بالصورة- انتشار للشرطة في محيط مقرّ اقامة نتنياهو… فما السبب
من غزة ولبنان إلى الضفة... إسرائيل تخوض الكثير من الحروب!
في الوقت الذي تشنّ فيه إسرائيل حرباً مدمرة مع حركة حماس في قطاع غزة وتجذب أكبر قدر من الاهتمام العالمي، فإن جيشها يقاتل أيضاً منذ شهور على عدة جبهات أخرى، مما يجعل هذه الفترة واحدة من أكثر فترات الصراع تعقيداً في تاريخ البلاد الممتد على مدار 76 عاماً.
ففي الضفة الغربية، يشن الجيش الإسرائيلي غارات على فصائل في عدة مدن فلسطينية، مما أسفر عن مقتل نحو 600 شخص منذ أكتوبر (تشرين الأول)، في أعنف حملة تشهدها الأراضي الفلسطينية منذ أكثر من عقدين.
وبدأت إسرائيل يوم الأربعاء واحدة من أكبر مناوراتها في المنطقة خلال الأشهر الأخيرة، حيث غزت في الوقت نفسه ثلاث مدن للقبض على المتشددين أو قتلهم.
وعلى طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية، تتبادل إسرائيل إطلاق الصواريخ والقذائف مع حزب الله، في قتال أدى إلى نزوح مئات الآلاف من الأشخاص على جانبي الحدود وقتل المئات.
وانفجرت حرب الظل الإسرائيلية المستمرة منذ سنوات مع إيران، حيث ضرب كل جانب الآخر مباشرة في أبريل (نيسان)، مما أدى إلى مخاوف من أن الحرب في غزة قد تؤدي في النهاية إلى اندلاع حرب شاملة تشمل إيران ووكلائها العديدين في جميع أنحاء الشرق الأوسط وحتى الولايات المتحدة.
لهذا يتساءل الكاتب باتريك كينغسلي من القدس، في تقرير بصحيفة "نيويورك تايمز": لماذا تقاتل الجماعات المختلفة إسرائيل؟ ولماذا تستخدم الأخيرة القوة للتعامل معهم؟ ولماذا يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى تنتهي هذه الحروب؟
يقول الكاتب إنه على الرغم من تدمير الكثير من البنية التحتية العسكرية لحماس وعشرات الآلاف من القتلى، لا توجد نهاية في الأفق للحرب في غزة، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن إسرائيل وضعت لنفسها عتبة عالية للنصر: القضاء على قيادة حماس وإنقاذ ما يقرب من 100 رهينة لا تزال تحتجزهم الحركة.
على النقيض من ذلك، فإن حماس لديها عتبة منخفضة: فهي تسعى إلى البقاء في الحرب، وهو هدف متواضع يسمح لها بالتغلب على مستوى من الدمار الذي ربما تسبب في استسلام مجموعات أخرى.
كما أن شبكة الأنفاق الجوفية الواسعة لحماس تجعل من الصعب على إسرائيل الفوز. ويعتقد أن بعض قادة الجماعة في عمق الأرض، محاطين في بعض الحالات برهائن إسرائيليين، مما يجعل من الصعب على إسرائيل العثور عليهم، ناهيك عن مهاجمتهم دون الإضرار بمواطنيها المختطفين.
كما أن تكتيكات إسرائيل تجعل الفوز أكثر صعوبة، فقد انسحب جيشها بسرعة من معظم المناطق التي احتلتها، مما سمح في بعض الحالات لحماس بإعادة تجميع صفوفها هناك ومنع الحرب من الانتهاء بالطريقة التي تنتهي بها معظم الحروب، حيث يستولي أحد الجانبين على أراضي الآخر.
وثبت أن وقف إطلاق النار بعيد المنال، إذ يرجع ذلك إلى حد كبير إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، لا يريد سوى هدنة مؤقتة، بينما يسعى يحيى السنوار، زعيم حماس، إلى الوقف الكامل للحرب.
وبينما انسحب الجنود الإسرائيليون من غزة في عام 2005، احتفظ الجيش بوجود واسع في جميع أنحاء الضفة الغربية وذلك بهدف حماية ما يقرب من 500000 إسرائيلي يعيشون في مستوطنات تعتبر غير قانونية من قبل معظم دول العالم.
ويقوم الجيش الإسرائيلي بانتظام بغارات وضرب المدن الفلسطينية في الضفة الغربية لقمع الجماعات الفلسطينية المسلحة، بما في ذلك حماس، التي تشن هجمات على الإسرائيليين في تلك المستوطنات وفي إسرائيل نفسها.
العديد من الجماعات المسلحة تعارض وجود إسرائيل، حيث أصبحوا أكثر نشاطاً في السنوات الأخيرة مع تزايد ترسخ الوجود الإسرائيلي، مما أدى إلى إنهاء حلم الدولة الفلسطينية وزيادة الاستياء الفلسطيني من الإسرائيليين.
