الكولاجين البقري بين الحقيقة والإعلانات الترويجيّة...
في عصرنا الحالي، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي منصة رئيسية لتسويق العديد من المنتجات الطبية والعلاجية، لكن هذه الاعلانات لا تخلو من المخاطر. من بين هذه الظواهر، الترويج لمكملات الكولاجين البقري، التي تأتي على شكل جيلاتين، كوسيلة فعّالة لمكافحة الهرم وآلام المفاصل والغضاريف. ورغم أن هذه المستحضرات قد تبدو حلاً سحرياً للوهلة الأولى، إلا أن هناك جوانب سلبية يجب أخذها بعين الاعتبار.
فالكولاجين، على سبيل المثال، ينبغي تناوله بمقدار يتراوح بين 6 إلى 10 غرامات يومياً لتحقيق الفائدة المرجوة، وأي تجاوز لهذه الجرعة قد يؤدي إلى أعراض صحية غير متوقعة. علاوة على ذلك، يعتبر الكولاجين البحري من
أفضل الأنواع من حيث الفعالية والامتصاص، مما يطرح تساؤلات حول كفاءة الأصناف الأخرى التي يٌروج لها بشكل واسع. لذا، فإن الاستهلاك العشوائي لمكملات هذه المادة دون استشارة طبية قد يسبب أضراراً تفوق المنافع المأمولة، وهذا ما يجب التنبيه إليه في ظل هذه الحملات التعريفية الملغومة والمركزة.
في ظل الفوضى التي تشهدها مواقع مثل "تيك توك"، نسلط الضوء على حالة ترويج بعض الأطباء المرموقين لملحقات الكولاجين البقري. حيث يوظف هؤلاء الخبراء منصاتهم للتسويق لهذا النوع من الكولاجين كحل سحري لمشكلات التقدم في العمر وآلام المفاصل والانسجة الغضروفية، دون مراعاة الجوانب السلبية المحتملة لهذه المادة.
أكد طبيب متخصص في الامراض الجلدية ان هناك العديد من الدراسات حول مكملات الكولاجين، بما في ذلك النوع البقري والبحري، وتأثيرها في الصحة. ومن النقاط المستندة إلى الأبحاث:
1.فعالية الكولاجين: أظهرت بعض الدراسات أن تناول مكملات الكولاجين يمكن أن يحسن صحة الجلد ويقلل من التجاعيد، بالإضافة إلى تخفيف آلام المفاصل. ومع ذلك، تختلف النتائج بناءً على النوع المستخدم، اذ يُعتبر الكولاجين البحري أكثر فعالية من الأنواع الأخرى من حيث الامتصاص والمزايا الصحية.
2. المقدار: تشير الأبحاث إلى أن الجرعة المثلى من الكولاجين تتراوح بين 6 إلى 10 غرامات يوميا. لذلك فان تناول كميات أقل قد لا يعطي الثمار المنشودة، في حين لا توفر المعدلات الكبيرة منافع إضافية وربما تتسبب في مضاعفات صحية محتملة.
3. الآثار الجانبية: بينما تُعتبر الفيتامينات آمنة في الغالب عند تناولها بالجرعات الموصى بها، قد يعاني بعض الأفراد من آثار جانبية مثل اضطرابات هضمية أو تفاعلات تحسسية، خصوصا إذا كان لديهم حساسية تجاه المصادر الحيوانية.
4. الحملات والاعلانات: أظهرت بعض الدراسات عواقب الترويج المكثف للمنتجات الصحية على وسائل التواصل الاجتماعي، مشيرة إلى أن هذا الاعلان قد يؤدي إلى تضليل الناس بسبب نقص المعلومات المتوازنة حول التأثيرات السلبية الممكنة والتطبيق المأمون. كما ان الكولاجين البقري قد يحمل تهديدات تتعلق بنقل الأمراض الحيوانية إلى البشر".
من جانبها، أوضحت المتخصصة في الأمراض الجلدية والطب التجميلي، الدكتورة غادة قصير، في تصريح لـ "الديار"، أن الشيخوخة تؤدي إلى فقدان الكولاجين المخزن في الجلد، وهو عنصر أساسي للحفاظ على نضارته وشدّه، بالإضافة إلى حمايته من العوامل الخارجية مثل أشعة الشمس والملوثات البيئية. ونظرا لأن الجلد رقيق، فإن استعادة هذا البروتين تعدّ مسألة بالغة الأهمية".
ولفتت الى "أنه مع توافر تقنيات متعددة لتحفيز إنتاج الكولاجين وتعزيز إفرازه، مثل الليزر، البودرة (المسحوق)، الخيوط، وحمض الهيالورونيك، أصبح من الممكن الآن الاستفادة من عدة منشطات حيوية. وأوضحت أنه يُوصى باتباع بروتوكولات سنوية لدعم مستويات هذا البروتين، حيث يلعب الكولاجين وحمض الهيالورونيك دوراً أساسياً في الحفاظ على صحة المفاصل والغضاريف".
وأشارت إلى أن "الكولاجين يعتبر علاجاً مزدوج الفائدة، حيث يسهم في مداواة المشكلات الصحية والجمالية. وفيما يتعلق بنوع وتركيبة الكولاجين، نصحت قصير بالابتعاد عن الكولاجين البقري، موضحة أن الأطباء لا يوصون به بسبب المخاوف من ردود فعل تحسسية، حيث يشتمل على بروتينات تسبب تفاعلات غير مرغوب فيها، خصوصاً للأشخاص الذين لديهم حساسية تجاه بروتينات الحيوانات".
وفضلت "اعتماد الكولاجين البحري المستخرج من الأسماك، مع التشديد على أن الجرعة المثلى تتراوح بين 6 إلى 10 غرامات. ورغم أن الدراسات تثبت فعاليته، فإن امتصاص هذا البروتين في المعدة محدود، لذا يُفضل تحسين استيعابه عبر تناول النوع البحري بمقادير مناسبة".
وذكرت قصير أن "الاقراص لا تنتج الأثر المطلوب كما هو الحال مع مسحوق الكولاجين القابل للذوبان في الماء، الذي يعدّ بديلاً أسهل من تجرع سبع كبسولات يوميا. وشددت على أهمية دمجه مع فيتامين C لتحسين عملية التحفيز، كما يمكن تعزيز فعاليته بإضافة مكونات أخرى مثل حمض الهيالورونيك. وأوصت بتناول الكولاجين على شكل مسحوق لفترة تمتد إلى ثلاثة أشهر سنويا، مع إمكانية متابعة العلاج بالكبسولات بعد ذلك".
في الخلاصة، من الضروري ادراك أن الاعتماد على المعلومات التي تُبث على وسائل التواصل الاجتماعي دون التحقق من صحتها قد ينعكس سلبا على صحتنا الفردية والعامة. فضلا عن ان الترويج لمستحضرات طبية أو علاجية دون دليل علمي معتمد قد يعرّض الأفراد لمخاطر صحية جسيمة. لذا، ينبغي على الجميع توخي الحذر والحرص على استقاء المعلومات من مصادر موثوقة، والتشاور مع المختصين قبل اتخاذ أي قرارات صحية. وتأكيدنا هو ان اليقظة والتمحيص هما السبيلان الرئيسيان لحماية صحتنا وضمان اتخاذ قرارات مدروسة ومبنية على أسس علمية.
ندى عبد الرزاق - الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|