ج» في سجن رومية تسميات كثيرة. هو مبنى «الخصوصيّة الأمنيّة»، و«المبنى التأديبي»، ومبنى الحجر الصحي خلال انتشار كورونا. لكن التسمية المُتعارف عليها، بين السجناء، هي «مبنى أبو غريب»، لما يقولون إنه يجري داخله من عمليّات تعذيب وضرب وحشي وإهانات.
افتتح المبنى في تشرين الأوّل 2018 «على شرف» الموقوفين الإسلاميين. في زنازينه الانفرادية، أقام أبرز الموقوفين في قضايا الإرهاب: أحمد الأسير، عمر الأطرش، سليم ميقاتي (أبو الهدى)، جهاد وزياد كعوش، سليم صالح (أبو التراب اليمني)، انتحاري فندق «نابليون» فايز بوشران (أبو ادريس)... في أيار 2019، قرّرت وزيرة الداخلية السابقة ريا الحفار الحسن إقفال مبنى الخصوصية الأمنية ونقل نزلائه من الموقوفين الإسلاميين إلى المبنى «ب» بسبب مخالفته المعايير الإنسانية. منذ ذاك، تحوّلت زنازينه إلى غرف لتأديب السجناء الذين يفتعلون أحداث شغب داخل السجن أو يرتكبون جرماً بما فيها الردّ على العسكري بطريقة تدل على «قلّة الاحترام» أو تنفيذ إضراب عن الطعام. في البداية كانت العقوبة 4 أيّام تُجدّد مرة واحدة، ثم زادت من ثمانية أيّام إلى أسبوعين. غير أن البعض قضى داخله أشهراً طويلة وحتى سنوات كرضوان شمص الذي بقي نحو عامين من بينها أكثر من أربعة أشهر في الانفرادي، ومحمّد زعيتر (الملقّب بـ«أبو عضل») الذي سُجن في المبنى عامين قبل نقله إلى سجن زحلة، وابراهيم ياسين الذي بقي سنة كاملة. أما أقدم الموقوفين، خالد كعوش، فموجود في السجن منذ افتتاحه، متنقلاً بين زنازينه الانفرادية والجماعية.
الداخل مفقود
يصعب على الموجودين خارج المبنى «ج» معرفة ما يجري داخله. إذ يخضع لإجراءات أمنيّة مُشدّدة، إضافة إلى خوف نزلائه من نقل ما يحصل معهم إلى خارج أسوار السجن. باستثناء الاتصالات المتباعدة زمنياً عبر بطاقات «تلكارت»، لا تواصل بين الموقوفين وأهلهم الذين يعتقدون بأن الاتصالات مراقبة. ويشكو بعض الأهالي من عدم تمكّنهم من مواجهة أبنائهم رغم حصولهم على إذنٍ رسمي، فيما يدّعي آخرون أنّهم يُمنعون من مواجهة أبنائهم «حتى لا نرى آثار الضرب والتعذيب على أجسادهم». وهو ما حصل مع عائلة الموقوف محمّد شقير الذي نُقل مع 9 آخرين إلى المبنى «ج» والمبنى «و» (غرف انفرادية تأديبية مُشابهة للمبنى «ج») بعد مشاركتهم في التمرّد الذي شهده مبنى المحكومين نهاية آب الماضي. فقد مُنعت العائلة لأكثر من أسبوعين من التواصل مع شقير الذي يقول زملاؤه إنّه لم يتمكّن لأيام من مضغ الطعام بسبب الرضوض في وجهه وحنكه نتيجة تعرّضه لضرب مبرح، إضافة إلى رضوض في كافة أنحاء جسده ولا سيّما في ظهره ما منعه من المشي لفترة.
