"الحزب" في حرب وجودية: تحقيقات جدية والمواجهة حتمية
إنها حرب ترقى إلى مستوى "الوجودية" بالنسبة إلى حزب الله. يفتح فيها جبهات متعددة. إنها المرّة الأولى التي يتعرّض فيها الحزب إلى مثل هذه الضربات، المتتالية، القاسية والموجعة. وهو في الأساس لم يكن قد اتخذ قراراً بالحرب أو توسيع المواجهة، بل كان يكتفي بفتح جبهة الإسناد للضغط ووقف إطلاق النار في غزة. لكنّها الحرب المفروضة، والخارجة عن كل التقاليد، لها ميادينها الكثيرة وأثمانها الكبيرة، وهو ما قاله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عندما أكد أن الحرب سجال.
إنها الحرب المتدرّجة والتي لن يكون هناك إمكانية لتجنّبها على ما يبدو، ووفق ما تشير كل المعطيات، لا سيما وسط إصرار إسرائيلي في وضع أهداف متعددة لها، تارة إعادة سكان المستوطنات الشمالية، وطوراً إضعاف حزب الله، وما بينهما تقديرات إسرائيلية وحسابات متعددة تدفع نتنياهو إلى التفكير بالتوسيع والتصعيد أكثر، على اعتبار أن كل العمليات السابقة مرّت من دون ردود متوازنة من قبل حزب الله، فهذا ما يتيح له توجيه ضربات جديدة لقواعد الاشتباك واغتيال أي فرصة للتهدئة.
الوضع خطير جداً وفق ما تقول مصادر قريبة من الحزب، ولا بد من الاستعداد للتصعيد. كل الضغوط الدولية لا تنفع، وكل الكلام الديبلوماسي لا يسهم في إيجاد سبيل لوقف إطلاق النار، لا بل إن الإسرائيليين يستندون على معادلة "التزام أميركا بالدفاع عن إسرائيل" وهذه كافية لمواصلة التصعيد وانفجار الحرب طالما أن واشنطن ستكون منخرطة في الدفاع.
لكن ليست جبهة الحرب وحدها هي التي تُفتح في وجه حزب الله، بل أمامه أولويات متعددة لا تقتصر على الردّ، إنما لملمة الصفوف الداخلية على المستوى العسكري والأمني. ولملمة الوضع على المستوى الاجتماعي مع البيئة، بالإضافة إلى الشروع في ورشة تحقيقات شاملة لاكتشاف إذا كان هناك اختراق إسرائيلي بشري على مستوى قيادي كبير، خصوصاً أن عملية اغتيال قادة فرقة الرضوان ومسؤوليها جاءت بعد ساعات على إعلان أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله أن ردّ الحزب على تفجير أجهزة الاتصال سيكون في مدار بحث داخل الدائرة الضيقة، فجاءت الضربة وكأنها استهداف لهذه الدائرة. تحقيقات تجري وتمتد من لبنان إلى سوريا وصولاً إلى طهران. وتتركز التحقيقات على وجود اختراق كبير.
في الأبعاد العسكرية والسياسية والإستراتيجية لهذه الضربة، لا بد من العودة إلى جملة وقائع ومعطيات منذ اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني، وبعدها عمليات تصفية لقادة ومسؤولين عسكريين إيرانيين وعراقيين وسوريين موالين لطهران، بالإضافة إلى تصفية العديد من قادة الحزب وهم من الجيل الأول أو الثاني الذي يدخل ضمن نطاق الدائرة أو الحلقات التي شكلها سليماني وعماد مغنية، وكأن المراد هو ضرب كل السلسلة، وإنهاء أدوار هؤلاء مع ما يعني ذلك من فتح مرحلة جديدة على المستوى السياسي والعسكري من قبل الحزب ومن خلفه إيران.
بعض المعطيات الديبلوماسية كانت تفيد بوجود شبه اتفاق أميركي إيراني بعدم التصعيد بانتظار الانتخابات الأميركية، لكن كما سارت الوقائع اتضح أن الإسرائيليين يعملون على إسقاط أي اتفاق من هذا النوع، بينما يظهر للإيرانيين أن واشنطن غير جدية في لجم إسرائيل، لا سيما أن تل أبيب تصعّد كلما لمست تقدماً في التفاوض. وسط مشاوارات كثيفة وضغوط من قبل الحزب للاتجاه نحو حسابات مختلفة. إذ لا يمكن له القبول بوقف إطلاق النار حالياً، لأن وقفها سيخرجه بانطباع المكسور وهو ما لا يمكن أن يرتضيه الحزب لأسباب متعددة. يفكّر الحزب في كيفية تنفيذ ضربات تجعل وقف إطلاق النار حاجة للإسرائيليين. إنها الحرب التي ستتخذ أشكالاً متعددة، وتشهد ظروفاً متنوعة، وتحمل الكثير من المفاجآت.
منير الربيع- المدن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|