"عودة السوريين"... رئيس بلدية يتحدث عن "نوايا خبيثة" ويدعو للحذر!
ما بعد 17 أيلول: المدنيّون في مرمى الحزب؟
دقائق قليلة من التفجيرات المتزامنة في مناطق الضاحية والجنوب والبقاع على مدى يومين شكّلت منعطفاً أساسياً ليس فقط في مسار حرب إسناد غزة بل في تاريخ الصراع بين الحزب وإسرائيل. حتى قادة الحزب اعترفوا بقساوة الضربة التي “دمّرت قواعد الاشتباك”، على حدّ قول أحد نوّابه، فيما بقي باب التساؤلات مفتوحاً على مصراعيه في شأن الخسائر البشرية والتقنية التي مُني بها الحزب من جرّاء تفجير أجهزة pager اللاسلكية ثم الغزوة الثانية من تفجيرات الأجهزة اللاسلكية أمس، ومدى الضرر الذي لحق بالبقعة الضيّقة اللصيقة بأمن الأمين العامّ للحزب وكبار قادة المقاومة والمرابضين على الحدود، والمدى الزمني الذي سيحتاج إليه الحزب لاستعادة سيطرته على شبكة اتّصالاته وجهوزيّته إن على الجبهة الحدودية أو في الداخل… والأهمّ توقيت الردّ!
تصنّف عملية 17 أيلول الأمنيّة التي ارتكبها العدوّ الإسرائيلي ضدّ لبنان بكونها الأكبر على مستوى الصراع بين إسرائيل والحزب، والأولى من نوعها التي لا سابق لها في تاريخ الصراع العسكري والأمني بين الدول عموماً ربطاً بحجم المستهدفين بها وتكنولوجيّتها العالية، وترقى بالتأكيد إلى مستوى جريمة حرب موصوفة اكتملت معالمها أمس من خلال موجة التفجيرات الثانية التي طالت أجهزة يستخدمها عناصر الحزب من نوع ICOM V82، في محاولة إسرائيلية واضحة لجعل نظام الاتصالات “الطارئ” العائد للحزب خارج الخدمة تماماً وخلق الفوضى بين صفوفه وتشتيت قيادته العسكرية بالتزامن مع استكمال الغارات جنوباً. هي نوعٌ آخر من الحروب السيبرانية غير الكلاسيكية التي أعلنها العدو الإسرائيلي على الحزب والمفتوحة على كل الاحتمالات بما في ذلك سقوط كل الخطوط الحمر التي حكمت المواجهات العسكرية بين الطرفين منذ 8 تشرين الأول.
التمهيد لحزام أمني؟
تتعدّد الروايات الأمنيّة الرسمية، من ضمنها تقديرات الحزب نفسه، للثغرة الأمنيّة التي أتاحت تنفيذ إسرائيل عملية بهذا الحجم ضمن موجتين متتاليتين من تفجير أجهزة الاتصالات بفارق يوم واحد، بعدما استغنى الحزب عن الأجهزة الخلوية، وتفجيرها عن بعد بتوقيت زمني قصير جداً رفع حصيلة الشهداء والمصابين إلى نحو ثلاثة آلاف خلال يومين، من بينهم أقرباء لكبار قادة المقاومة، وهو ما سيؤدّي عملياً إلى الإطاحة بقواعد اللعبة الكلاسيكية وربّما إدخال لبنان برمّته في نفق حرب بهدف تكريس إسرائيل لحزام أمنيّ فاصل على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية.
كلمة نصرالله
بالتأكيد أتى الإعلان صباح أمس عن كلمة سيلقيها الأمين العام للحزب السيّد حسن نصرالله عند الخامسة من عصر اليوم ليعكس بدء استعادة الحزب لتوازنه الأمنيّ وقوّة ردعه وخروجه من دائرة الفوضى والارتباك ولملمة آثار “نكسة أيلول”، خصوصاً أنّ أسئلة جدّية أحاطت بمدى اهتزاز أمن الدائرة اللصيقة بالأمين العامّ بعد وقوع المجزرة وتقصّد جهات إسرائيلية تسريب معلومة عن أنّ المستهدف الأوّل من العملية هو السيّد نصرالله. كما أنّ تجميد الحزب لعملياته العسكرية جنوباً عقب تنفيذ عملية “البيجر” أوحى بفقدان المقاومة لحلقة أساسية منعته من السيطرة على الجبهات التي فتحت في آن واحد ضدّه من الضاحية إلى الجنوب مروراً بالبقاع. لكن مساء أمس استأنف الحزب نشاطه العسكري من خلال ضربات محدودة.
تحقيق دوليّ؟
مشهدان أساسيّان ارتسما عقب عملية 17 أيلول الدمويّة وموجة التفجيرات يوم أمس:
– حَصَد الحزب تضامناً سياسياً هو الأوسع منذ بدء حرب الإسناد في 8 تشرين الأول الماضي من ضمنه “صمت” بعض خصومه، وافتُتح بواجب التعزية الذي قدّمه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الرافض لجبهة الإسناد للنائب علي عمار عن وفاة نجله مهدي. فالضربة الإسرائيلية التي وصلت إلى عناصر الحزب في سوريا وطالت عدداً كبيراً لم يُكشَف عنه استقرّت في عمق بيئة المقاومة “المدنية” وقتلت أطفالاً وأبرياء، كما أسهمت الصور المتداولة عن حجم الإصابات وفظاعتها في خلق حزام من التعاطف الشعبي وصل إلى الطريق الجديدة ومناطق الشمال وعبر حملات التبرّع بالدم في العديد من المناطق وقرار إقفال المدارس والمعاهد. لكنّ الموقف السياسي الأقوى أتى من جانب النائب السابق وليد جنبلاط الذي أكّد أنّ المقاومة لن تهزم، واصفاً أميركا بـ”الكيان الإرهابي”، داعياً “من يقول بأسطوانة التحييد إلى الخجل واحترام المصيبة الوطنية الكبرى”.
– منذ يوم أمس عكفت كلّ الأجهزة الأمنيّة “المصدومة” بما حدث على إعداد تقاريرها الأمنيّة الخاصة حول “عملية البيجر” تمهيداً لرفعها إلى رئاسة الحكومة. تتقاطع الروايات الأمنيّة عند نقطة أساسية هي أن يكون الاحتمال الأكبر هو تفخيخ الأجهزة بموادّ متفجّرة متناهية الصغر والوزن ذات مفعول قاتل بعد انطلاقها من بلد المنشأ (تايوان كصاحبة الامتياز)، مروراً بإحدى الدول الأوروبية (المجر) وقد نفت وزارة الاقتصاد التايوانية تصدير الأجهزة، مشيرة إلى أنّها صُنّعت وبيعت من قبل شركة مجرية اسمها (BAC-Consulting KFT). اللافت أنّ الشركة المجرية أغلقت وحذفت موقعها الالكتروني أمس الأربعاء، وقبل وصولها إلى يد المقاومة في لبنان. هذا يعني حصول خرق أمنيّ بالغ التعقيد والسرّيّة دخلت دول وأجهزة استخبارات على خطّه مع رسم علامة استفهام كبيرة عن مدى علم أو تغطية الاستخبارات الأميركية لهذه العملية، ومغزى التوقيت في ظلّ التهديد الإسرائيلي بالقيام باجتياح برّي للبنان وخلق منطقة فاصلة تحت عنوان No man’s land.
هنا طرحت أسئلة جدّيّة عن احتمال قيام إسرائيل بتنفيذ مهمّة تفجير آلاف أجهزة الـ pager قبل الوقت المحدّد لذلك الذي كان يفترض أن يحصل بالتزامن مع اجتياح برّي، ثمّ تمّ العدول عن ذلك مخافة انكشاف مخطّطها الأمنيّ الإجرامي. أمّا التحقيق الذي قال الحزب إنّه باشر به بُعيد وقت قليل من وقوع الجريمة فسيبقى ملكه، كما كانت لافتةً دعوة روسيا إلى ضرورة إجراء تحقيق دولي في القضية، وهو الأمر الذي لم تتبنَّه الحكومة حتى الآن.
أسلوب الرّدّ
بتقدير أوساط مطّلعة “يحتاج الحزب لوقت ليس بقليل لاستيعاب الضربة القاسية قبل أن يقرّر حجم الردّ وشكله والمدى الذي يمكن أن يذهب إليه في فرض قواعد جديدة على الجبهة الشمالية الإسرائيلية. أسلوب الردّ، إن حصل بما يتناسب مع حجم الضربة الإسرائيلية، سيكون نقطة حسّاسة جداً، إذ إنّ الأمين العامّ للحزب أعلن عقب الردّ على مقتل قائده العسكري فؤاد شكر بضرب وحدة الاستخبارات الإسرائيلية 8200 في قاعدة غليلوت بأنّه تقصّد، كما قال، “أن لا يكون الهدف مدنيّاً مع العلم أنّ لدينا شهداء من المدنيين وتحقّ لنا المعاملة بالمثل.
لكن من أجل تأكيد حماية المدنيين في لبنان وتجنيبهم أيّ أذى قد يلحقه بهم العدوّ فضّلنا تجنّب المدني عند العدوّ”. فهل تبقى هذه المعادلة قائمة بعدما لحق العدوّ الإسرائيلي عناصر الحزب إلى منازلهم وعائلاتهم والطرقات والمستشفيات وأسواق الخضار وداخل سياراتهم؟!
ملاك عقيل - أساس
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|