"وثائق استخباراتية" تكشف تورط نظام الأسد في تفجيرات واغتيالات
ما سرّ تَمَدُّد المواجهات الخشنة على جبهة لبنان مع تمديد مفاوضات غزة؟
تتمدّد النارُ على جبهة جنوب لبنان بالتوازي مع تمديدِ حالِ الانتظارِ لتَصاعُد الدخان الأبيض أو الأسود من مفاوضات الفرصة الأخيرة لبلوغ وقْف نارٍ في غزة باتت تتوقف على حصوله أو عدمه حربٌ إقليميةٌ صارتْ «مكوّناتُها» جاهزة وتمّ وضْع إيران و«حزب الله» في «قفص الاتهام» المسبَق بإشعالها بحال تنفيذهما الردّ الذي توعّدا به إسرائيل لاغتيالها القيادي الكبير في الحزب فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت ورئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية في طهران.
ولم يكن عابراً أن تشتعل جبهة الجنوب على المقلبين اللبناني والإسرائيلي، وفي شكلٍ يُعتبر من الأعنف منذ بدء المواجهات (8 أكتوبر)، على وقع «الإشاراتِ المتناقضة» حيال مآلاتِ مفاوضات اليومين التي عُقدت في الدوحة والتي راوحتْ بين «تضييق الفجوات» (مناخ تل أبيب) و«قرب التوصل لاتفاق» (أجواء البيت الأبيض) وبين اعتبار «حماس» كلام الرئيس جو بايدن «وْهماً»، كما في الطريق إلى الجولةِ الثانية في القاهرة قبل نهاية الأسبوع الطالع والتي تضغط واشنطن ليتحقق فيها الاختراق المطلوب.
وتوقّفت أوساط سياسية عند 3 تطورات شكلت موجة عاتية من التصعيد «فوق العادي»: قصف إسرائيل ما زعمتْ أنه مستودع أسلحة لحزب الله في النبطية ما أدى لمجزرة سقط فيها 10 سوريين مدنيين (بينهم أطفال)، ثم ردّ الحزب بعشراتِ الصواريخ على مستعمرة إييليت هشاحر (شمال شرق صفد)، وقبْلها إخراج الحزب بعضاً من «مفاجآت جوف الأرض» إلى فوقها مع فيديو منشأة «عماد 4» التي اظهرت جزءاً من «مدن أنفاقه» وترسانته الصاروخية العصية على «العين كما اليد».
وتمّ التعاطي مع هذه التطورات، التي ترافقتْ أيضاً مع قصف واسع النطاق من الجيش الإسرائيلي لقرى جنوبية عدة واستهدافه بمسيَّرة دراجةً نارية في منطقة صور أعلن أنه سقط فيها القيادي بوحدة الرضوان التابعة لحزب الله علي كاسب، على أنها في سياقِ حرص تل أبيب والحزب على الاستمرار بتوجيه الرسائل بالنار على تخومِ مرحلةٍ بالغة والخطورة والضبابية، وقد يكون الأكثر وضوحاً فيها أن جبهة جنوب لبنان ستبقى بدائرة الخطر العالي أياً يكن مصير حرب غزة.
وفي رأي الأوساط السياسية أن إسرائيل بتعمُّدها تعميق ضرباتها في جنوب لبنان وتوسيع أهدافها، بالتوازي مع ما نُقل عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين من أن القتال في غزة انتهى عملياً «وحان الوقت لإبرام صفقة للإفراج عن المحتجزين لدى حماس»، تسعى إلى ترجمةِ ما سبق أن أعطت إشاراتٍ إليه لجهةِ «فصْل المسارات» بين جبهتيْ الجنوب وغزة في أي وَقْفٍ للنار، بخلافِ رغبة «حزب الله» الذي تمسَّك ومازال بـ «عدم فصل هذين المساريْن» وبوحدتهما سلماً وحرباً.
