الترسيم مع سوريا: جمود لسنوات يخرقه قرار ربع الساعة الأخير لعون
قبل ايام من نهاية عهد الرئيس ميشال عون قفز ملف الترسيم البحري شمالاً وغرباً الى الواجهة، علماً ان ملف الترسيم مع #سوريا مجمد منذ سنوات لخلاف على خط الوسط الذي اعتُمد في الترسيم. فهل يحقق العهد انجازاً جديداً في هذا الملف أم ان "الترسيم الاخوي غير مستعجل"، ولماذا لم يتحرك الملف جدياً سابقاً؟
اعلان الرئاسة اللبنانية عن توجه وفد الى دمشق غداً الاربعاء "لاجراء لقاءات مع كبار المسؤولين في سوريا بهدف مناقشة مسألة الترسيم البحري بين البلدين الشقيقين" يأتي استكمالاً لما كان بحثه عون مع نظيره السوري بشار الاسد بهدف انهاء الخلاف بين "الاخوة" على ترسيم البلوكات الحدودية البحرية الشمالية، علما ان لبنان تأخر في بحث تلك المسألة منذ سنوات مع دولة تربطه بها علاقات جيدة وإن كانت هناك اعتراضات على طبيعة تلك العلاقة من بعض الاطراف الداخلية.
خلاف بدأ عام 2011 وتجمّد
بدأ الخلاف بين لبنان وسوريا منذ العام 2011 عندما اودع لبنان الامم المتحدة عام 2011 المرسوم 6433 وأعلن حدوده البحرية. وبدورها أودعت سوريا اعتراضها لدى المنظمة الدولية عام 2014 على الموقف اللبناني وترسيم البلوكين "1" و"2"، بسبب الاختلاف في طرق الترسيم، لافتة إلى أن لبنان اعتمد في ترسيمه المعايير التي تقرها اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، بخلاف سوريا التي لم توقع الاتفاقية. هذا الخلاف استمر ولكن من دون أي خطوات من الجانبين الى ان صادق الجانب السوري على تلزيم البلوك الرقم 1 لشركة روسية.
اما على الجانب اللبناني فإن مساحة البلوك "1" تبلغ 1928 كيلومتراً مربعاً، في حين أن مساحة البلوك "2" 1798 كيلومتراً مربعاً، أما المساحة المتداخلة بين لبنان وسوريا فتراوح ما بين 750 و1000 كيلومتر مربع.
دخول روسيا على خط التنقيب في سوريا سبقه توقيع عقد مع لبنان بشأن تشغيل مصفاة النفط في البداوي، وبحسب وزير الطاقة السابق سيزار ابي خليل فإن العقد وقّع منذ العام 2019. ويوضح لـ"النهار": "وقّعنا عقدا مع شركة روسنفت الروسية التي فازت بمناقصة في ايار عام 2018 واستمرت المفاوضات مع الشركة تسعة اشهر الى ان تم التوقيع في 26 كانون الثاني عام 2019 لاستئجار سعة تخزينية في مصفاة طرابلس، والعقد لا يزال ساري المفعول، ولا اعتقد ان لبنان او روسيا تراجعا عنه".
ويذكر ان العقد المشاراليه طويل الأمد، حيث تم منح الشركة الروسية الحق في تطوير وتخزين الطاقة في منشآت النفط في طرابلس.
اما عن الترسيم البحري مع سوريا فيلفت ابي خليل الى انه "تم تبادل الرسائل بين الجانبين أثناء حكومة الرئيس سعد الحريري، ولبنان اعترض على الترسيم السوري، كما ان دمشق اعترضت على الترسيم الذي قمنا به، ولكن الظروف التي احاطت بحكومة الحريري حينها لم تسمح بجلسات رسمية مباشرة بين الطرفين لمناقشة الاعتراضات، علما ان لبنان اشار في كل رسائله الى تمسكه بالحدود التي تم ترسيمها وفق خط الوسط الذي تم اعتماده بموجب المرسوم الحكومي الذي صدر حينذاك".
ووفق ذلك العقد فإن روسيا مهتمة بمشاريع النفط شمالاً، وبالتالي هي معنية بإنجاز الترسيم بين لبنان وسوريا، اضافة الى ان الشركة التي ستستخرج الغاز والنفط في البلوكات السورية البحرية الحدودية مع لبنان هي شركة روسية. وفي آذار من العام الفائت منحت دمشق شركة "كابيتال" الروسية حقا حصريا في التنقيب عن البترول وتنميته في البلوك البحري الرقم 1 في المنطقة الاقتصادية الخالصة لسوريا في البحر المتوسط قبالة ساحل محافظة طرطوس حتى الحدود البحرية السورية - اللبنانية بمساحة 2250 كيلومترا مربعا.
ومن هنا تبدو روسيا مهتمة بالبلوكات البحرية السورية وكذلك التوسط بين لبنان وسوريا لحل النزاع البحري الحدودي.
وفي السياق، يؤكد الدكتور عصام خليفة لـ"النهار" ان "النهر الكبير يُعتبر حدّ الترسيم بين لبنان وسوريا، وتُعتمد نقطة "سرير النهر" أي خط الوسط في مجرى النهر، وتنطلق منها الحدود البحرية اللبنانية وفقاً للقانون الدولي للبحار"، ويلفت الى ان "الجانب السوري اعتمد معياراً مختلفاً عن المعيار اللبناني في الترسيم، وبالتالي تداخلت البلوكات اللبنانية والسورية والقبرصية". ويوضح خليفة ان "ذلك المثلث السوري اللبناني القبرصي واعد نفطياً وان النزاع بشأنه ليس عابرا".
الوفد اللبناني الى دمشق سيكون برئاسة نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، ويضم وزير الخارجية عبدالله بو حبيب ووزيرالاشغال العامة والنقل علي حمية والمدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم وتقنيين من وزارة الطاقة والجيش. فهل سيحقق الوفد خرقاً ام سيكتفي بالصورة التذكارية، مع العلم ان اللواء ابرهيم اضطلع بأدوار اكبر من ملفات الترسيم ولا سيما في العلاقة مع سوريا بصفته مبعوثاً رئاسياً في بعض الملفات، ولكن اليوم تبدلت الصورة على الاقل في الشكل والتراتبية. فهل نحن امام اشكالية في تركيبة الوفد وما لذلك من تداعيات على مصير الملف برمته؟ غداً لناظره قريب.
"النهار"- عباس صباغ
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|