تكنولوجيا

هل تسيطر الصين على مستقبل الذكاء الاصطناعي؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

في ظل التطورات المتسارعة في مجال الذكاء الاصطناعي، تتصدر الصين سباق براءات الاختراع، ما يثير تساؤلات حول مدى هيمنتها على هذا المجال المتطور، فهل يؤجج ذلك حرباً تكنولوجية مع الولايات المتحدة؟

فقد تقدمت الصين بأكثر من 38 ألف براءة اختراع للذكاء الاصطناعي التوليدي خلال الفترة من 2014 إلى 2023، ويمثل هذا الرقم ستة أضعاف ما تقدم به المخترعون المقيمون في الولايات المتحدة، وفقاً لأحدث تقارير المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو).

هذه الهيمنة تشير إلى طموحات الصين في أن تصبح رائدة عالمية في مجال التكنولوجيا، بحسب مراقبين وخبراء، ولكن هل تمثل براءات الاختراع ميزة حقيقية على أرض الواقع، وهل تمتلك الصين البنية التحتية والقدرات اللازمة لتحويل هذه الاختراعات إلى منتجات وخدمات قابلة للتطبيق.

والذكاء الاصطناعي التوليدي هو نوع من الذكاء الاصطناعي يسمح للمستخدمين بإنشاء محتوى مثل النصوص والصور والموسيقى والصوت ومقاطع الفيديو.

وتفصيلاً ذكر التقرير الأممي، أنه على الصعيد الجغرافي، تحتل الصين الصدارة بـ 38210 ابتكار، متجاوزة بكثير الولايات المتحدة (6276) وكوريا الجنوبية (4155) واليابان (3409) والهند (1350)، في حين باتت براءات اختراع الذكاء الاصطناعي التوليدي تشكل حالياً 6 بالمئة من إجمالي براءات اختراع الذكاء الاصطناعي في العالم، مشيراً إلى أن الارتفاع الحاد في نشاط براءات الاختراع يعكس التطورات التكنولوجية الحديثة والإمكانات الكامنة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي.

وسعت الصين إلى اللحاق بركب تطوير النماذج اللغوية الكبيرة (LLM) بعد أن تأخرت في الدخول إلى هذا المجال، وذلك لمنافسة شركة OpenAI مالكة ChatGPT وعمالقة التكنولوجيا الأميركية Microsoft وشركة Alphabet التابعة لها (Google) وشركة Amazon، بحسب تقرير نشرته (شبكة (سي إن بي سي) الأميركية، واطلعت عليه سكاي نيوز عربية.

وحقق برنامج ChatGPT شهرة واسعة في نوفمبر 2022 لقدرته على توليد ردود تشبه ردود البشر على استفسارات المستخدمين، وفي العام الماضي، أطلقت شركات التكنولوجيا الصينية الكبرى، بما في ذلك Alibaba و Baidu، نماذجها اللغوية الكبيرة الخاصة بها لمنافسة نظيراتها الأميركية.

وفي محاولة لتعزيز وجودها في سباق التكنولوجيا العالمي، أطلقت الصين "خطة عمل" مدتها ثلاث سنوات في مايو الماضي لتعزيز المعايير في رقائق الذكاء الاصطناعي والذكاء الاصطناعي التوليدي وبناء قوة الحوسبة الوطنية، بهدف دفع التنمية التكنولوجية والاقتصادية.

ونقلت الشبكة الأميركية عن وي سون، كبير استشاري الأبحاث الاصطناعية في Counterpoint Research، أن "الصين تتمتع بسوق ضخمة لم يتم استغلالها بعد لكل من المستهلكين والشركات أيضاً، ويمكن لشركاء الصناعة الابتكار والمساعدة في جلب تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى تطبيقات أو صناعات مختلفة، باستخدام مجموعات بيانات متخصصة متنوعة."

وأضاف وي سون: "هذا هو المفتاح بالنسبة للصين للفوز، لتحقيق عمليات نشر تطبيقات واقعية حقيقية قد تفوق الولايات المتحدة في هذا المجال.

الخبير الاقتصادي، عماد الدين المصبح، أستاذ الاقتصاد في كليات الشرق العربي، قال في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية: "تزايدت المخاوف في السنوات الأخيرة من أن هيمنة الصين على براءات اختراع الذكاء الاصطناعي قد تؤدي إلى تفاقم التوترات التكنولوجية مع الولايات المتحدة.