تختصر حالة شقير وضع الموقوفين داخل مبنيَي «جيم» و«واو» اللذين صارا مُخصّصين للضرب والتعذيب والتنكيل بالسجناء. وهي ممارسات تشهدها بقية المباني أيضاً في حالات «الطوارئ»، كما خلال التمرّد الأخير في مبنى المحكومين، عندما دخل ضباط وعسكريون ومعهم فرقة من مكافحة الشغب إلى الزنازين، وانهالوا على السجناء بالسياط والعصي والأسلاك الحديديّة. وروى أكثر من سجين لـ«الأخبار» وقائع قمع التمرد وقيام العسكريين «بالدعس على وجوهنا ورؤوسنا وأجسادنا، إضافة إلى الشتائم التي لم توفّر أمهاتنا وزوجاتنا وحتى أطفالنا»، وإخراج السجناء إلى باحة الجناح وأمرهم بالنوم على بطونهم قبل إغراقهم ببراميل المياه ونقل بعضهم إلى المبنيَين «ج» و«و». أكثر من سجين أكّدوا أيضاً تعرّض سجناء للاغتصاب «وهو أمر يحصل دائماً» ، وآخر الأمثلة خلال التمرد الأخير في مبنى المحكومين عندما «أُخرج أحد السجناء إلى الباحة وقام عسكريون بإدخال عصا في مؤخرته على مرأى من زملائه» (قدّم السجين شكاوى إلى مفتشية السجون ووزارة الداخلية من دون أن تؤدي إلى محاسبة الفاعلين). كما «كلبش» العسكريون السجين م. ك. بالأصفاد الحديديّة وأوقفوه إلى الحائط، وربطوا عضوه التناسلي بغالون وتُرك على هذه الشاكلة لساعات!
بعد إصدار إدارة السجن أمراً بنقل الموقوفين المعاقبين إلى المبنيَين «ج» و«و»، يتم حلق شعرهم وذقونهم «على الصفر»، ويُجرّدون من ملابسهم إلا من «البوكسر» قبل نقلهم إلى الزنازين الانفراديّة، بغض النظر عمّا إذا كان الطقس صيفاً أو شتاء. علماً أنّ الزنازين تخلو من الشراشف أو البطانيات! وبحسب بعض من مروا على المبنيين، فإنه فور وصول المنقولين إلى المبنيين، وقبل توجههم إلى الزنازين الانفراديّة، يتم توقيفهم بوضعيّة وجوههم على الحائط وتقييدهم بالأصفاد، ليتناوب أكثر من 4 عسكريين على ضربهم بالسياط والقساطل. ويؤكد هؤلاء أن «كل الضباط والعسكريين يُشاركون في الضرب، وغالباً ما يكونون مقنّعين ولا يرتدون بزاتهم العسكريين، باستثناء أحد الضبّاط الذي يقوم بالكشف عن وجهه ويتحدّانا قائلاً: احفظوا وجهي حتى تخرجوا من هنا». سجناء قالوا لـ«الأخبار» أن «ريحة التعذيب فاقت كل حد في المبنى ج بعد تزايد الشكاوى ضد أحد الضباط المقربين من حزب القوات اللبنانية، فتم نقله إلى مبنى آخر، خصوصاً أنه كان يمارس تمييزاً طائفياً واضحاً بين السجناء». وأشار هؤلاء إلى أن «الضابط الجديد لا يقلّ قساوة، لكنه على الأقل غير طائفي». أما العسكريون فيكونون عادة «أكثر وحشية في التعامل»، وهو ما يبرّره السجناء بـ«البقاء تحت الأرض ساعات طويلة ما يجعلهم يفشّون خلقهم فينا».
5 غرف في المبنى «و»: الحياة مع الجرذان
لا ترتقي الغرف الخمس داخل ما يُسمى المبنى «و» المخصّص لتأديب المتمردين من السجناء إلى ما يمكن أن يسمى سجناً. هو أشبه بطبقة سفلية تقع تحت مبنى «الأحداث» تماماً، تمر عبرها التمديدات الصحيّة للمبنى. لذلك، يعتاد السجناء في هذه الغرف صوت المياه التي ترشح في الغرف، ومشهد الجرذان تخرج من القساطل أو من مقاعد المراحيض!
