عودة ظريف عن استقالته حاجة ملحّة للنظام...افضل توقيت لاستئناف المفاوضات النووية
ليست مفاجئة، ولئن كانت مستغربة، عودة وزير الخارجية الإيراني السابق محمد جواد ظريف، عن استقالته امس، بعد نحو اسبوعين على اعلانها على خلفية "خيبة أمله حيال التشكيلة الحكومية المؤلفة من 19 وزيرا، ولما واجه من ضغوط كون ولديه يحملان الجنسية الأميركية إلى جانب الإيرانية، على حدّ تعبيره. فمن يتابع مسار السياسة الايرانية في السنوات الأخيرة، وخصوصا بعد عملية طوفان الاقصى وتداعياتها وصولا الى بلوغها نقطة تهديد
المنطقة برمتها بحرب واسعة واستقدام الاساطيل الاميركية اليها، كما اتجاهات الرياح الانتخابية الرئاسية الاميركية، يدرك ان طهران تراجع حساباتها او بالأحرى تقدّم مصالحها على اي شيء آخر، وانها توظف الظرف الاقليمي للحصول على مكتسبات في شأن ملفها النووي.
وليس فتح المرشد الإيراني علي خامنئي، الباب أمام استئناف المفاوضات مع الولايات المتحدة بشأن البرنامج النووي لبلاده، قائلا للحكومة " لا يوجد عائق أمام التعامل مع العدو على حد وصفه"، معزولا بدوره عن عودة ظريف
الى الملعب الحكومي ، فالتربط واضح بينهما ، والعودة في هذا التوقيت بالذات تتسق بشكل تام مع كلام الرئيس مسعود بزشكيان عن انه سيحاول استئناف المفاوضات مع واشنطن كأحد اهم المداخل لاستعادة قوة الاقتصاد الايراني ورفع العقوبات، وفي ظل سلسلة وعوده للناخبين بتحسين اوضاعهم المعيشية . اذ جاء اعلان المرشد اليوم ليؤكد براغماتية النظام الايراني الذي لا يبحث الا عن مصلحته فقط، متجاهلا كل الشعارات التي يطلقها ضد الولايات
المتحدة الاميركية والدعوات الثورية المعادية "للشيطان الاكبر" ، وفي وقت لم تقدم فيه ايران شيئا للقضية الفلسطينية ولا لدعم القدس ولا اهالي غزة، وعلى رغم الانتهاكات الاسرائيلية للمسجد الاقصى حتى انها لم ترد بعد على اغتيال اسماعيل هنية في عقر دارها متذرعة بالمفاوضات الدائرة بين الدوحة والقاهرة .
ظريف وفي معرض اعلان عودته عن الاستقالة كتب على منصة "إكس": "بعد المتابعات والمشاورات التي أجراها الرئيس وأمره المكتوب، سأواصل ممارسة مهامي كنائب للرئيس للشؤون الاستراتيجية". واشاد خلال مشاركته امس في أول اجتماع للحكومة الجديدة مع المرشد الإيراني، بالحكومة الجديدة في منشوره.
تحاول الجمهورية الاسلامية، بحسب ما تقول مصادر دبلوماسية ، استغلال اللحظة السياسية سواء بالنسبة الى الأوضاع في غزة والرغبة الاميركية الكبيرة بعدم جر المنطقة كلها الى الحرب الشاملة او ما يتصل بالحرب الروسية –الاوكرانية، وتاليا ابتزاز واشنطن بالضغط عليها في اكثر من محور لتحصيل مكاسب في الملف النووي، خصوصا بعدما بات المشهد اكثر اشتباكا وتعقيدا ، اذ لم يعد مرتبطا فقط بالامور التقنية والفنية والامنية وبعلاقة ايران مع
الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتقديم تسهيلات وابراز شفافية في التعامل مع الوكالة لجهة تركيب كاميرات والسماح بدخول مفتشين جدد او الاعلان عن نسب التخصيب ومواقعها والسماح بالتفتيش، بل باتت الامور اكثر تعقيدا وثمة متغيرات قديمة بأبعاد جديدة كعلاقة ايران بالحرب في غزة وفرص وقف اطلاق النارعبر المفاوضات والانتخابات الاميركية وهوية الرئيس العتيد.كل هذه المتغيرات ، توضح المصادر توجب عودة شخصية كمحمد جواد ظريف
الديبلوماسي المتمكّن ، بعد جهد بذله الرئيس الاصلاحي ووعود قطعها له بعد نيل الاضوء الاخضر من المرشد باستئناف المفاوضات واعتماد المرونة ووتوسيع هامش تحرك الحكومة باستقلالية عن النظام وضغوطه والسماح للوفد المفاوض بأداء مهامه بعيدا من اي املاءات.
ظريف الاصلاحي الذي مثل إيران في الأمم المتحدة وشغل منصب وزير الخارجية بين عامي 2013 و2021، في عهد الرئيس المعتدل حسن روحاني ، يشكل حاجة لا بل ضرورة للنظام المحافظ منذ لعب الدور البارز في المفاوضات التي أدت إلى إبرام الاتفاق بشأن برنامج إيران النووي عام 2015، وفتح طريق تواصلها مع الغرب ،وهو ما يتطلع اليه النظام مجددا اليوم،علّه بحنكته المعهودة يوظّف الظرف الاقليمي والدولي لتحصيل مكاسب في المفاوضات تخفف عن ايران العقوبات وتعيدها الى مسرح اللاعبين الكبار دوليا.
الاسابيع والاشهر المقبلة لا بدّ ستوضح مسار عمل الحكومة الايرانية الجديدة واتجاه سياساتها وصوابية عودة ظريف عن استقالته، تختم المصادر.
المركزية - نجوى أبي حيدر
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|