فمن خلال تسجيل عدد متزايد من براءات الاختراع في هذا المجال الحيوي، تسعى الصين إلى ترسيخ موقعها كقائد عالمي في التكنولوجيا المتقدمة. هذا التوجه قد يدفع الولايات المتحدة إلى تكثيف جهودها في الابتكار ووضع سياسات أكثر صرامة للحفاظ على تفوقها التكنولوجي".

ومع تصدرها لقائمة الدول الأكثر تسجيلاً لبراءات اختراع الذكاء الاصطناعي، تبدو الصين في طريقها لتصبح عاصمة التكنولوجيا الجديدة.

وأضاف المصبح أن هذا الإنجاز يعكس استثمارات ضخمة في البحث والتطوير، ودعم حكومي قوي، والبنية التحتية المتقدمة، وإذا استمرت الصين في هذا المسار، فقد تتمكن من تغيير موازين القوى الاقتصادية والتكنولوجية على المستوى العالمي بحسب تعبيره.

وأضاف: "رغم الحصار المطبق على شركة هواوي (رمز التفوق التكنولوجي الرقمي الصيني) إلا أن الشركة مرشحة لأن تفاجئ العالم بسيطرتها ليس على المكونات المادية لأجهزة الاتصال والحواسب وإنما أيضاً على أنظمة التشغيل ولاحقا منصات الذكاء الصناعي التوليدي. وستصبح هذه الشركة أيقونة التفوق التكنولوجي الجديد بدل شركات مايكروسوفت وغوغل التي على ما يبدو أنها أصبحت من الماضي رغم كل محاولات البقاء على قيد العمل والمنافسة".

وأوضح مصبح أن الصين تسعى من خلال تركيزها على تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي وتسجيل براءات الاختراع، إلى السيطرة على مستقبل هذا المجال. هذه السيطرة لن تقتصر فقط على الجوانب التقنية، بل ستشمل أيضاً تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مختلف الصناعات. هذا التوجه قد يمنح الصين ميزة تنافسية كبيرة، مما يثير تساؤلات حول مستقبل الابتكار والتكنولوجيا على المستوى العالمي.

وأكد أستاذ الاقتصاد في كليات الشرق العربي أن الذكاء الاصطناعي أصبح بالفعل ساحة معركة جديدة في الحرب التكنولوجية بين الولايات المتحدة والصين.

وينما تسعى الصين إلى تحقيق تقدمات كبيرة في هذا المجال، تعمل الولايات المتحدة على حماية موقعها الريادي من خلال سياسات جديدة وزيادة الاستثمارات في البحث والتطوير. هذه المنافسة قد تؤدي إلى تسريع وتيرة الابتكار، لكنها تحمل أيضاً مخاطر تصاعد التوترات بين القوتين العالميتين.

بدوره، قال الخبير الاقتصادي محمد جميل الشبشيري في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": "أصبح الذكاء الاصطناعي دافعا للنمو الكبير في أكبر شركات التكنولوجيا العالمية حيث تخطت قيمة أكبر 20 شركة تقنية في العالم أكثر من 20 تريليون دولار وتستحوذ على ما يقرب من 18 بالمئة من قيمة سوق الأوراق المالية على مستوى العالم".

وتتبارى العديد من الدول في استيعاب وتطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، ولم تكن الصين بعيدة عن هذا السباق فبعد أن نجحت في تجاوز الولايات المتحدة في التكنولوجيا الخضراء وتخطت مبيعاتها من السيارات الكهربائية مبيعات تسلا والشركات الأميركية، واتسع إنتاجها للبطاريات المعتمدة على الليثيوم والاعتماد الأكبر على الطاقة النظيفة، توجه جهودها الحالية لتكرار تلك التجارب في مجال الذكاء الصناعي، بحسب الشبشيري.

وأردف بقوله: "لدى الصين شركة تينسنت وهي إحدى أكبر شركات التكنولوجيا في العالم ومن بين الشركات التي تساهم بشكل كبير في القيمة السوقية العالمية، تأسست في عام 1998 وهي شركة صينية متعددة الجنسيات متخصصة في الخدمات والمنتجات المتعلقة بالإنترنت، مثل وسائل التواصل الاجتماعي، الألعاب الإلكترونية، الترفيه، الذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا المالية، وتعتبر من أكبر الشركات من حيث القيمة السوقية، والتي تتجاوز 500 مليار دولار.