كما استشهدت الجماعات الفلسطينية بتزايد العنف الذي يمارسه المستوطنون المتطرفون ضد المدنيين الفلسطينيين، إلى جانب الشعور بتزايد إفلات هؤلاء المتطرفين من العقاب وتوسيع مستوطناتهم، لتبرير تشددهم، بحسب الصحيفة.
ومنذ بدء الحرب في غزة، زادت إسرائيل هجماتها على هذه الجماعات المسلحة، قائلة إنها أصبحت أكثر نشاطاً وسط زيادة في الأسلحة المهربة من إيران.
وتقول إسرائيل أيضاً إن السلطة الفلسطينية، أصبحت أضعف من أن تكبح جماح الجماعات بنفسها.
حزب الله وهو ميليشيا متحالفة مع حماس تسيطر على أجزاء كبيرة من جنوب لبنان بدأ إطلاق النار على إسرائيل تضامناً مع حماس بعد فترة وجيزة من هجوم 7 تشرين الأول.
ومنذ ذلك الحين، تتبادل إسرائيل وحزب الله إطلاق الصواريخ عبر الحدود الإسرائيلية اللبنانية، بينما يحاولان تجنب حرب برية شاملة من شأنها أن تدمر البلدين على الأرجح. ويمكن للطائرات المقاتلة الإسرائيلية أن تشل بيروت، العاصمة اللبنانية، بينما يمتلك حزب الله آلاف الصواريخ الموجهة بدقة التي يمكن أن تدمر المدن الإسرائيلية.
وقالت إسرائيل إنها لن تتوقف عن استهداف أصول وعناصر حزب الله حتى تصبح آمنة لسكان شمال إسرائيل، الذين نزح حوالي 60,000 منهم بسبب القتال، للعودة إلى ديارهم. لكن هذا احتمال بعيد لأن حزب الله تعهد بدوره بمواصلة إطلاق النار حتى تنفيذ وقف دائم لإطلاق النار في غزة، كما يقول الكاتب.
ومع عدم وجود نهاية في الأفق في غزة، يبدو أن معركة لبنان ستستمر، مما يزيد من فرص سوء التقدير من قبل أي من الجانبين مما قد يؤدي إلى خروج الصراع عن السيطرة.
على مدى عقود، قال قادة إيران إنهم يسعون إلى تدمير إسرائيل، حيث هاجم كلا البلدين سراً مصالح بعضهما البعض وقام كلاهما ببناء تحالفات إقليمية متنافسة لردع بعضهما البعض. وتنظر إسرائيل إلى جهود إيران لبناء سلاح نووي على أنها تهديد وجودي، وقد حاولت في كثير من الأحيان تخريب البرنامج.
حتى الحرب في غزة، حاول الجانبان الحفاظ على الإنكار المعقول لهجماتهما، وذلك أساساً لتجنب المواجهة المباشرة التي يمكن أن تتصاعد إلى حرب شاملة.
ولم تعلن إسرائيل أبداً مسؤوليتها عن اغتيال مسؤولين إيرانيين، بينما تجنبت إيران الاستفزازات العلنية الكبرى الخاصة بها، وشجعت وكلاءها مثل حماس وحزب الله والحوثيين في اليمن، وكذلك الجماعات الفلسطينية في الضفة الغربية، على مهاجمة إسرائيل.
يقول الكاتب: "أغرت حدة الصراع في غزة وطوله كلا الجانبين بأن يكونا أكثر صراحة، مما أدى إلى فتح حرب الظل بينهما. وفي نيسان، ضربت إسرائيل مجمعاً دبلوماسياً إيرانياً في سوريا، مما أسفر عن مقتل عدد من كبار القادة الإيرانيين".
وردت إيران بإطلاق واحدة من أكبر وابل من صواريخ كروز والصواريخ الباليستية في التاريخ العسكري في أول ضربة مباشرة على إسرائيل من إيران، مما أثار شبح حرب كاملة، لكنه تسبب في النهاية في أضرار طفيفة.
وعندما زار زعيم حماس السياسي، إسماعيل هنية، إيران في تموز، خاطرت إسرائيل بقتله على الأراضي الإيرانية، مما دفع إيران إلى الوعد بضربة مباشرة أخرى على إسرائيل.
وتقول إسرائيل إنه لم يتبق لها خيار سوى الدفاع عن نفسها ضد تحالف إقليمي تقوده إيران لا يهدف فقط إلى إنهاء الوجود الإسرائيلي في فلسطين، ولكن لتدمير إسرائيل نفسها.
ويسلط المسؤولون الإسرائيليون الضوء على كيف هاجمت حماس وحزب الله إسرائيل أولاً، مما أجبر إسرائيل على الرد، ويقولون إن دعم إيران لحماس وحزب الله يجعل من الضروري لإسرائيل مهاجمة إيران وأصولها.
شاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|