الغرف غير مجهزة لاستقبال السجناء، إذ إنّها «غير مدهونة أو مبلّطة، والأرضيّة من الباطون المليء بالرمال»، ولا تحتوي أي منها ولو فرشة إسفنجيّة على غرار المبنى «ج»، ما يجعل السجناء ينامون على الأرض. الغرف التي لا تتعدى مساحتها 4x4 أمتار لا يصلها الضوء أو الهواء لوجود نافذة صغيرة واحدة فيها مقفلة بشباك حديديّة، ويتم توقيف بعض السجناء فيها لأشهر كحسين غريب وشريف رعد اللّذين تم احتجازهما لأكثر من 3 أشهر. وكحال المبنى «ج» يُمنع على السجناء تناول السجائر أو إدخال المواد الغذائيّة، وتقدّم لهم وجبة واحدة يومياً.
«الواو أخطر من الجيم»، يقول أحد الموقوفين، مشيراً إلى أن «لا وجود للكاميرات داخل الغرف. لذلك، يتفنّنون في ضربنا وإهانتنا. لا يمر يوم واحد من دون أن نُضرب»، ويضيف: «لا يتم ضرب موقوف واحد. عندما يريد العسكريون ضرب موقوف يُخرجون الجميع لضربهم معاً».
7 طبقات في مبنى الكوابيس: «المعتّرون» vs قريب بيتر جرمانوس!
يتألف المبنى «ج» (يقع بالقرب من المبنى «د») من سبع طبقات: ثلاث منها تحت الأرض، وطبقة أرضية، و3 علوية، إضافة إلى استخدام جزء من السطح. تتضمّن الطبقة السفلية الثالثة نظارتَين، وتضم الطبقتان الثانية والثالثة سفلية 22 غرفة انفراديّة لا تتعدى مساحتها كلها الـ60 متراً بارتفاع مترين. ويُمنع على السجناء ارتداء الملابس داخلها باستثناء «البوكسر» حتى خلال فصل الشتاء.
يقول أحد السجناء الذين أوقفوا في هذه الزنازين: «بسبب طولي لم أكن قادراً على مدّ يدي أو النوم إلا جالساً بحيث تكون قدماي داخل الحمام ورأسي داخل الغرفة من دون أن أمدّد جسمي». تضم كل غرفة حماماً يكون في الغالب غير صالح للاستخدام، فيقضي السجناء حاجتهم داخل عبوات المياه أو الأكياس البلاستيكيّة التي يجدونها بالعشرات داخل الغرف. والزنازين فارغة تماماً إلا من «فرشة» إسفنج مبللة جراء تجمع المياه على الأرض، وهي في غالبيتها تعاني من النش، وتعجّ بالفئران والجرذان والصراصير والحشرات، ولا يدخلها الهواء أو ضوء الشمس، ويُمنع على السجناء الخروج منها طوال فترة عقوبتهم ولو امتدت أشهراً. ويؤكد السجناء أنّ «العسكريين لا يدخلون إلى الغرف الانفرادية حتى لو كانوا يريدون ضربهم، لأن الروائح المنبعثة من الداخل لا تُطاق بما فيها روائحنا».
وتخضع الغرف الانفرادية للمراقبة 24/24 من خلال كاميرات مثبّتة داخل الغرفة وإنترفون في حال أراد السجين التواصل مع عسكريي المبنى. ومع ذلك، يقول البعض إن «الميكروفون مثبّت كي نتلقى الشتائم وليس لأي غرضٍ آخر»، ويشير أحد السجناء إلى أنه «من بين عشرات الاتصالات التي قمت بها للعسكري أجاب مرة واحدة بعد 12 ساعة ليشتمني ويطلب مني أن لا أُعيد الكرة وإلا سأتعرّض للضرب».
ويُمنع على الأهالي شراء المواد الغذائية من دكّان السجن للموقوفين الذين يحصلون على وجبة واحدة يومياً «يرميها العسكري من الشراقة السفليّة (شباك صغير) كأنني كلب»، يقول أحد السجناء.
