محليات

إرتياب من دور الجيش... تحضيرات للإنقضاض على المقاومة؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

يتصرّف العدو الإسرائيلي على أنه منتصر في هذه الحرب وقادر على فرض الشروط رغم أن المعركة ما تزال في بدايتها والمقاومة لم تقل كلمتها بعد. على هذا الأساس يرفع من وتيرة عملياته العسكرية، فحيشد دباباته وآلياته عند الحدود الجنوبية ويوسّع من نطاق القصف المدفعي ويستخدمه للإيحاء بجهوزيته للتقدم البري. ومن جانبٍ آخر يزيد من غاراته التي تستهدف الضاحية الجنوبية وأطراف مدينة بيروت، لزيادة حجم الإرباك واستخدامه في فرض مزيد من الضغوطات على الساحة اللبنانية ودفعها نحو الإنفجار بوجه "حزب الله"، الذي لا يريد وقف الحرب أو فكّ الإرتباط مع قطاع غزة أو معركة الإسناد، وأيضاً الإستثمار في أعلى درجة ممكنة لإضعاف المقاومة.

الآن وباعتراف الجميع المبادرة في يد العدو الإسرائيلي. لذلك ليس هناك من مؤشرات واضحة حول قبول الأخير الذهاب إلى وقف لإطلاق النار من جانبه ولو كلّف ذلك تطبيق القرار 1701، لا بل يطلب من الجميع إلزام الحزب، التعهد بوقف إطلاق النار من جانبه فقط.


خلال الأيام الماضية زاد العدو من وتيرة ضغوطاته العسكرية وقد استدرج إليها كلاً من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا. الجانبان الآن يمارسان ضغوطاً غير مسبوقة على لبنان السياسي ممثلاً برئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، للضغط على "حزب الله"، من أجل القبول بوقف لإطلاق النار من جهة، والموافقة على "الورقة" التي قدمها سابقاً المبعوث عاموس هوكشتين من جهة أخرى، والتي تتضمن انسحاباً للمقاومة من جنوب الليطاني وقبولاً منها بتفكيك ترسانتها العسكرية وأمور أخرى.

ويظهر أن الولايات المتحدة تستغل رغبة رئيس المجلس بالتوصل إلى وقف لإطلاق النار بأي صيغة أو طريقة ممكنة في محاولة منها لاستخدامها وفرض شروط معينة على المقاومة.

وعُلم أن قنوات التواصل بين مسؤولين كبار من الحزب ورئيس المجلس "مفتوحة تماماً"، ويتم من خلالها تداول وتناقل الأفكار والتنسيق. وفُهم من جرّائها أن حلقة التواصل بين الجسم السياسي في المقاومة ومع الخارج "غير مقطوعة أيضاً"، فيما تؤكد عملياتها العسكرية جنوباً بأن مستويات القيادة والسيطرة والتحكّم تتم استعادتها تدريجياً وتُعاد هندستها، إلى جانب احتفاظ المقاومة بأوراق عسكرية لم تكشف عنها بعد، فيما تعتبر أن المعركة ما تزال في بدايتها، وترفض رفضاً قاطعاً فرض معايير أو شروط عليها تحت النار.

