الـOTT أمام ديوان المحاسبة مجدداً: مراجعة ملف شركة "وهمية"!
بعد إبطال ديوان المحاسبة منذ شهر تموز الماضي صفقة عرضت أمام رقابته المسبقة، حول تلزيم خدمة البث التلفزيوني عبر شبكة الإنترنت، أو ما يعرف بالـOTT، لشركة STREAM MEDIA، التي اعتبرها الديوان "وهمية"، برز مؤخراً التباين في مقاربة هذا القرار، لاسيما لجهة ما دعا إليه الديوان حول "إعادة تكوين الملف" بما يتناسب مع ملاحظاته.
هذا التباين انعكس أجواءً متشنجة ونقاشات حادة رافقت جلسة لجنة الاتصالات النيابة، التي انعقدت يوم أمس الخميس، بين وزير الاتصالات جوني القرم من جهة، وجبهة نواب خاضت معركتها بوجه الصفقة من جهة ثانية، من دون أن يتسنى للحاضرين الغوص في تفاصيله، بسبب ضيق الوقت الذي استُنزف في نقاش ملفات من خارج الجدول المحدد. وعليه، لم يتسن للنواب الاطلاع على تطور بارز شهده هذا الملف خلال الأسبوع الجاري.
مطلب ديوان المحاسبة
في اتصال مع "المدن"، كشف وزير الاتصالات جوني القرم، أنه تقدم من ديوان المحاسبة بمراجعة، بُنيت على ما طلبه الديوان من إعادة تكوين للملف، حيث تم توضيح بعض المعلومات المتعلقة بشركة ستريم ميديا، وجرى تصحيح بعض الأمور بما يتناسب مع مطلب الديوان.
وحسب معلومات "المدن"، فإن "ملف المراجعة" الذي بني حول ملف ستريم ميديا بشكل أساسي، أصبح قيد الدرس أمام الغرفة الثانية في ديوان المحاسبة، برئاسة القاضي عبد الرضى ناصر. وعليه، من الطبيعي أن تتوقف المذاكرات الجديدة حوله، عند قانونية تقديم هذا الطلب أولاً، سواء في الشكل أو في المضمون.
وفي هذا الإطار شرح مصدر قانوني مطلع لـ"المدن"، أن القانون الذي يرعى شروط إعادة النظر بقرارت الرقابة الإدارية المسبقة، ينص في الشكل أولاً على ثلاثة مراجع يحق لها تقديم طلب إعادة النظر بقرارات الديون، وهم رئيس ديوان المحاسبة، مدعي عام الديوان والإدارة المختصة. أما في المضمون فإن إعادة النظر تقبل إذا تبين أن القرار المتخذ قد أغفل مستندات أساسية، ولم يطلع عليها القضاة، شرط أن تكون إثباتات مرتبطة بمرحلة ما قبل صدور القرار. مع الإشارة إلى أن ديوان المحاسبة استلم ملف الصفقة منذ 12 آذار 2024، وهو باشر بجمع كل المعلومات المتعلقة بمشروع العقد مع ستريم ميديا المعروض أمام الرقابة المسبقة، مبيناً الأسباب التي جعلته يرفضها، والتي تناولتها "المدن" في تقرير سابق.
أسباب التمسّك بالعقد
وكشف الوزير القرم لـ"المدن"، أن طلب إعادة النظر يتضمن المستندات التي اعتبرت ناقصة في الملف السابق، لا سيما ما يتعلق منها بتحديد المحطات الـ81 التي ستشكل الباقة الحصرية المقدمة من قبل شركة ستريم ميديا، مشيراً إلى تأمين مستنداتها الثبوتية، بالإضافة إلى تقديم مستندات تسجيل المؤسسة بالضمان الاجتماعي وفي وزارة المالية.
وعرض القرم أسباب التمسك بهذا العقد، الذي قال إنه بني على تجارب أثبتت مفاهيم خدمة المواطن، وحدد مقوماتها على الشكل التالي:
أولاً: إن حجم سوق OTT في لبنان حالياً هو 36 مليون دولار، بينما حصة الدولة منه هي صفر. وحذر القرم من "أن افتقاد الدولة للقدرة التنافسية بهذا القطاع، سيجعلنا نخسر هذا السوق أمام القطاع الخاص".