تختلف الطبقات السفليّة عن بقية زنازين المبنى. ففي الطبقة الخامسة (الأرضية فعلياً) تقع غرف الضباط والعسكريين. فيما الطبقة السادسة (الأولى فوق الأرض) مقسمة إلى جناحَين: غرف كبيرة (بطول 6 أمتار وعرض 3.5 متر) تقع في الجناح الأيسر، وغرف صغيرة (بطول وعرض 3.5 متراً) في الجناح الأيسر. أما الطبقة السابعة فتتضمّن 6 غرف كبيرة و12 غرفة صغيرة. وتكون هذه الغرف الصغيرة أشبه بالغرف الانفرادية يتم أحياناً توقيف ثلاثة سجناء فيها. أما الطبقة الثامنة فهي أشبه بكوريدور مفتوح (سطح) تُستخدم لـ«النزهة» المخصصة لبعض موقوفي المبنى «ب» من الإسلاميين.
وتتغيّر أعداد الموقوفين في الطبقتين السادسة والسابعة بحسب دخول الموقوفين الجُدد ونقلهم إلى المباني الأُخرى. وتُعد أحوال الغرف فيها أفضل من السفليّة، وباستثناء السخان وتلفزيون قياس 14 إنش (ممنوع إدخال قياس أكبر) يُمنع إدخال الأدوات الكهربائية.
حالياً، الطبقات والأجنحة مُقسّمة بشكلٍ طائفي؛ الطبقة السابعة مخصصة للسنّة وتضم: موقوفي خليّة كفتون، عبد الرحمن البزرباشي الملقب بـ«حفيد البغدادي»، وفي جناحٍ آخر تم توقيف المتهمين بالمشاركة في أحداث خلدة. فيما الطبقة السادسة مخصصة للشيعة.
بعض المحظيين يوقفون في الطبقة الخامسة المخصصة للعسكريين، كالمتهم بالتعامل مع العدو الإسرائيلي الكاتب بالعدل أنطوان جرمانوس المعروف بـ«أنطوني». إذ يقيم «في جناح خمس نجوم»، على حد وصف سجناء المبنى «ج». يقول أحدهم: «أنطوني إنه ثري وقريب مفوّض الحكومة في المحكمة العسكرية السابق بيتر جرمانوس،فيما نحن فقراء ولا نعرف أحداً. الفارق الحقيقي هو أن أنطوني ابن آدم ونحن حيوانات». ويشير سجناء إلى أن أبواب «جناح جرمانوس» تبقى مفتوحة طوال النهار، وبإمكانه التنزّه داخل الطابق متى شاء، كما في إمكان عائلته زيارته في أي وقت وهم يركنون سياراتهم في الموقف المخصص للقوى الأمنية في باحة السجن». ويؤكد سجناء أن اثنين من نزلاء السجن يعملان في تنظيف غرفة «أنطوني» وخدمته!
جدري أم أدوية منتهية الصلاحية؟
تنتشر حالات الطفح الجلدي بكثافة بين سجناء رومية، وآخرها السجين أحمد الحلبي الذي نُقل إلى مستشفى الحياة بعد حركة احتجاجية قام بها زملاؤه في المبنى «ب» إثر تدهور حالته الصحية وانتشار الحبوب داخل فمه مع ارتفاع شديد في الحرارة لأيام. وإذا صحّ تشخيص طبيب الأمراض الجلدية في المستشفى بأن الحلبي مصاب بالجدري، فإن ذلك يعني انتشار المرض داخل المبنى «ب» ومنه إلى سائر المباني التي تضم أكثر من 3500 سجين.
غير أن سجناء المبنى «ب» أعربوا عن خشيتهم من أن يكون هدف التشخيص التعمية على الإهمال الطبي الذي أدى إلى تدهور حالة الحلبي. وأكّد أكثر من سجين لـ«الأخبار» أن لا حالات مشابهة لحالة الحلبي في المبنى، «علماً أننا كنا إلى جانبه لأيّام قبل نقله إلى المستشفى ولا نعاني من طفحٍ جلدي مشابه». وأكّد أحد السجناء أنّ «الحلبي بقي يعاني لأيام من حبوب جلدية انتشرت على كاحله وسبّبت له التهاباً، وعندما لجأ إلى صيدلية السجن أعطاه الطبيب المناوب دواء من دون أن يتحسّن وضعه، وتدهورت حالته بعد حقنه بإبرة طبية في الصيدلية، إذ انتشر الطفح في كل جسمه وصولاً إلى حلقه ما منعه من تناول الأكل والشرب، بالإضافة إلى ارتفاع حرارته بشكلٍ مخيف».
