محفوض: سوف نلاحق الاسد حتى آخر يوم.. لا بد من جرّه الى المحاكمة
لماذا اختار نصرالله الآن نفي وجود "اتفاق جاهز" للحدود؟
كان أمرا ملحا أن يظهر الأمين العام لـ"حزب الله" في احتفال عاشوراء الذي له عند الحزب وجمهوره رمزيته الكبرى، ليدحض سردية أخذت مداها من الرواج، هي وجود "اتفاق جاهز" للوضع في الجنوب ينفَّذ في اللحظة التي تتوقف فيها الحرب التدميرية على غزة وقطاعها. ففي قول نصرالله هذا فصل بين مناخ سرى خلال الأشهر الثلاثة الماضية وبني عليه كمعطى مهم، ومناخ آخر عنوانه العريض هو كما عبر عنه السيد نصرالله عندما قال "إن مستقبل الوضع في الجنوب يتقرر في ضوء نتائج المعركة الدائرة هناك بضراوة".
المعلوم أن عددا من قادة الحزب والناطقين بلسانه سبق لهم أن دحضوا في مناسبات شتى وجود معادلة جاهزة في الظل تتجسد في "اتفاق جاهز" موضوع في مكان ما وعند جهة بعينها (الرئيس نبيه بري) على شكل وديعة وأمانة، وسيُعاد إلى دائرة الضوء غب الطلب ليترجم على شكل ترتيبات على الحدود بين لبنان والكيان، تتخذ من مندرجات القرار الأممي الرقم 1701 أساسا، تحديدا لجهة المنطقة الحدودية العازلة الخالية من أي وجود عسكري آخر غير الجيش اللبناني وقوة "اليونيفيل"، وتزاد عليهما بطبيعة الحال إضافات جديدة من شأنها أن تشكل عنصر اطمئنان للقيادة الإسرائيلية لكي تستند إليها بغية إقناع المستوطنين الإسرائيليين الفارين من أكثر من 17 مستوطنة من مستوطنات الجليل الأعلى المحتل من قذائف الحزب، وهم أفصحوا مرارا بأنهم ليسوا في وارد العودة إلى حيث كانوا يقيمون وينتجون، ما دامت مجموعات "حزب الله" المسلحة تتموضع تحت نوافذهم.
فضلا عن ذلك، تضمنت التسريبات عن الاتفاق، ما يشي بأن حسم الخلافات والنزاعات الحدودية بين لبنان واسرائيل نهائيا أمر لا بد منه، وإن احتاج إلى بعض الوقت، ما دام المطلوب في العمق إلغاء الذرائع التي يستند إليها الحزب ويتمسك بها لكي يبقي سلاحه مستنفرا وعسكره موجودا وفي حال جهوز.
لم يعد خافيا أن قصة "الاتفاق الجاهز"، بصرف النظر عن مآلات الحرب في غزة وعلى الحدود الجنوبية، قد عززتها زيارات الموفد الأميركي الخاص إلى لبنان آموس هوكشتاين (نحو 7 زيارات) والتي تكثفت بعد اندلاع المواجهات الحدودية انطلاقا من أمرين:
- ان هوكشتاين أعرب خلال اللقاءات التي عقدها مع المعنيين في بيروت وفي مقدمهم الرئيس بري، عن اقتناعه بصعوبة إجبار الحزب أو إقناعه بإيقاف معركة إسناد غزة التي يخوض غمارها منذ الثامن من تشرين الأول الماضي، وهو ما يعرف بـ"فصل المسارين". وبالتالي فإن أي تصرف يتعين أن يكون خارج هذه المعادلة.
- بناء عليه، صار الهمّ الأساسي للموفد الأميركي البحث عن سبل مشروعة وقنوات مقبولة للتفاوض على نحو غير مباشر مع الحزب، لإقناعه بأن واشنطن لم تعد تتعامل معه على أنه تنظيم إرهابي يحرّم مدّ أي جسور علاقة معه.
وعليه، فإن في أوساط بيروت السياسية من يقدّر أن الحزب فُرض عليه، تحت "وطاة" المرونة والإغراءات والعروض الأميركية" تلك، سلوك دربين:
الأول، التخلي عن مقارباته السابقة لهذا الأمر وإبداء بعض المرونة والانفتاح ولو على سبيل التجربة.
الثاني، العمل على استيعاب "الطحشة" الأميركية والخارجية، خصوصا أن اقتناعا قد استحوذ على بعض دوائر القرار في الحزب بأن التناقض بين الإدارة الأميركية وحكومة بنيامين نتنياهو بات خلافا جديا يتعيّن الاستفادة منه.
والحال أن الحزب يعلم يقينا أن واشنطن جادة في اعتراضها على توسيع الحرب الإسرائيلية على نحو يجعلها اجتياحا بريا واسعا للبنان يقود إلى مواجهة إقليمية كبرى.
وفي هذا السياق كان الحزب مبادرا إلى امرين جديدين في أدائه السياسي والديبلوماسي:
الاول، فتح أبوابه لاستقبال نائب مدير المخابرات العامة الألمانية (مرتين) محددا له موعدا مع الشخص الثاني في الحزب هو نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم.
الثاني، أن المقابلة التي أجرتها قناة "سي.إن.إن" الأميركية الأشهر مع أحد نواب الحزب ابرهيم الموسوي، أتت بمثابة معطى آخر يعزز فرضية توسع مديات التواصل بين طرفين يخوضان معا جولات صراعية منذ عقود.
صحيح أن الموسوي قد وضع طلب محطة التلفزة الأميركية الأشهر إجراء مقابلة مع أحد قيادي الحزب في إطار نتائج التحولات والتداعيات التي طرأت وفرضت نفسها بعد عملية "طوفان الأقصى"، إلا أن طلب المحطة وردّ الحزب الإيجابي عليه لم يكن أمرا عابرا في ميزان حسابات الحزب البالغة الدقة.
وبناء على كل هذه المعطيات، اختار نصرالله المكان والمناسبة الأعز عند جمهور الحزب، لينفي نفيا قاطعا وجود "الاتفاق الجاهز"، ويقرن ذلك بالإعلان عن الاستعداد لتوسيع مديات المواجهة لتطاول مستوطنات إسرائيلية كانت إلى الأمس القريب في منأى عن قذائف الحزب وصواريخه. وهذا ينطوي في رأي مطلعين على احتمالين:
- إما أن الحزب، مع بداية الشهر العاشر على انطلاق المواجهات وسقوط كل محاولات التوصل إلى وقف شامل للنار، بات مضطرا إلى إشهار الاعتراض وأنه ينفض يده تماما من أي تعهد كان أعطاه أو لمّح به، ويعلن في الوقت عينه أنه عائد إلى دائرة التصعيد وأنه استطرادا في صدد الانتقال إلى مرحلة ميدانية جديدة، مستندا بطبيعة الحال إلى يقينه بأن الجيش الإسرائيلي بات في وضع منهك.
- وإما أن الحزب يجد حاجة إلى التصعيد وإظهار "العين الحمراء" في حال فكر نتنياهو الهروب إلى الأمام.
وفي كل الأحوال فإن الحزب يعتبر نفسه جاهزا لكل الاحتمالات.
"النهار"- ابراهيم بيرم
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|