كما أنّ تل أبيب تحاول «بالحديد والنار» رَسْمَ خطوطِ ردْعٍ أمام «حزب الله» على تخوم الردّ الذي يصرّ عليه ثأراً لاغتيال شكر، وكذلك إيران انتقاماً لاغتيال «ضيفها» هنية، وذلك على قاعدة أنّ أي ضربةٍ، ربما بالمطلق أو إذا لم تكن متناسبة مع الطابع الجِراحي لعمليتيْ الضاحية وطهران، ستجرّ لردٍّ «غير متوقَع» على الردٍّ، وهو ما تعتقد أن الحزب يتهيّبه لعدم رغبته ولا قدرته على تحمُّل التبعات الداخلية لاستجلابه حرباً واسعة للبنانيين الغارقين بأزمات لا تُحصى.
في المقابل، أراد «حزبُ الله» من خلال فيديو «جبالُنا خزائننا» الذي كشف عيّنةً من «مدن تحت الأرض» التي أقامها وتلتحف الجبال والصخور ومن صواريخه القابعة «في الأعماق» محاكاةَ إسرائيل بلغةِ «هذا بعضٌ مما نخبئه» لأي حربٍ واسعة، بحال تمادتْ بالردّ على الردّ، أو تَهيّأ لها أن تجزئةَ التبريد بين غزة وجنوب لبنان ممكنة وأن التفرّغ للحزب ما أن تَفرغ من حركة «حماس» سهْلٌ، أي أنه يلوّح بأدوات ردعٍ إضافية لمنْع الحرب وفق معادلة «تؤذوننا، نؤذيكم».
وفي رأي الأوساط السياسية أن هذه الرسائل المتبادلة تعزّز المخاوف من الآتي على لبنان، سواء نجحتْ مساعي بلوغ وقف نار في غزة، والتي سيتولى وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن دفْعها بزيارته للمنطقة، أم لم تنجح، بعدما باتت لجبهة الجنوب ديناميّتُها العسكرية المنفصلة التي «تَغَذّتْ» أساساً من حاجة طهران لتفعيلٍ مضبوطٍ ومدروسٍ لورقة «رابحة» تَجْعلها شريكاً بتقرير مصير غزة وإدارتها بعد الحرب كما في تشكيل المنطقة من جديد في ضوء ما سيُفضي إليه الصراع متعدد الجبهة.
وفي تقدير الأوساط نفسها أن انتزاعَ وقف نارٍ في غزة، سواء من ضمن اتفاقٍ شامل أو على قاعدة إطلاق المرحلة الأولى منه، يمكن أن يساعدَ في دوْزنةٍ أكبر للردّ المنتظر من «حزب الله» وإيران (وربما يرجئه أكثر) وكذلك يخفّض تحَفُّز بنيامين نتنياهو لردّ أوسع لجرّ الجميع إلى تصعيد شامل تعقبه تهدئة تشمل بالدرجة الأوْلى جنوب لبنان، ولكن مثل هذه الهدنة لا تعني إخماد حريق الجبهة اللبنانية العالقة بين:
- مطرقة إصرار نتنياهو على خط أحمر لا يحيد عنه وهو استحالة عودة الوضع في جنوب لبنان إلى الستاتيكو الذي حكمها منذ 2006 وحتى 8 اكتوبر الماضي، متمسكاً بترتيبات أمنية من ضمن القرار 1701 الذي ينص على أن تكون منطقة جنوب الليطاني خالية من السلاح، مع عدم ممانعة تجزئة التنفيذ على مراحل تبدأ بقيام شريط بعمق ما بين 8 و10 كيلومترات عن الحدود يتراجع «حزب الله» لما ورائها بما يسمح بعودة النازحين إلى مستعمراتهم.