والأمر نفسه أكّدته والدة الحلبي لـ«الأخبار»، مشيرة إلى أن المستشفى طلب 400 دولار لإجراء فحوص طبية لابنها في مستشفى الجامعة الأميركية من دون أن تحصل على نتائج الفحوص، أو تتأكد ما إذا أجريت فعلاً، ومن دون إبلاغها بحقيقة وضعه الصحي. وأضافت أنها تبلّغت بإمكانية إعادة ابنها إلى السجن في اليومين المقبلين، «فإذا كان فعلاً مصاباً بالجدري كيف سيتم حجره داخل السجن وتأمين احتياجاته؟».
وفيما يؤكد السجناء انتشار الجرب بكثافة بين السجناء الذين لا تتم متابعتهم صحياً خصوصاً أن الطبيب المناوب الوحيد غير قادر على تلبية احتياجات آلاف السجناء، عازين الأمر إلى المياه الآسنة وتوقف الجمعيات الأجنبية عن إدخال مواد التنظيف والتعقيم، إلا أن حالة الحلبي مُغايرة لكل حالات الطفح الجلدي التي يعاني منها السجناء والتي باتت عوارضها ظاهرة. ويعيد كثيرون السبب إلى الأدوية المنتهية الصلاحية. مع ذلك، لا تؤكد إدارة السجن ما إذا كان الحلبي فعلاً تأثر بالحقنة، أو ما إذا كانت منتهية الصلاحية، مكتفية بتشخيص إصابته بالجدري.
قوى الأمن تنفي: كرامة السجناء خط أحمر
وأمام الروايات التي يسوقها كثير من السجناء عمّا يتعرضّون له من ضرب وتعذيب وتعنيف لفظي في سجن رومية، إضافة إلى افتقاد أدنى شروط الحياة الكريمة، للمديرية العامّة لقوى الأمن الداخلي رواية أُخرى تدحض كل ذلك، مستندةً إلى «الأرقام والنجاح الذي حققته في أكثر من مكان، وآخرها إبّان أزمة كورونا، حينما تمكّنت إدارة سجن رومية من تطبيق الإجراءات الصحيّة لتُسجّل حالة وفاة واحدة لكل 1200 سجين متفوّقة بذلك على الكثير من الدول، رغم أزمة الاكتظاظ التي تُعاني منها السجون اللبنانيّة»، وفق ما يؤكد مصدر أمني لـ«الأخبار»، عازياً ذلك إلى «مهنيّتنا والتزامنا بالقانون واحترامنا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، إضافة إلى أن حياة السجين وكرامته خط أحمر بالنسبة لنا وممنوع على أي عسكري الاقتراب منه أو التعدي عليه».
وينفي المصدر «قطعاً» قيام عسكريين بضرب أي سجين أو الاعتداء الجنسي عليه، «وفي حال حصول ذلك، فإن المديريّة تجري تحقيقاً عاجلاً ولا تكتفي بإجراءات مسلكيّة بل يتم فتح محضر عدلي بشكلٍ فوري وهذا ما حصل في حالات حصلت سابقاً»، مشدداً على أن ما يتحدّث عنه السجناء من تعرضهم للتعدي الجسدي «أمر غير صحيح وغير منطقي، ولا يُمكن حصوله أصلاً بل هو شائعة صدّقها السجناء وصاروا يتحدثون عنها»، نافياً أن يكون لدى المديريّة أي شكوى في هذا الإطار.