كما أن خدمات تينسنت تتنوع في العديد من التطبيقات مثل تطبيق المراسلة والشبكات الاجتماعية، وخدمة الرسائل الفورية ومنصة الألعاب الإلكترونية التي تعد من أبرز منتجاتها التي ساهمت في تعزيز مكانتها في السوق العالمي. وتحتل هذه الشركة المرتبة العاشرة ضمن أكبر عشرين شركة حول العالم.

ولكن الخبير الاقتصادي الشبشيري يرى أن التحدي الكبير أمام الصين التي اعتمدت على قوتها البشرية العملاقة في إحداث تنمية وأصبحت تشكل حوالي16.9بالمئةمن الناتج العالمي وحوالي 8.6 بالمئة من الاستثمارات العالمية المباشرة، بفضل قوتها التصديرية الهائلة للعالم وميزتها التنافسية في مجال العمالة، هو كيفية تطوير مزيج فعال بين تقنيات الذكاء الاصطناعي والقوى العاملة يخفف من شبح الانكماش ويدفع بالإنتاجية إلى مستويات أعلى ويزيد معدلات النمو وينقل الصين إلى طور جديد من أطوار التنمية، إذ يُتوقع أن يؤدي تطور منتجات الذكاء الاصطناعي إلى تأكل الوظائف بنسبة 40 بالمئة في العالم و60 بالمئة في الدول المتقدمة".

من جانبه، قال الخبير الاقتصادي، عضو مجلس أمناء مركز الشرق الأوسط للدراسات الاقتصادية هاشم عقل في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": "إن الصين تجاوزت الولايات المتحدة بكثير في مجال الذكاء الاصطناعي، وأن الولايات المتحدة تسعى جاهدة اللحاق بالركب من خلال اللجوء إلى كافة الخيارات الدبلوماسية والعقوبات والتضييق على التجارة الصينية بكل الوسائل".

وأوضح أن استراتيجية الذكاء الاصطناعي الوطنية في الصين تشير إلى نية بكين التوسع بشكل كبير في هذا المجال على صعيد التصنيع والحوكمة والدفاع الوطني، بحيث تصبح رائدة عالمية في هذا المجال بحلول عام 2030."

وأضاف عقل: "في المقابل، تكثف الولايات المتحدة جهودها لمواجهة صعود الصين في مجال الذكاء الاصطناعي، من خلال تبني مبادرات دبلوماسية متعددة الأطراف، وفرض تشريعات تقيدية، وإصدار إجراءات تنفيذية تقييدية."

وأشار الخبير إلى "وجود تباين في إدراك المؤسسات الأميركية لمدى تقدم الصين في مجال الذكاء الاصطناعي، فبينما يعتقد البعض أن الولايات المتحدة لا تزال تتمتع بقيادة راسخة في مجال التكنولوجيات المتقدمة، يرى آخرون أن الصين قد أصبحت منافساً حقيقياً للولايات المتحدة".

ولأن حماسة الصين لتطوير قدراتها في مجال الذكاء الاصطناعي تذهب إلى ما هو أبعد من إدراكها لأهميته في كونه المحرك الأكبر للتقدم الاقتصادي في ربع القرن المقبل، فإن الولايات المتحدة فرضت مجموعة من الإجراءات المضادة، وباشرت تحركات سياسية عديدة لتحجيم قدرات الصين في هذا المجال حيث تشير كمية المبادرات وحالة الاستنفار الأميركي إلى درجة الخطر التي وصلت إليها هذه المسألة، طبقاً لما قاله عقل.

 ورداً على سؤال حول إمكانية أن تصبح الصين عاصمة التكنولوجيا الجديدة في العالم يرى عضو مجلس أمناء مركز الشرق الأوسط للدراسات الاقتصادية أن الصين أصبحت فعلاً عاصمة التكنولوجيا ويمكن الاستدلال على ذلك من خلال متابعة براءات الاختراع وما تنجزه شركة هواوي، مشيراً إلى أن حصة أميركا من صناعة الرقائق في العالم تبلغ 12 بالمئة، وبالتالي هم يعتمدون على الشرق الأقصى مثل تايوان وكوريا، بينما حصة الصين 14بالمئة وهناك 47 مليار دولار وضعت فيما يسمى بالصندوق الكبير لتطوير صناعة الرقائق في الصين.

 يشار إلى أن بيانات الصور والفيديو هيمنت على براءات اختراع الذكاء الاصطناعي التوليدي حيث بلغ عدد الاختراعات 17996 اختراعاً، تليها النصوص بواقع 13494 والكلام أو الموسيقى 13480.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا