محليات

سجون مكتظة لكنها مُقفرة!...

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

قد يسأل البعض لماذا تتطلّعون الى السجون وواقعِها المزري وأغلب ُ مَن فيها يستحق السَجن ولا تنظرون الى أحوال اللبنانيين البائسة، فحتى ولو كانوا أحرارًا  إلا أنّ الفقر يصيبهم وحتى العوز.

قد يقولون إن في السجون في أقصى الحالات تسعة آلاف سجين، فماذا عن أربعة ملايين لبناني ونحو مليوني لاجئ ونازح في لبنان ثلاثة أرباعهم تحت خط الفقر.

هذا في السجون، فماذا عن النظَارات، هنا تسَعُ الغرفة أربعة أشخاص فيُحشر فيها خمسة عشر.

السجين الذي لا يملك الحرية، من الواجب تأمين متطلباتٍ بسيطةٍ له كالطعام والنظافة الشخصية والطبابة والقليل من وسائل الراحة، وهي ليست متوفرةً بسهولة، من دون أن ننسى تأمينَ محامٍ له إن كان لا يملك القدرة على توكيل محامٍ.

هذه النظرة الى السجين يجب أن تتغيّر حتمًا، مذنبٌ بالطبع، يستحق العقاب، نعم، إنما للعقاب أصولُ والكرامة الإنسانية يجب أن تكون مصانةً بالحدّ الأدنى.

ربما لا يُدركُ كثرٌ أن أغلب مَن  في السجون هم من الموقوفين وليسوا محكومين بعد، أي أنّ مدة سَجنهم قد تتخطى عقوبتهم أحيانًا في ضوء تأخّر المحاكمات وبطئها وقلة عدد القضاة.

فالسجون مكتظّةٌ بالمحكومين والموقوفين، لكنها مقفرة...كيف؟

حين تفتقر الى أبسط سبل العيش كالطعام المقبول والمياه النظيفة أكانت للشرب أو للاستحمام والنظافة، ولا سبُل إلا القليل لتدريب السجناء على بعض المهن والحِرف وحتى للترفيه، عندها تكون مقفرةً تتحكّم بها الوِحشة ويعيش فيها السجين حالةً من الوحدة والشرود والضياع قد تأخذه الى الموت البطيء.

والأخطر أن بعضَ السجناء يتعرّض للضرب والتعذيب للإقرار بالذنب ولا سيما في مراحل التوقيف الأولى ولو أنّ هذا الأمر تراجعَ في الآونة الأخيرة بفعل الضغط المعنوي المُمارس من قِبلِ جمعيات حقوق الإنسان والرعاية بالسجناء، لكنه لم يتوقف.

هناك قوانين تحمي السجين ولكنها لا تُطبّق وثمّة حاجة لتطوير بعضها أو لسنِّ قانونٍ متكاملٍ لإدارة السجون ومراكز التوقيف وحقوق المحرومين من حريتهم، وقد عمِل على ذلك مركز ريستارت بالتعاون مع القاضية نازك الخطيب عبر مشروع قانون لم يسلك الدرب المطلوب، فهو ما زال في الأدراج ولم يُحَل الى مجلس النواب لدرسه في اللجان والتصديق عليه في الهيئة العامة.

غالبًا ما يرغب بعض النواب والمسؤولين في سلوك طرقٍ ملتوية للإفراج عن سجناء أو التصديق على قوانين في هذا الخصوص تأتي مجتزأة وتنطلق من حساباتٍ سياسية وحزبية وطائفية ضيقة لا تخدم مصلحة السجناء عمومًا.

المطلوب اعتماد قوانين حديثة تأخذ بعين الاعتبار أحوال السجناء وواقع السجون على السواء.

كرامة الإنسان منحه إياها الخالق ولا يجوز أن يمسّ بها بشريّ، فحتى ولو كان جريمة المتهم كبيرة وعظيمة ولا تُغتفر، إلا أن من حقّه أن تُحفظ كرامته خلال تنفيذه العقوبة ولو كانت السَجن المؤبّد.

بقلم يزبك وهبة

شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا