تبييض الأموال ومكافحته... لمُحارِبين ليسوا "رخوين" أمام المال...
يتصاعد ويتسارع الحديث عن تبييض الأموال في لبنان بين الحين والآخر، وعن وسائل مكافحته، وعن مؤتمرات واجتماعات تعالج تلك المشكلة التي تهدّد الصورة المالية والاقتصادية للبلد، ولكن من دون أُطُر مُتكامِلَة تُفيد بإمكانية التوصّل الى "خواتيم سعيدة" في هذا الملف بشكل جذري.
السّواد المُبيَّض...
وبين مكافحة تبييض الأموال، وممارسات فاسدة كثيرة "تعوّم" يومياتنا، نسأل عن احتمالات أن يدفع المواطن العادي، والذي لا دخل له بشيء، الثّمن في مدى بعيد بتشريعات وقوانين جديدة تُلقي على أكتافه أعباء كثيرة بحجّة محاربة الأنشطة غير الشرعية، فيما يبقى "المبيّضون" الحقيقيون للأموال في أنشطتهم "التبييضيّة" تلك، وبعيداً من أي ملاحقة ومتابعة، فتزداد الصعوبات على عامة الناس بدلاً من "تنظيف" السّواد المالي المُبيَّض.
مصدرها؟؟؟
شرح الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة أن "ليس كل شيء غير شرعي يعني تبييض أموال. فبعض الأنشطة غير الشرعية تقع ضمن خانة الإجرام المالي، لا تبييض الأموال".
وأوضح في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أن "الأموال التي يتمّ تبييضها هي أموال غير معروف أصلها ولا مصدرها، ويحاول من يتداولون بها إدخالها في الدورة الاقتصادية الشرعية ليتمكّنوا من استعمالها باستثمارات في داخل البلد، وبالاستهلاك المحلي، وباستعمالات عدّة. ولتسهيل تلك المهمّة، يتمّ غسلها أو تبييضها من خلال ترتيب كل ما يتعلّق بمصدرها للإيحاء بأنه شرعي ونظيف".
الأهداف النبيلة
ولفت حبيقة الى أن "نسبة كبيرة ممّن يقومون بأنشطة تبييض أموال، يقدّمون تبرّعات مهمّة لمؤسّسات صحية واستشفائية مثلاً، أو تربوية، أو دينية، أو غيرها. ففي تلك الحالة، يُصبح الانتباه مُركَّزاً على عمل الخير والهدف النبيل من استعمال تلك الأموال، وليس على مصدرها، وهو ما يسهّل التداول بها في السوق لاحقاً، وإدخالها في الدورة الاقتصادية الشرعية بشكل تدريجي".
وأضاف:"إدخالها في الاقتصاد الشرعي يتمّ عبر طُرُق عدّة، من بينها أن تقوم اللّجنة المسؤولة عن الأموال في المؤسّسة التي تلقّت التبرّع، باستعمالها بالطُّرُق التي تناسبها، سواء على شكل شراء سلع وحاجات معيّنة للمؤسّسة الصحية مثلاً أو التربوية من السوق، أو توفير فرص عمل في تلك المؤسّسة، أو في استثمار معيّن لصالح المؤسّسة أو غيرها مثلاً، أو لتنظيم حفلات معينة، أو من أجل مِنَح تعليمية، أو طبابة، أو أشياء أخرى، وهو ما يحرّك تلك الأموال في الدورة الشرعية العامة للاقتصاد تحت ستار أنشطة نبيلة. وبالتالي، حتى لو لم تَكُن استفادة من يبيّض الأموال مباشرة من جراء تلك الطُّرُق، إلا أنه سيستفيد منها بطريقة غير مباشرة، بعدما يكون أدخلها وحرّكها لتُستعمَل في السوق بأشكال مختلفة، وبطُرُق عدّة، وذلك من باب التبرّعات في البداية".
نظافة
وشدّد حبيقة على أن "هناك فارقاً كبيراً بين الجهات التي تتلقّى التبرّعات في تلك الحالة. فبعضها قد تكون مُشارِكَة بعمليات تبييض الأموال المُقدَّمَة لها على شكل تبرّعات، فيما بعضها الآخر قد لا تعلم أن ما حصلت عليه هو ثمرة تبييض أموال. بينما هناك من قد يأخذون تلك المساعدات بموازاة المساعدة على الإيقاع بمبيّضي الأموال الذين قدّموها، من خلال فخّ معيّن مثلاً".
وتابع:"هناك من يقولون إن لا فارق لديهم طالما أنهم يستعملون تلك الأموال لهدف سامٍ، وذلك مقابل غيرهم قد يصرّون على مساعدة العدالة. وهنا، يُنصَح بإجراء التقصّي اللازم في حال الحصول على مساعدات، من أجل التأكُّد ممّا إذا كانت من مصادر نظيفة أو لا، قبل قبول التبرُّع. ولكن متابعة تلك الملفات تحتاج الى عمل جدي، والى نظيفي كفّ وضمير ليلاحقوا التفاصيل كما يجب".
وختم:"يتوجب على من يلاحقون تلك الملفات في أي دولة أن يتمتّعوا بالمصداقية والنظافة اللازمة، وبالدعم السياسي الجدّي، بعيداً من أي تواطؤ مع شبكات الإجرام. ولكن المشكلة هي في أن الإنسان بشكل عام، وليس في لبنان فقط، هو كائن رخو أمام المال إجمالاً ومع الأسف، فيما الحاجة تبقى ماسّة الى ما يُخالف ذلك تماماً، في كل ما يتعلّق بعمليات مكافحة الفساد وتبييض الأموال".
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|