ثانياً: رأى القرم أن حصول شركة ستريم ميديا على حقوق حصرية بالبث من ثلاث محطات تلفزيونية، سيشكل مدخلاً جيداً لمكافحة الإنترنت غير الشرعي، كونه يلزم موزع الحي على الاشتراك في شبكة أوجيرو حتى يقدم هذه المحطات من ضمن باقته.
ثالثاً: فيما يتعلق بضمانات التنفيذ. شرح القرم أنه أوضح لديوان المحاسبة بعض الملاحظات التي وضعها، مشيراً إلى أن المنصة التي ستقدمها الشركة مجاناً مدعومة من المؤسسات التلفزيونية، ستصبح ملك الوزارة، وهي من سيحصّل الأموال من المشتركين عن طريق أوجيرو، لتدفع للشركة حصتها. وبالتالي، لا حاجة لضمانات حسن التنفيذ في هذه الحالة.. إلى كون هذه الضمانة ترتبط بحجم العمل، لكن في هذه الحالة نحن غير قادرين على تحديد هذا الحجم مسبقاً.
وأوضح القرم أن أهمية هذه الشركة ليس في تاريخها، بقدر ما هو في قدرتها على الحصول على خدمات حصرية. علماً أنه بما أن أوجيرو هي التي تملك المنصة وتشغلها لا حصرية لشركة ستريم ميديا، ويمكن التعاقد مع أي شركة تؤمن محتوى حصرياً. كاشفاً أيضاً "أننا بصدد إعداد دفتر شروط بأوجيرو لإطلاق مناقصة لمحتوى غير حصري على المنصة".
غير أن ما يتحدث عنه القرم يشير إلى كون المراجعة التي قدمت محصورة بإعادة تكوين ملف "ستريم ميديا"، بينما مندرجات قرار الديوان، وفقاً لما تبينه قراءة خبيرة موضوعية له، تؤكد بأن "ستريم ميديا" لا يمكن أن تكون هي المعنية بخلاصة قرار الديوان. إذ "لا يجوز أن يقول الديوان أنها شركة وهمية، ومن ثم يطلب إعادة تكوين ملفها". وذلك بصرف النظر عن ما تتضمّنه المراجعة، والذي تتوافق الأطراف كلها على الاحتكام لقرارات ديوان المحاسبة بشأنها.
"دفن" عقد الصفقة
بالنسبة للفريق الذي عارض هذه الصفقة منذ البداية، ولا سيما النائب ياسين ياسين، فإن قرار الديوان "دفن" عقد هذه الصفقة. وتوجس ياسين في اتصال مع "المدن"، من محاولة تمرير مصالح خاصة عبر تمرير هذه الصفقة، بمقابل عدم تقديم حلول مستدامة لخدمات جديدة للناس.
في المقابل حدد ياسين في مؤتمر صحافي عقده بعد الجلسة بحضور زملائه التغييريين، خريطة الطريق التي يجب أن يسلكها هذا الملف من أجل تأمين حلول مستدامة لخدمات جديدة.
فدعا إلى إعداد الدراسات اللازمة والمطلوبة، وتجهيز دفتر شروط بمستوى عالمي لإطلاق خدمة الـIPTV عبر الشبكة الثابتة التي تملكها أوجيرو، من أجل تقديمها لكافة المشتركين على الأرضي اللبنانية، كما تفعل دول عدة.
وفي حال عدم توفر الخبرة او التمويل الكافي لإطلاق هذا المشروع، رحب بشراكة مع القطاع الخاص عبر اتفاق استراتيجي مع مالك أو مشغل لشبكة اتصالات ثابتة، لديه الخبرة في هذا المجال.
ورأى ياسين أن تنفيذ مشروع الـIPTV بالشكل المطروح بالتوصية، يقدم خدمة البث التلفزيوني عبر الانترنت لأكبر عدد من المشتركين، مع نوعية بث عالية الجودة. بالإضافة إلى ما يحفظه من حقوق لمحطات التلفزيون المحلية. والأهم، حمايته لداتا المعلومات التي يخشى تسريبها لشركة لا تاريخ لها ولا خبرة.
هذا الجدل الذي فتحت عليه صفقة الـOTT مجدداً، يتوقع أن يستمر إلى حين صدور القرار الثاني لديوان المحاسبة حول الملف. فهل تكون المذاكرة الثانية كافية فعلاً، أم أننا أمام نموذج مكرر للمسار الذي سلكته صفقة البريد سابقاً، وخصوصاً بظل ما يحكى عن ضغوط تمارس على مستويات عدة لتمرير هذا الملف؟
لوسي بارسخيان - المدن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|