وسندان استحالة «كلام» حزب الله بنهائياتٍ تتصب بمستقبل جبهة الجنوب قبل بلوغ ليس وقف نار في غزة، بل الحصول على ما يكفي من ضمانات بأن الحرب في القطاع توقفت وأن الأمر ليس مجرّد «استراحة مُحارِب» لتقطيع الوقت وصولاً للانتخابات الأميركية، ومن دون أن يُعرف حتى موقفه من أصل ما يُطرح و«المراسيم التطبيقية» للـ 1701، والتي لابدّ أن يوسّع الشروط بإزائها (في الوقت المناسب) لتشمل «بالتوازي» الجانب الإسرائيلي، مستفيداً من نقاط ثمينة حققها في الجوّ كما في الميدان حيث بات هناك «شريط أمني» بحُكم الأمر الواقع في شمال إسرائيل.
وما عزّز الخشيةَ على الواقع اللبناني الذي يطلّ على مرحلة «الطوارئ» بعتمةٍ شاملة أطلّتْ من إعلان مؤسسة كهرباء لبنان «سقوط» آخٍر مجموعة إنتاجية لمعمل الزهراني متبقية على الشبكة الكهربائية عن الخدمة بالكامل، ما يضع مطار بيروت والمرفأ ومضخات المياه الرئيسية وقطاع الاتصالات أمام خطر التعطّل المتدحرج، مضمون الاتصال الذي أجراه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بوزير خارجية بريطانيا ديفيد لامي وتم خلاله البحث في التطورات الامنية المستجدة في الجنوب وضرورة تكثيف الجهود لوقف دورة العنف.
وشدد ميقاتي «على ضرورة الضغط على العدو الإسرائيلي لوقف استهدافه المباشر للبلدات والقرى الجنوبية ما يؤدي إلى سقوط شهداء وجرحى ودمار شديد»، مبدياً خشيته من «أن دورة العنف الحالية قد تتسبب بتصعيد لا تحمد عقباه».
بدوره أكد وزير خارجية بريطانيا أنه «سيكثف اتصالاته الدبلوماسية لوقف التصعيد ومنع تفلت الأمور على نطاق أوسع».
واكتسبت «شكوى» ميقاتي للامي أهميتها باعتبار أنه كان زار الجمعة تل أبيب برفقة وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه (كان زار بيروت الخميس)، قبل أن يصدر بعد ظهر أمس بيان فرنسي - بريطاني - ألماني - إيطالي حذّر من أن «خطر اندلاع صراع في الشرق الأوسط أكبر من أي وقت».
وكانت الحركة الدبلوماسية المكثفة في اتجاه بيروت، والتي شملت أيضاً محطة للموفد الأميركي آموس هوكشتاين (الأربعاء)، انطبعت أول من أمس بمحادثات وزير خارجية مصر بدر عبدالعاطي الذي نقل إلى كبار المسؤولين اللبنانيين «رسالة دعم وتضامن من القيادة المصرية ومن الحكومة والشعب المصريين إلى الشعب اللبناني الشقيق والحكومة ولكافة مؤسسات الدولة اللبنانية مفادها بأن مصر متضامنة مع لبنان» و«أن أمن لبنان واستقراره هو مصلحة مصرية في المقام الأول، ومصلحة عربية نعمل على صونها ونحرص أيضاً للمحافظة عليها».
وأكد «انا موجود بتكليف وتوجيه من فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي كي ننقل هذه الرسالة الواضحة ولنؤكد وقوفنا إلى جانب لبنان حكومة وقيادة وشعباً، و لنؤكد مرة أخرى على أهمية وقف التصعيد وعدم جر المنطقة إلى أتون حرب إقليمية شاملة، ومصر تبذل كل جهد ممكن كما تعلمون لوقف هذا التصعيد والعمل قدر الإمكان وبأسرع وقت للوصول إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة».
وفي موازاة ذلك، اشتعل الميدان جنوباً، مع شن الطيران الإسرائيلي فجر أمس غارة على منطقة وادي الكفور في النبطية، أكدت وزارة الصحة اللبنانية أنها أدت إلى مقتل 10 أشخاص من الجنسية السورية بينهم امرأة وطفلاها، وإصابة خمسة بجروح بينهم ثلاثة من الجنسية السورية وإثنان منهم إصاباتهما حرجة ومواطنة لبنانية وشخص سوداني.
