المدارس في لبنان مراكز إيواء... دولة عاجزة تحاكي الحرب؟
تركزت أولويات حكومة تصريف الأعمال بعد تشكيل لجنة إدارة الكوارث الوطنية على تجهيز مراكز إيواء للنازحين إذا اندلعت الحرب بين "حزب الله" وإسرائيل. طُلب من وزارة التربية تقديم لائحة بالمدارس التي يمكن استخدامها للإيواء ضمن خطط عدّة لتوفير المتطلبات اللازمة، إذا ما تعرّض لبنان لعدوان إسرائيلي، من دون أن تفصح اللجنة المشكلة عن خطتها الكاملة التي تحاكي الحرب وكيفية مواجهة التدفق المحتمل للناس الذين سينزحون حكماً من مناطق قد تتعرّض للقصف خصوصاً من الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت، وهو أمر يتخطى قدرة المدارس على استيعاب مئات الآلاف، حيث مثال حرب تموز 2006 لا يزال شاهداً على توزّع النازحين في الحدائق العامة والمدارس والشوارع في بيروت وجبل لبنان وحالة الفوضى التي سادت بعد التدمير الممنهج في الجنوب والضاحية.
مجرد تشكيل لجنة إدارة الكوارث يعني أن الحكومة تحاكي الحرب، فيما وزارة التربية واجهت خلال الأشهر الماضية من معركة المشاغلة تحدّي استمرار الحرب في الجنوب عبر محاولة استيعاب التلامذة النازحين من المناطق الحدودية بعد إقفال مدارسهم وإلحاقهم بمدارس أخرى آمنة أو استمرار التعليم عن بعد، لكنها اصطدمت بقرار اتخذته قوى سياسية في منطقة صور قضى بوضع النازحين في مدارس عاملة وأدّى إلى تهجير التلامذة من مهنية ومدرسة رسمية إلى أن حسمت التدخلات بمعالجة الأمر، لكنه ترك آثاراً سلبية على إدارة عملية النزوح.
بعد أكثر من عشرة أشهر على معركة المساندة في الجنوب، ومع الحديث عن احتمالات شنّ حرب إسرائيلية على لبنان، لا يعود الموضوع مقتصراً على المدارس، حتى وإن حاولت لجنة إدارة الكوارث تحديد مدارس محددة لإيواء النازخين، بعدما قدمت التربية لائحة بها وشملت في معظمها مدارس مقفلة في الأساس كمرحلة أولى، ومحاولتها تحييد مدارس جرى ترميمها وتجهيزها أخيراً بمعدات تكنولوجية. الواقع أنه في حال الحرب، تخرج الأمور عن السيطرة إلا في حالات توفير الغذاء للنازحين، إذ لا يمكن التحكم بملف استيعاب النازحين وتنظيم هذه العملية كما حدث في مراحل سابقة، علماً بأن مديرية التعليم المهني وضعت مجمع نبيه بري في بئر حسن، ومعهد زغرتا المهني، والمعهد الفندقي في الميناء في تصرّف لجنة إدارة الكوارث، إضافة إلى أربع مهنيات أخرى وُضعت قيد التصرّف في المناطق لم يعلن عنها، فيما حددت وزارة التربية عدداً محدداً من المدارس الرسمية في جبل لبنان والبقاع والشمال، ولا تزال تدرس وضع المدارس في العاصمة المهيّأة للإيواء والاستيعاب.
الواقع أنه عندما تندلع الحرب لا تلقى المسؤولية في إيواء النازحين وتوفير مقوّمات الصمود للناس على جهة معينة، بل تصبح المؤسسات العامة والخاصة كلها تحت التصرف، وهو ما يطرح تساؤلات عما إن كان لبنان سيتحول إلى بلد يحاكي الحرب باستمرار بدلاً من العمل على تجنبها. أما في حال استمرار المشاغلة وتوسّعها إلى مناطق جنوبية جديدة، فهذا الأمر يطرح تحديات أكبر على التربية خصوصاً على انطلاق السنة الدراسية المقبلة وكيفية اتخاذ خطوات لاستيعاب المزيد من التلامذة النازحين وتوفير التعليم لهم في مناطق آمنة، وهو يتطلب الكثير من الإمكانيات التي ينبغي أن توفرها حكومة تصريف الأعمال إذا قررت أنها ستكون حكومة تحاكي الحرب باستمرار.
كل التوقعات في حال الحرب، تشير إلى نزوح كثيف قد يتخطى ما حدث في عدوان 2006، ولذا ستصبح كل المدارس الرسمية مفتوحة للإيواء، وهو ما يطرح على لجنة إدارة الكوارث مسؤولية وضع سيناريوات عدة لاحتمالات العدوان ومدى توسّعه في المناطق اللبنانية، علماً بأن عدد النازحين من المناطق الحدودية اليوم يتخطى مئة ألف مواطن، فكيف إذا تدفق مئات الآلاف في دولة عاجزة حتى عن تأمين الدواء والغذاء، وقرار الحرب والسلم ليس بيدها.
النهار- ابراهيم حيدر
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|