سلاح "سرّي" لتسويق ارتفاع الأسعار...
كيف يمكن لبلد أن يؤسّس اقتصاداً فعلياً، ونظاماً مالياً متيناً وموثوقاً، إذا كان شعبه يفتقر الى ثقافة التعامل مع المال؟
"بسيطة"
ففي أي بلدة من بلدات دولة كبرى وغير كبرى في الخارج، لا في مدنها فقط، قد نجد الناس يحسبون زيادة نِسَب ضريبة الكهرباء، أو المياه، أو أي شيء... بـ "السنتيم" و"السنت"، مع مقارنة نوعية الخدمة في مرحلة ما قبل الزيادة وما بعدها، بالإضافة الى تفنيد تفاصيل أخرى... مع انعكاسات ذلك على قدرة توفير باقي الحاجات، وتأثير ذلك على الإنفاق الشهري للعائلة، وغيرها من الأمور.
وأما في لبنان، فيمكن لأيّ كان أن يلاحظ أن مكافحة ارتفاع الأسعار، وزيادة الضرائب غير المُتناسِبَة مع الخدمات... يتمّ على طريقة أن "شو بيأثّر"، و"هيدي شو حقّا"، و"بسيطة"، و"مش مشكلة" أن يكون ثمن هذه السلعة أو تلك 5 دولارات مثلاً، بعدما كانت بقيمة 4.20 دولاراً مثلاً، قبل أقل من 20 يوماً... وأن تكون زادت بما يُقارب الدولار الواحد خلال ثلاثة أسابيع تقريباً، ومن دون أي قاعدة مُقنِعَة تماماً.
مقاييس مقلوبة
وانطلاقاً ممّا سبق، هل يمكن لشعب يفتقر الى ثقافة التعاطي مع المال، والذي قد يعتبر أن تحمّل ارتفاع الأسعار من دون رقيب أو حسيب هو كرم، أن ينعم بنظام مالي "صحي" ومتين في بلده؟ وهل ان هذا الشعب هو بمستوى هذا النوع من النظام المالي، أو يستحقّ نظاماً اقتصادياً سليماً؟
وكيف يمكن لشعب لا يفقه ماهية المال، ولا أصول التعامل معه وبه، ولا أصول المتابعة الواجبة في حالات ارتفاع الأسعار ونِسَب الضرائب، أن يكون مُنتظماً في نظام مالي غير فاسد، ونابذ للفساد، إذا كانت المقاييس مقلوبة بالنّسبة إليه؟
خديعة...
شدّد مصدر خبير في الشؤون المالية على أن "هذه المشكلة نابعة من الثقافة العامة السائدة على مستوى الدولة في لبنان عموماً".
ونبّه في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "القضية لا تقتصر على ثقافة استسهال ارتفاع الأسعار وتبريرها في نفوس اللبنانيين، بل تصل الى حدّ عدم مطالبتهم الدولة بأي إصلاح على مستوى الخدمات التي تقدّمها، والسلع الموجودة في أسواقها، وفق قاعدة حقّ الإنسان ببلده في أن يتنعّم بأفضل مواصفات لسلعة أو خدمة معيّنة، وذلك بموازاة سعر أقلّ. ومع الأسف، لا مجال لمثل تلك النقاشات في لبنان، وهو ما يشكل سبباً رئيسياً لغياب الوعي، ولفقدان جودة البنية التحتية، وللصمت تجاه كل ما هو مُتهالِك داخل الدولة، ولانعدام فرص الحصول على كهرباء مُستدامة، واتّصالات جيّدة، وطُرُق مُصانَة. فالبيئة العامة للبلد غير صحية على المستويات كافة، وباستسهال شعبي، بشكل يسهّل تسخير الدولة وخدماتها وواجباتها وعملها لتوفير مداخيل من هم في السلطة حصراً".
وختم:"هناك مساعٍ حثيثة لخداع الناس في لبنان بأساليب كثيرة، منها القول إن الأزمة التي بدأت في أواخر عام 2019 هي كل ما نعاني منه فقط. ولكن هذه خديعة هدفها الإبقاء على الفساد المزمن على حاله، بدلاً من السعي لاجتثاثه بالكامل. والمؤسف هو أن اللبنانيين يقبلون كل ما يُقدَّم أو يُصوَّر لهم".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|