خطّة معالجة أوضاع المصارف وكذبة الفوائد الفائضة
بقلم العميد المتقاعد دانيال الحداد
بعد أن تناولت في مقالي السابق بصورة عامة، ثغرات الخطة المسربة لفريق رئيس الحكومة حول معالجة أوضاع المصارف، لجهة الظلم الفاقع بحقّ المودعين، والتعقيدات الهائلة التي تحول دون تطبيق هذه الخطّة ، سأتناول اليوم بالتفصيل مسألة شطب ما سمّي بالفوائد الفائضة.
لقد نصّت هذه الخطة على شطب الفوائد الفائضة عن ١٪ بين العامين ٢٠١٥ و٢٠٢٠ من حسابات المودعين، وهي عملياً شطبت كلّ الفوائد المحصلة بين هذين العامين، أي أنّها أصبحت صفراً، وذلك لأن ضريبة المالية التي كانت تقتطع من هذه الفوائد شهرياً تساوي ١٠٪ منها، فعن أي فائض يتحدثون؟ وما هذه السابقة الغريبة العجيبة التي لم تحصل حتى في أيّ دولة من دول العالم الثالث، في حين أنّ فوائد سندات الخزينة الأميركية تبلغ اليوم ٥،٥٪ ؟!
إن شطب هذه الفوائد كليّاً كما سبق وذكرت، يفترض عودة الودائع إلى قيمتها الأساسية، لكن أصل هذه الودائع تعرّض وسيتعرّض للتذويب للأسباب الآتية:
- إن تصفير الفوائد على الودائع منذ العام ٢٠١٥ كما ورد في الخطّة أي طوال ٩ سنوات إذا ما احتسبنا فترة ما بعد الأزمة، يفقدها ٣١ ٪ من قيمتها الشرائية، استناداً إلى معدل التضخم العالمي الذي يساوي نحو ٥٪ سنوياً.
- الهيركات الهائل الذي حصل على السحوبات المصرفية منذ العام ٢٠١٩ أي تاريخ بدء الأزمة،(أصل الودائع والفوائد معاً) من خلال سحب الدولارات بالليرة على السعر الرسمي وليس على سعر السوق بخسارة وصلت إلى ٨٣ ٪، إذ تقدر الخسارة العامة بنحو ١٥٪ من أصل الودائع، وهذا ما يثبته تراجع كتلة الودائع المدولرة من ١٢٧ مليار دولار قبل الأزمة إلى ٨٦ مليار دولار اليوم.
- الخسائر المستقبلية التي ستنجم عن تسديد قسم من الودائع، ١٠٠ ألف دولار للودائع المدولرة قبل ١٧ تشرين ٢٠١٩ و٣٦ ألف دولار بعد هذا التاريخ، لمدة ١١ سنة من دون أيّ فائدة، ما يفقد هذا المبلغ الزهيد أيضاً ٣٠٪ من قوّته الشرائية.
- الخسائر الناجمة عن تحويل القسم الذي يتراوح بين ١٠٠ الف دولار و٥٠٠ الف دولار إلى الليرة بخسارة ٥٥٪ للودائع المدولرة قبل ١٧ تشرين ٢٠١٩، و٧٣٪ للودائع المدولرة بعد هذا التاريخ.
- الخسائر الناجمة عن تحويل القسم الزائد عن ٥٠٠ ألف دولار من الوديعة إلى أسهم مصرفية وسندات في صندوق استرداد الودائع وسندات زيرو كوبون مجهولة المصير ، وخاسرة حتماً.
بعد هذا العرض ماذا يبقى من الودائع في نهاية المطاف؟ وأيّ رسالة يوجهها لبنان إلى المستثمرين في الداخل والخارج، وهم يرون بأمّ العين أنّ الضمانة الوحيدة التي تقدّمها السلطة لهم هي نهب أصول أموالهم، واعتبارهم بمنزلة جمعيات خيرية ملزمة بالخسارة ، علّها تحجز لهم على أجنحة الخيال مرقد عنزة في جبال لبنان....
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|