هل جبران باسيل الناخب الأقوى ضمناً؟
في المسار الحالي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية ال لبنانية، تتقاطع المصالح، وتتضارب، وتلتقي قوى وتتباعد، وتصدر مواقف ومواقف مضادة لا تعبّر تماما عن حقيقة الوضع، في انتظار بلورة اتفاق يجمع أهل الداخل مع إيحاءات خارجية كانت على الدوام تنتج رئيسا يقنع اللبنانيين بأنه "صُنع في لبنان" فقط.
وما يجري في مجلس النواب حاليا، عمليات إلهاء للرأي العام يدرك أصحابها أنها محطة انتظار الى حين بلورة تفاهم، وهي كلمة مخففة لعبارة صفقة، غالباً ما تأتي برئيس أو بحكومة أو تدفع لإجراء انتخابات نيابية أو بلدية، وغالباً ما يسبب غيابها أو عدم نضجها، تأجيلاً للاستحقاقات أو إطاحتها.
في المسار الحالي للانتخابات الرئاسية، يبدو رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، كأنه لا يزال في موقع الناخب الأقوى. وتوصيف "الناخب" سواء قويا أو اقوى، لا يعني بالضرورة إيصاله الى قصر بعبدا، وهو أمر بعيد المنال الى حد كبير في الظروف المحيطة، بل يعني أنه لا يزال يمسك ببعض خيوط اللعبة، ولا يمكن تجاوزه في الاستحقاق الرئاسي إلا باتفاق كبير من تحت الطاولة، يكون عرّابه رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع. وهذا الاتفاق صعب على كل مكوناته المحتملة او المفترضة، وعلى جعجع تحديداً، لأنه يعني تحالفه ضمناً مع "حزب الله" القوة الأخرى التي لا يمكن تجاوزها في عملية الانتخاب.
لقد حاول أكثر من فريق سياسي "تحجيم" باسيل وتياره في الانتخابات النيابية الأخيرة، ولم يفلحوا في ذلك، إذ إن كتلته النيابية، ولو مع حلفاء وداعمين، لا تزال تشكل ثقلاً انتخابياً كبيراً، لا يمكن لـ"حزب الله" تحديداً تجاوزها، ولا لأي فريق آخر، خصوصاً في غياب الشريك السنّي القوي الذي سببه إنسحاب الرئيس سعد الحريري.
والدعوة التي وجّهها باسيل في مبادرة رئاسية متأخرة، وغير واضحة حتى الساعة، الى حوار حول الاستحقاق الرئاسي جديرة بالاهتمام، ولو كانت مفخخة، لان لا بديل من ذلك في اختيار الرئيس العتيد. وقد سبق للبنان ان عرف تجارب مماثلة ادت الى تحكيم الفراغ.
يدرك مناصرو النائب ميشال معوض أن الفرص أمامه ضئيلة، رغم كونه (مع آخرين) جديراً بالموقع، ولا يعوزه الا المزيد من التمرس في الشأن العام، فـ"الفيتو" الذي يضعه "التيار الوطني الحر" وحليفه "حزب الله" (ومع الاخير "تيار المردة") يمنعه من سلوك طريق القصر. والأسماء الأخرى المتداولة في الصالونات ليست حالياً إلا لتمرير الوقت، أو ربما لحرقها باكراً خوفاً من تحوّلها طرحاً جدياً في مرحلة مقبلة.
لا يمكن اليوم القفز فوق "رأي" التيار وباسيل، مؤيدَين من "حزب الله" الذي لم يقرر بعد الاستغناء عنهما، لحسابات مذهبية وطائفية ووطنية في ظل عدم توافر البديل. ولا يمكن للرئيس نبيه بري الذهاب الى مواجهة مع الحزب، ولا لحليفه الزعيم وليد جنبلاط الذي يؤثر التفاهم مع "الجميع".
وبالتالي فإن تزكية أيّ من الأسماء الأخرى المرشحة، سواء الوزير السابق سليمان فرنجية، أو قائد الجيش العماد جوزف عون، أو سواهما، لا يمكن أن تبلغ نقطة الوصول من دون "ورقة تفاهم" مع باسيل، ومع الحزب الذي يدرك جيداً أنها صارت ملحّة أكثر بعد إنجاز الترسيم البحري مع إسرائيل، بضوء أخضر منه، ما عزّز دوره أكثر لدى الوسيط الفرنسي، والأميركي ضمناً، مع معرفته الاكيدة بعدم امكانه الحسم وحيداً.
"النهار"- غسان حجار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|