أما حوادث العنف التي جرت إثر اقتحام مبنى المحكومين في سجن رومية أخيراً، فقد استخدم فيها «العنف المبرّر وهو المقبول دولياً لكبح جماح السجناء والحؤول دون تمرّدهم». وسأل: «هل من المنطقي أن نقوم بتعنيف السجناء بطريقة وحشية أو التعدي الجنسي عليهم في وقت كان هؤلاء يقومون بانتفاضة ودخل إلى المبنى 180 عنصراً أمنياً لكبح 1080 سجيناً؟ في حال حصل ذلك، فإن السجناء هم أكثر عدداً وسيقومون بانتفاضة ثانية. هذا الأمر لا يُصدَّق أصلاً».
وعن وضع المباني التأديبية، أكد المصدر أن المبنى «ج» ليس تحت الأرض فعلياً (من جهة تحت الأرض ومن جهة فوق الأرض)، وعادةً ما يتم توقيف السجناء فيه لمدة 8 أيّام تُمدّد لثمانية أيام أخرى في حال كان السجين قد ارتكب فعلاً كبيراً، ولكن لا يقوم العسكريون بضربه أو شتمه، موضحاً أن «المبنى يُعد جديداً وعمره أقل من 10 سنوات وكل الغرف فيه صالحة ومؤهلة لاستقبال السجناء وليس صحيحاً ما يتم الحديث عنه عن أن المراحيض متوقفة عن العمل لأن هذه الزنازين تكاد تكون أحلى من منازلنا». وأضاف: «الأمور التي يحكي عنها السجناء لا تحصل وأكبر دليل على ذلك هو وجود الجمعيات الدولية التي يزور مسؤولوها السجن دورياً، ناهيك أنّ الصليب الأحمر مثلاً يمتلك صلاحية الدخول إلى السجن بصورة فجائية. وهذا يعني أن الجمعيات على علم بأي مُخالفة قد تحصل».
كذلك نفى أن تكون المياه التي يستخدمها السجناء لا تراعي الشروط الصحية، مذكراً أن الصليب الأحمر قام منذ سنوات قليلة بتركيب محطة لتكرير المياه لا تزال فعالة حتى اليوم. كما أكد أنّ «لا أدوية منتهية الصلاحية في صيدلية، وأساساً لا نجرؤ على فعل ذلك لأننا نعرف أن السجناء سيقومون بتصوير هذه الأدوية ونشرها»، مشيراً إلى «وثقة» من الأدوية حصلت عليها إدارة السجن من وزارة الصحة ستنتهي صلاحياتها أواخر الشهر الحالي مثلاً، «مما يضطرنا إلى سحبها من السجن مع انتهاء المدة. ومع أنّ الـFDA يتيح لنا استخدامها 6 أشهر إضافية، إلا أننا لا نفعل ذلك أبداً».
أما حالات الطفح الجلدي، فهي «موجودة ولكن ليست بأعدادٍ كبيرة، وليس سببها المياه بل الاكتظاظ وعدم اهتمام بعض السجناء بنظافتهم الشخصية مما يؤدي إلى انتشار الجراثيم، علماً أن الأدوية لعلاجها متاحة داخل السجن»، مؤكداً أن السجين أحمد الحلبي لا يعاني من الجدري وإنما من طفح جلدي. ونفى اتهامات الإهمال الطبي، مشيراً إلى «متابعة صحية دقيقة للسجناء، وبعضهم ينقل إلى المستشفيات لمراقبة حالتهم وتأمين الأموال اللازمة لذلك من الدولة أو من الجمعيات قبل أن نلجأ إلى الأهالي». أما عدد الوفيات داخل السجن، فـ«ليس كبيراً إذا ما قورن بأعداد الوفيات خارج السجن أو حتى في السجون الأجنبية». ويقر المصدر بأن «لب الأزمة هو الاكتظاظ الذي يستنزف وقتنا وجهدنا»، معتبراً أن «الظروف استثنائية والأوضاع ليست بألف خير وعلينا أن نتكاتف كي نواجهها من دون أن يتم جلد المديرية التي تقوم بمجهود أكبر من طاقتها لإدارة أزمة السجن والتخفيف من مآسي السجناء».
لينا فخر الدين - الاخبار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|