محمد علي الحسيني: "وجود قوات قسد ومستقبلها مرهون بالوجود الأميركي ومصالحه في سورية"
الأسد لإردوغان: لتقارب طبيعي "بلا بهلوانيات"
في 8151 مركز اقتراع موزّعة على مناطق سيطرة الحكومة السورية، انتخب السوريون أعضاء «مجلس الشعب» الجدد، البالغ عددهم 250 عضواً من بين 1516 مرشحاً، ضمن الدور التشريعي الرابع (رابع انتخابات للمجلس بعد إقرار دستور جديد لسوريا عام 2012) وسط إقبال متفاوت بين منطقة وأخرى، وبعض المحاولات للتشويش على الانتخابات في بعض المناطق. والانتخابات التي شهدت بشكلها العام هدوءاً وحركة طبيعية في معظم المناطق، وأعلنت «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) منع إجرائها في مناطق سيطرتها شمال شرقي البلاد، تخللتها بعض الفوضى في السويداء، إثر تعرّض بعض مراكز الاقتراع لما وصفه مصدر محلي تحدّث إلى «الأخبار»، بـ«أعمال تخريبية تهدف إلى منع إجراء الانتخابات»، قبل أن يظهر عدد من وجهاء السويداء، وبينهم شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز، يوسف جربوع، ويعلن مشاركته في الانتخابات، ويصفها بأنها «واجب وطني وخطوة أساسية في اتجاه التحديث والإصلاح».
وسبقت إجراء الانتخابات عمليات انتخاب داخلية في «حزب البعث» الحاكم في سوريا، جرى خلالها اختيار أسماء المرشحين وفق آلية جديدة عُرفت بمصطلح «الاستئناس» الحزبي، ليتم في وقت لاحق الإعلان عن لوائح تضم مرشحي «البعث» ومرشحين من أحزاب أخرى وبعض المستقلين. وبينما فتحت السلطات الأبواب للاقتراع في الساعة التاسعة صباحاً على أن تغلق الصناديق في الساعة السابعة، أعلنت «اللجنة القضائية العليا للانتخابات» تمديد التصويت حتى الساعة التاسعة مساء في جميع المراكز، باستثناء درعا التي أُغلقت فيها الصناديق في السابعة. وترافق عقد الانتخابات في سوريا مع سلسلة تصريحات غربية معتادة، شنّت هجوماً سياسياً لاذعاً على دمشق عبر مختلف المنصات. وبدا واضحاً توافق معظم التصريحات البريطانية والألمانية والفرنسية على استخدام المصطلحات نفسها التي تتحدّث عن عدم ملاءمة الظروف لإجراء الانتخابات في الوقت الحالي، و«تسبب إجرائها بمزيد من الانقسام».
وعلى هامش مشاركته في الانتخابات، أدلى الرئيس السوري، بشار الأسد، بتصريحات عديدة بعضها يتعلق بالانتخابات القائمة ودور مجلس الشعب، وبعضها الآخر مرتبط بالوساطة التي تجريها روسيا والعراق مع تركيا لفتح الأبواب المغلقة بين البلدين، في ظل حماسة الرئيس التركي المعلنة للقاء الأسد وإنهاء القطيعة القائمة. وتساءل الرئيس السوري، في تصريحاته التي رفض من خلالها استعمال مصطلح «تطبيع» كونه «قسرياً»، معتبراً أن العلاقات الطبيعية مع دول الجوار هي علاقات قائمة ومستمرة، عن سبب القطيعة المستمرة منذ 13 عاماً، في إشارة إلى الدور التركي في دعم الفصائل المسلحة وتمهيد عبور «الجهاديين» إلى سوريا.