ويُظنّ أن المقاومة تريد الإنتقال سريعاً إلى المواجهة البرية. ويُفهم أن هذا الإنتقال يمكّن من تعزيز الأوراق وضرب الإندفاعة الإسرائيلية وبالتالي تمرير المقاومة لشروطها والإنتقال بالمناقشات التي يقودها السياسيون إلى مستوى أكثر أريحية. وفُهم أن الضغط الحالي على عين التينة والسراي، نابع من محاولة الإستفراد بهما غربياً ربطاً بالنتائج التي حققها العدو على الأرض. وفُهم أيضاً أن المقاومة بإنتقالها لأسلوب المواجهة البرية، تمنح السياسيين جرعة دعم وأوراقاً قابلة للإستخدام وتسهم في إراحتهم، وقد يكون هذا الهدف هو السبب في تأخير العدو إطلاق عملياته البرية بشكل رسمي رغبة منه باستغلال اللحظة الحالية لتأمين أكبر قدر من الإستثمار تحت ضغط عمليات القصف وشنّ الهجمات في بيروت والتلويح بتوسيع العملية العسكرية واجتياح جنوب لبنان. من زاوية أخرى يفهم أن الأميركيين بدورهم يريدون استثمار النتائج التي حققها العدو لفرض أمر واقع جديد على المقاومة، فيما العدو من جهة أخرى يزيد من حدة ضغوطاته ميدانياً، ولا يظهر أنه موافق حتى الآن على خوض الأميركيين أي نقاش له علاقة بالتوصل إلى وقف لإطلاق النار، لا بل يعتبر أن هذا التصرف غير مقبول منه وفي غير وقته ويفضل أن يُنجز بعد إتمام خططه العسكرية أو يؤمن ما يقول إنه "إضعاف بنية حزب الله"، إضافة إلى أنه يرى نفسه صاحب الأولوية في القرار أو أنه الجهة المخوّلة إتخاذ قرار وقف إطلاق النار وإنه الآن يعتبر أن ما يجب حصوله يتجاوز القرار 1701 وبدأ التفكير في تنصيب نفسه مطبّقاً للقرار 1559.

في مقابل الإستعراضات الإسرائيلية تنشأ معضلة في الداخل اللبناني. إذ لوحظ أن بقايا ما يسمّى "قوى 14 آذار" والفريق الخصم للمقاومة يعيدون تجميع أنفسهم ضمن "إطار ما" مستفيدين من النتائج التي حققها العدو. وبات هؤلاء يرون أن المقاومة أو الحزب بشكلٍ عام أصيبا بضربة قوية وكبيرة يصعب الخروج منها، ومن الممكن أن تكون هذه الضربة أثرت على حضوره وثقله، وقد تكون أخذت الحزب أو سوف تأخذه عما قريب إلى الإنهيار. لذلك لا بدّ من إعادة تحضير الذات للدخول في المرحلة الثانية التي ستتخللها "دوزنة" الحالة السياسية الداخلية وقلب المعادلات والبدء بسلب الحزب إمتيازاته، من خلال تمرير شروط عليه بواسطة أميركية – غربية يتولى هؤلاء التعبير عنها داخلياً على شكل وقف للحرب يتزامن وتطبيق القرارات الدولية ومن ثم التوصل لانتخابات رئاسية تعيد الإعتبار للقوى المعارضة للحزب وتُسقط مرشحي المقاومة من جدول الأعمال. وتوحي المؤشرات أن هذه "الجبهة" الآن في صدد شنّ موجة من الضغط السياسي الكبير على المقاومة بدأت تظهر ملامحها من خلال بعض المواقف والتصريحات التي تُطلق أو الأجواء التي يتمّ تناقلها عبر مواقع التواصل، ما يوحي أن "ورقة النازحين" من بيئة الحزب والمنتشرين في بعض البيئات لن تكون بمعزل عن أي تطور.

في المقابل هناك ارتياب واضح من الدور الحالي للجيش اللبناني وقيادته، خاصة مع اتضاح وجود حماسة لدى بعض المسؤولين والسياسيين برفع عديد الجيش وإرساله بأعداد كبيرة إلى الجنوب، علماً أن هذا الوضع تمّ تدشينه قبل أسابيع من خلال تمرير الرئيس ميقاتي اقتراح تطويع 1500 مجند جديد في الجيش من خارج موافقة وزير الدفاع موريس سليم، الذي لم يكن يعلم بوجود خطة من هذا القبيل لدى قيادة الجيش أصلاً. ويُنظر إلى هذا الأداء على أنه "مثير لعلامات الإستفهام من حيث توقيته وتزامنه خلال الحرب"، ويكاد يوحي أن المؤسسة العسكرية مثلاً، تنتظر "هزيمة" الحزب كي تقوم بنشر قوات كبيرة إضافية في منطقة جنوب الليطاني. وما يزيد الأمور تعقيداً وحدّةً، أن العدو الإسرائيلي ومن ثم الأميركيين هما من يطلبان ذلك صراحة، ويترافق مع خطط انتشار وتموضع "غير مفهومة" تقوم بها قيادة الجيش في كل من الجنوب ومحيط الضاحية وبيروت.

شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا