تعاطف معبّر... هل يتّعظ السياسيون من التضامن الشعبي؟!

بعيدا عن ذلك الإنقسام العمودي الحاد بين الأفرقاء في الداخل اللبناني، عكس التضامن الذي تجلى في أعقاب انفجارات البيجر والأجهزة اللاسلكية وأصابة عناصر حزب الله، صورة حقيقية عن الإنصهار الوطني الذي يبرز في أوقات الشدة ويلعب دوره الأساسي. ما جرى من تعاطٍ متضامن وحملات تبرع بالدم واستنفار طبي واستشفائي، شكل محور إشادة من قبل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، كما معظم القيادات اللبنانية. فكان المشهد امثولة عن " الطينة الطيبة " للبنانيين. اما في السياسة، فيتمسك الجميع بالعودة إلى ملاعبهم، يتنازعون ويشتدون ويتقاذفون الإتهامات.

حملة التعاطف الواسعة في البلاد والتي وصفت بـ"المعبرة"، امثولة تدرس. حيث ترى أوساط مراقبة لوكالة "أخبار اليوم" أن ما سجل في الأيام الماضية أعطى الإنطباع أن لبنان من شماله إلى جنوبه يقف يدا واحدة في عملية الدعم والتأييد ضد أي عدوان غاشم، وتعتبر أن أمام هذا الوضع، تتراجع عبارتي الممانعة والمعارضة، فالمصاب وقع على رؤوس الجميع والعدوان الإسرائيلي يواصل استهدافه، لافتة إلى أن المسألة لا تتصل هنا بأظهار موقف معارض لجبهة الإسناد إنما بتوحيد المواجهة للعدو، ولا بد من التوقف عند بيانات المعارضة الشاجبة لهذا الاعتداء الذي خرق فيه العدو القوانين الدولية.

وتقول هذه الأوساط أن التعاطي الأمثل أمام هول المأساة كان في الإشارة إلى حجم الاعتداء دون الاسترسال في المواقف التي تتحدث عن جرّ لبنان إلى الحرب، وترى أن المرحلة المقبلة قد تتطلب تماسكا اكبر وقد تعود النغمة بشأن توريط البلد في هذه المواجهات كلما شهد الوضع في الجنوب تصعيدا أكبر، معربة عن اعتقادها أن تحرك القوى المنادية بهذا الأمر سيتكرر عند اللزوم.

إلى ذلك، تلفت الاوساط عينها إلى ان القطاع الإستشفائي والتمريضي، أظهر براعة وحرفية قلّ نظيرها اذ اندفع بواجب وطني لإنجاز مهمته حتى ان هناك أطباء لم يتمكنوا من إخفاء مشاعرهم جراء ما شاهدوه من اصابات بليغة، وجميع المستشفيات فتحت أبوابها وكان وزير الصحة الدكتور فراس الأبيض حاضرا في مواكبة جميع الحالات.

في كل مرة تتعرض فيها البلاد إلى كارثة أو أزمة، تحتل الألفة بين جميع المكونات الرقم الاول، هي ألفة تولد من رحم الأحزان وتؤكد الصمود .

كارول سلوم – "أخبار اليوم"