المستشفيات استوعبت صدمة الـ"بيجرز" وتوسع الاعتداءات ... ولكن ماذا بعد؟!
ما بين انفجار مرفأ بيروت في آب 2020، ومجزرة الـ"بيجرز" في أيلول الجاري، عاش القطاع الصحي والاستشفائي في لبنان تحديين كبيرين، واجه خلالهما موجات من آلاف المصابين والجرحى والحالات الحرجة، قد يعجز أترابه في الدول الغنية ذات المقومات والبنى الصحية المتقدمة، عن مواجهتهما.
أخرج انفجار المرفأ عشرة مستشفيات كبرى في بيروت، كليا أو جزئياً عن الخدمة، فيما قامت المستشفيات التي لم تتضرر أو تضررت جزئيا، باستيعاب الصدمة وإدارة المواجهة الصحية بكفاية، استحقت عنها تقدير المنظمات الدولية، وإعجاب الجهات المماثلة.
لكن مواجهة انفجار المرفأ وقعت بغالبيتها على عاتق مستشفيات بيروت والضواحي، بسبب تمركز التفجير في بيروت، فيما توزعت إصابات مجزرة الـ"بيجرز" على مناطق الجنوب والبقاعين الغربي والشمالي، إضافة إلى بيروت والضاحية الجنوبية.
إلا أن انفلاش القصف الجوي الإسرائيلي وتمدده إلى مختلف المناطق اللبنانية، بدءا من الإثنين الفائت، والذي كانت حصيلته نحو 500 شهيد وآلاف الجرحى، وما تلا ذلك من قصف لمناطق سكنية بهدف الاغتيال، زاد الضغط على المستشفيات، وهو ما دفع بغالبيتها، رغم الضائقة المالية ونقص التمويل والسيولة، إلى تجنيد جميع قدراتها وإمكاناتها لمواجهة حالة ترقى إلى مستوى حرب شاملة، لا يمكن القطاع الاستشفائي منفردا مواجهة تداعياتها ونتائجها الكارثية، ويحتاج لذلك إلى دعم ورعاية مالية وتقنية من الدولة اللبنانية ومؤسساتها الضامنة.
كان للانفجارين، إلى انعكاسات جائحة كورونا والانهيار النقدي والمالي، وإفلاس الصناديق والمؤسسات الضامنة، وتوسع القصف والتفجير والاغتيالات، أن تسقط النظام الصحي والاستشفائي في لبنان، بيد أن استدامة خدماته فاجأت الجميع، وجعلته محط أنظار وتقدير لنجاحه في حماية دوره وتطوير مقدراته.
وسبق لوزير الصحة الدكتور فراس الأبيض أن أثنى على جهوزية القطاع الاستشفائي والصحي الذي صمد خلال الأزمات المتعاقبة، بدءا من جائحة كورونا وصولا إلى انفجار المرفأ ومن ثم الهجرة التي طالت القطاع. فأثبت أنه "قطاع قوي ولا يزال يتمتع بالميزة التي لطالما تمتع بها عالميا، من خلال التضامن والتكامل والجهوزية لأي طارىء".
وليس خافيا أنه فور بدء العدوان على غزة، قامت وزارة الصحة بتفعيل غرفة عمليات الطوارىء في الوزارة، وتواصلت مع المستشفيات استعدادا لاستقبال أعداد كبيرة من الجرحى والمصابين. وأكد الأبيض أن الوزارة دائما في إطار رفع الجهوزية، مدعومة بمساعدات من الأشقاء العرب. ولكن ما هو الواقع الاستشفائي ميدانيا؟ وهل صحيح أن المستشفيات خرجت عن قدرتها الاستيعابية؟
يطمئن نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون إلى جهوزية المستشفيات لاستقبال الجرحى جراء العدوان الإسرائيلي، لكنه ينبه إلى الضغط الذي يعانيه الطاقم الطبي والتمريضي بسبب النقص في أعداده نتيجة الهجرة التي شهدها القطاع في الأعوام الاخيرة. وتاليا، يؤكد أنه "إذا طال أمد الحرب أسابيع أخرى فإن الأمور متجهة إلى التأزم أكثر".
ويشير إلى أن "المستشفيات تعتمد استراتيجية تقضي بعدم استقبال العمليات الباردة (غير الطارئة) تحسبا لأي تصعيد قد يؤدي إلى زيادة عدد الجرحى والمصابين، بما قد يضطرنا إلى استخدام العناية المشددة وعدد كبير من الأسرة".
لكن الهاجس الأكبر عند هارون هو إغلاق المعابر البرية والمرافئ بما يعوق استيراد الفيول والأوكسجين، وخصوصا أن "لا كميات يمكن أن تكفي لأشهر عدة"، لافتا إلى "أن المستشفيات تعتمد على مصنع واحد للأوكسجين في لبنان وآخر يملكه لبناني في سوريا".
ماذا عن الأدوية والمستلزمات الطبية؟ يطمئن هارون إلى وجود "كميات كافية لأشهر، ولا خوف من انقطاعها، ما عدا الأوكسجين". وفيما استقبلت المستشفيات أعدادا كبيرة من الجرحى وخصوصا في اليومين الماضيين، برز تخوف من النقص في أعداد الأسرة، إلا أن هارون طمان إلى وجود أكثر من ألفي سرير على الأقل لاستقبال الجرحى.
الكادر التمريضي؟
صحيح أن أعدادا كبيرة من الممرضين هاجرت للعمل في الخارج بعد الأزمة المالية في الـ 2019، لكن الأعداد الموجودة في لبنان لا تزال كافية نوعا ما، وهو ما تؤكده نقيبة الممرضين والممرضات في لبنان عبير كردي علامة لـ"النهار". وإذ تلاحظ أنه "لا يمكن إحصاء أعداد الممرضين في لبنان بشكل دقيق، خصوصا أن ثمة ممرضين سافروا للعمل في الخارج من دون إبلاغ النقابة"، تقدّر العدد التقريبي الحالي في لبنان بنحو 9 آلاف ممرض، 60% منهم يعملون في المستشفيات، والنسبة المتبقية تعمل في مراكز الرعاية الصحية وقطاعات أخرى".
وتتواصل نقابة الممرضين مع المستشفيات للتأكد من جهوزيتهم وما إذا كانوا في حاجة إلى دعم من طواقم تمريضية إضافية، ووفق علامة فقد "أبدت النقابة استعدادها للتواصل مع الممرضين في المستشفيات التي لا تشهد ضغطا والبعيدة عن مناطق الاستهداف للانتقال إلى مستشفيات تشهد ضغوطا أو واقعة في مناطق تعرضت لاعتداءات، أو قريبة منها". وتوضح أن "المستشفيات حاليا ليست في حاجة إلى أعداد إضافية من الممرضين، ولكن في حال تفاقم الأوضاع فإن الطواقم الحالية لا يمكنها التعامل مع عدد كبير من الجرحى والمصابين".
وإذ تلفت إلى أن بعض الممرضين عملوا في الفترة الماضية 24 ساعة في شكل متواصل بما أدى الى أرهاقهم نفسيا وجسديا، تشير إلى أن "النقابة قامت بفتح باب التطوع لكل الممرضين المتقاعدين أو أولئك الذين لا يعملون لسبب ما، لدعم الطواقم الموجودة ميدانيا".
سلوى بعلبكي - النهار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|