الصحافة

الجيش الإلكتروني في خدمة النازحين

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

بكبسة زر وضع اللبنانيون خلافاتهم جانباً. لم ينتظروا الدولة التي اعتادوا غيابها أو تقصيرها. خطة النزوح ولدت شعبياً وخلف الشاشات ولم تكن بحاجة إلى لجان واجتماعات وخطط. جيش إلكتروني تجنّد فجأة. الكل أدرك أنه قادر على صنع الفرق، أن ينقذ حياة وأن يوفّر مأوى وشربة ماء. كانت من المرات النادرة التي تحوّلت فيها وسائل التواصل الاجتماعي إلى ما يفترض أن تكون عليه... منصات للتواصل، وصلت لبنان بأسره من شماله إلى جنوبه.على عكس العدو الإسرائيلي الذي حوّل التكنولوجيا إلى أداة للقتل والترهيب، جعل اللبنانيون منها وسيلة للحياة. شبكة عنكبوتية ضخمة، ظهرت في مختلف المناطق لمساعدة النازحين الذين تركوا كل شيء خلفهم هرباً من الإبادة، إلا الهاتف الخلوي. وفي الطوابير الطويلة من الزحمة والضياع والقلق أصبح رنين الهاتف بوصلة للإرشاد وإرسال رسائل الاستغاثة وتلبية النداءات.

أرقام الهواتف غزت الشاشات بين سائل ومجيب وعارض للخدمات. كثر طلبوا وسائل نقل وكثر لبّوا. أشخاص أعلنوا عن توفر أماكن إضافية في سياراتهم وعن أماكن تواجدهم وأنهم على استعداد للانتظار رغم الخطر.
صبية كتبت: «رح امشي من ياطر على صور بعد ساعة، أي عيلة بدا تنزل تخبرني (كفرا/ياطر/صديقين/قانا...). إذا في كذا حدا مننزل سيارتين».

شباب تجنّدوا لإيصال المساعدات ومن جيبهم الخاص. أحدهم كتب «رح بلّش أبرم بالضاحية، لي عندو شي بدّو يبعتو، أكل، مياه، مصاري، أدوية، فرش وحرامات، يحكيني. بعد الضهر رح اطلع صوب الجبل، كيفون وجوارها، نفس الشي كمان بمرق باخد لي بدكن تساعدوا فيه. ملاحظة: ما حدا يقلي اجي لآخد شي بدّو يكبو، هول أهلنا مش ناس مشرّدين».

عشرات العائلات وصلت إلى مناطق عدة لتجد نفسها متروكة لمصيرها، وللطرقات والأرصفة. لم يطلب أفرادها مأوى ولا سكناً. اقتصرت طلباتهم على المخدات والفرشات. ليرد شاب على أحد الطلبات: »عندي ببيتي 3 فرش ولحف ومخدات. أنا بالمريجة. احكوني».

ورغم بعض حالات الاستغلال، انتشرت رسائل بالمئات من عائلات من مختلف المناطق عرضت استقبال نازحين في منازلها مجاناً.

المسير الشاقّ للخروج من الجنوب والازدحام الخانق ضيّعا أفراد عائلات بعضهم عن بعض، خصوصاً مع انطفاء بعض الهواتف، فتمّ سريعاً تناقل الصور وإرسال التطمينات. البعض انقطع من الماء وحليب الأطفال أو تعطّلت سيارته لنفاد الوقود، فتحوّل كثر إلى «محطات نقالة» تحمل غالونات، وصولاً إلى عدد كبير من «معلّمي» الميكانسيان وكهرباء السيارات الذين وضعوا أرقام هواتفهم وعرضوا تقديم خدماتهم مجاناً. «حياة اقتصاد» بكاملها ولدت فجأة خلال ساعات الانتظار، وقطاعات بأكملها نشطت على الطرقات.

 رضا صوايا -"الأخبار"

شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا