بسبب هذا القرار.. خسر هتلر الحرب ضد بريطانيا

بعد مضي أشهر على نجاحها في غزو الأراضي البولندية وتقاسمها مع الجانب السوفيتي، باشرت ألمانيا يوم 10 أيار/مايو 1940 تدخلها العسكري ضد فرنسا، فعقب مراوغتها لدفاعات خط ماجينو (Ligne Maginot) ومرورها عبر غابات الأردين (Ardennes)، تمكنت القوات الألمانية من التوغل بالعمق الفرنسي قبل أن تتمكن بحلول 25 حزيران/يونيو 1940 من إجبار الفرنسيين على إلقاء السلاح والقبول بشروط هتلر.

بداية معركة بريطانيا

ومع نجاحه في احتلال فرنسا، أطلق أدولف هتلر خلال شهر تموز/يوليو 1940 العنان لمعركة بريطانيا التي حاول من خلالها إجبار البريطانيين على الجلوس لطاولة المفاوضات والقبول بشروطه. وأملا في بلوغ هدفه، أمر أدولف هتلر قائد سلاح الجو الألماني، المعروف باللوفتفافه (Luftwaffe)، هرمان غورينغ بتوجيه ضربات جوية وعمليات قصف مكثفة ضد مراكز ومنشآت ومطارات سلاح الجو الملكي البريطاني. ومن خلال هذه الخطوة، اتجه الألمان لتجريد البريطانيين من قدراتهم الجوية أملا في جعل مدنهم فريسة سهلة لعمليات القصف وتسهيل الغزو الألماني المحتمل لبريطانيا.

عقب فشل جميع المفاوضات بين الألمان والبريطانيين، وافق قائد سلاح الجو الألماني هرمان غورينغ على اعتماد خطة ألدرتاغ (Adlertag)، أي يوم النسر، التي اتجه من خلالها يوم 13 آب/أغسطس 1940 لشن عمليات قصف مكثفة ضد منشآت سلاح الجو الملكي البريطاني. إلى ذلك، عرف هذا الهجوم الألماني فشلا ذريعا حيث تمكنت الطائرات البريطانية من التصدي لنظيرتها الألمانية وكبدتها خسائر جسيمة.

قرار سيئ غيّر مجرى الحرب

وبحلول الليلة الفاصلة بين يومي 24 و25 آب/أغسطس 1940، كانت الطائرات الألمانية بصدد شن غارات جوية ليلية ضد مواقع سلاح الجو الملكي البريطاني. وبدون قصد، أقدمت بعض الطائرات الألمانية، بسبب فشلها في تحديد هدفها، على إلقاء عدد من القنابل على العاصمة البريطانية لندن متسببة في خراب عدد من أحيائها. وبتلك الفترة، جاءت عملية القصف هذه لتتضارب مع أوامر هتلر الذي كان قد شدد في وقت سابق على ضرورة عدم قصف لندن والمناطق السكنية.

وردا على استهداف لندن، انطلقت العشرات من طائرات سلاح الجو الملكي البريطاني خلال الليلة التالية صوب برلين لتلقي عليها عددا من القنابل متسببة بذلك في تخريب مناطق منها. إلى ذلك، جاء هذا القصف ليثير غضب أدولف هتلر الذي كان قد تلقى في وقت سابق تطمينات من هرمان غورينغ حول استحالة استهداف برلين من قبل الطائرات البريطانية بسبب قوة الدفاعات الجوية المنتشرة بالمنطقة.

على إثر عملية قصف برلين، اتخذ أدولف هتلر قرارا غيّر مجرى الحرب على بريطانيا. فسعيا منه للثأر لبرلين، وافق هتلر على خطة بليتز (Blitz) التي اتجه من خلالها لقصف المدن البريطانية بداية بالعاصمة لندن. وانطلاقا من ذلك، غيّر سلاح الجو الألماني هدفه ليتجه نحو قصف أهداف ومنشآت مدنية وصناعية بدلا من منشآت سلاح الجو البريطاني.

بفضل هذا القرار الذي اتخذه هتلر، تمكن البريطانيون من إعادة بناء وهيكلة سلاح الجو الملكي. وبالفترة التالية، تمكنت طائرات سلاح الجو الملكي البريطاني من التصدي لهجمات سلاح الجو الألماني لتعرف بذلك معركة بريطانيا فشلا ذريعا.