وفي ردّه على إعلان تركيا المتواصل رغبتها في الانفتاح على دمشق، والمبادرات القائمة (الروسية والعراقية)، قال الأسد: «نحن إيجابيون تجاه أي مبادرة لتحسين العلاقة وهذا شيء طبيعي، لا أحد يفكر أن يخلق مشاكل مع جيرانه ولكن هذا لا يعني أن نذهب من دون قواعد، اللقاء هو وسيلة والوسيلة بحاجة إلى قواعد ومرجعيات عمل لكي تُنتج فإذا لم تُنتج فقد تصبح العلاقات أسوأ». وتابع أن «الحديث عن المبادرات جديد، ولكن بداية المبادرات كانت قبل خمس سنوات (...) دمشق كانت دوماً تكرر نفس المواقف، أزيلوا الأسباب تظهر النتائج». وأضاف: «أول سؤال يجب أن نسأله: لماذا خرجت العلاقات عن وضعها الطبيعي منذ ثلاثة عشر عاماً؟ لم نسمع أي مسؤول تركي يتحدث عن هذه النقطة بشكل صريح»، مشيراً إلى أنه «في الماضي كانت الأمور هادئة (...) سوريا دائماً متمسكة بما التزمت به منذ أكثر من ربع قرن، في موضوع الأمان على طرفي الحدود ومكافحة الإرهاب»، في إشارة إلى «اتفاقية أضنة» الموقّعة بين دمشق وأنقرة عام 1988، والتي تتضمن تشكيل غرفة عمليات مشتركة سورية – تركية لضبط الحدود.
وفي ردّه على سؤال حول لقاء الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، قال: «إذا كان اللقاء يؤدي إلى نتائج أو إذا كان العناق أو العتاب أو تبويس اللحى كما يقال باللغة العامية، يحقق مصلحة البلد فأنا سأقوم به»، مضيفاً أن «المشكلة لا تكمن في اللقاء وإنما في مضمونه». وتساءل: «ما هي مرجعية اللقاء؟ هل ستكون هذه المرجعية هي إنهاء أسباب المشكلة التي تتمثل في دعم الإرهاب والانسحاب من الأراضي السورية؟»، ليجيب: «هذا هو جوهر المشكلة ولا يوجد سبب آخر، فإذا لم يكن هناك نقاش حول هذا الجوهر فماذا يعني اللقاء؟»، نافياً ما قاله وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، أخيراً حول إجراء لقاءات سرية. وقال: «لا يوجد شيء سري. بالنسبة إلينا في سوريا كل شيء مُعلن. عندما يكون هناك لقاء سنعلن»، رافضاً، في الوقت ذاته، وصف موقف دمشق بأنه «مشروط»، مشيراً إلى أنه «من دون متطلبات لا تنجح العملية، فما نتحدث عنه هو المتطلبات التي تفرضها طبيعة العلاقات بين الدول، ويعبّر عن هذه المتطلبات القانون الدولي أيضاً».
وشدّد الرئيس السوري الذي نفى حصول دمشق على أي ضمانات، على أن دمشق تسير «بشكل إيجابي ولكن استناداً إلى مبادئ واضحة هي القانون الدولي والسيادة». وقال إن «الأمر لا يحتاج إلى تكتيكات وبهلوانيات سياسية ولا إعلامية، هذه العلاقة طبيعية وسنصل إليها، والأصدقاء يدعمون هذا الشيء (...) الأصدقاء الذين يبادرون من أجل حل المشاكل بيننا وبين تركيا ملتزمون بالقانون الدولي، ما يعني أن ما نطالب به هو حق لسوريا وهو قانون دولي ولا أحد يستطيع أن يكون عكسه، ربما يطالبون أحياناً ببعض الإجراءات وهذا قابل للحوار والنقاش، لكن الإجراءات شيء وتجاوز المبدأ شيء آخر، ولا يمكن تجاوز المبادئ التي نبني عليها مصالحنا الوطنية».
وجاءت تصريحات الرئيس السوري، المطوّلة والمفصّلة، بعد يومين من إصدار الخارجية السورية بياناً شكرت خلاله الدول التي تجري الوساطة مع تركيا، مجدّدة موقف دمشق الثابت حول خروج القوات التركية ووقف دعم الفصائل، الأمر الذي من شأنه أن يعيد العلاقات بشكلها الطبيعي إلى ما قبل اندلاع الحرب عام 2011، والتي تورطت فيها تركيا بشكل كبير، قبل أن تتحوّل مع استمرارها إلى عبء يرهق كاهل أنقرة، التي تحاول التخلص من ذلك عبر مساعي الانفتاح.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|