وفيما أفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية بأن القصف الإسرائيلي استهدف معملاً للأحجار الاسمنتية في المنطقة الصناعية في محلة تول - الكفور بالنبطية وأن الغارة تسببت بمقتل حارس المعمل وزوجته وأولاده، زعم الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي أن الطيران «أغار على مستودع أسلحة لحزب الله في جنوب لبنان».
ولم يتأخرّ رد الحزب بعشرات الصواريخ على مستعمرة إييليت هشاحر التي استهدفها للمرة الأولى وتبعدُ عن الحدود اللبنانية - الإسرائيلية نحو 10 كيلو مترات.
وأعلن الجيش الإسرائيلي عن إصابة جنديين جروح أحدهما خطيرة في مسغاف عام نتيجة سقوط قذيفة أطلقت من لبنان، فيما تحدثت وسائل إعلام عن مصابيْن إثر انفجار مسيّرة أطلقها الحزب نحو راميم ريدج الحدودية وعن انقطاع التيار الكهربائي في مناطق بصفد واندلاع أكثر من 10 حرائق في المناطق المفتوحة والزراعية نتيجة صواريخ الحزب.
كما أصدر الجيش الإسرائيلي وقيادة الجبهة الداخلية تعليمات جديدة طُلب عبرها من سكان العديد من المستعمرات مثل يوسود همعاليه، هولتا ومشمار جوردان، تجنب التجمعات واغلاق حمامات السباحة وتقليل حركة التنقل في الشوارع، والبقاء في مناطق محمية.
أعلن وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية أمين سلام أنّه «في حال توسّعت الحرب، فمخزون المواد الغذائية والقمح يكفي لثلاثة أو أربعة أشهر، وأنّ هناك طلبيات قائمة وبواخر تصل إلى مرفأ بيروت خلال الأسبوعين المقبلين تكفي لغاية خمسة أو ستة أشهر مواد غذائية إضافة إلى الموجود في البلد».
وطمأن سلام «ألّا خوف من انقطاع الخبز»، كاشفاً أنّ «المستوردين سيستمرون في استيراد الحبوب والقمح حتى بعد رفع الدعم بشكل طبيعي (بفعل انتهاء القرض المقدم من البنك الدولي وعدم تجديده)، حيث يصبح الاستيراد محرَّراً ويمكنهم استيراد كميات كبيرة وربما أكثر من السابق لأنهم سيتحررون من قيود البنك الدولي».
ولفت إلى أنّ «الشيء الوحيد الذي نتخوّف منه هو أن يحصل حصار مقصود على لبنان عبر مرفأي بيروت وطرابلس ومطار رفيق الحريري الدولي وتحديداً المرافق البحرية التي يدخل عبرها القمح ومعظم المواد الغذائية».
الأمم المتحدة: أكثر من 110 آلاف نازح من جنوب لبنان
أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، ان أكثر من 110 آلاف شخص نزحوا من جنوب لبنان منذ أكتوبر مع استمرار تبادل إطلاق النار بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله.
وأوضح المكتب في آِخر تحديث له، أن 35 في المئة من النازحين أطفال وأن التقديرات تشير إلى أن نحو 150 ألف شخص مازالوا في المناطق الحدودية جنوب لبنان.
وأكد أن 23 في المئة من السكان يعانون الآن من انعدام الأمن الغذائي، بعدما كانت نسبتهم 19 في المئة في مارس 2024. وشدد على أنه وشركاء الأمم المتحدة يواصلون تكثيف جهود الإغاثة، دعماً للاستجابة التي تقودها الحكومة، لكن هناك حاجة ماسة إلى تمويل إضافي.
وأوضح أن الشركاء الإنسانيين يحتاجون إلى 110 ملايين دولار للاستجابة المستمرة لاحتياجات الأشخاص المتضررين من النزاع حتى نهاية العام.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|