محليات

خطة نتنياهو : حزب الله أولاً وإيران ثانياً

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

استبعد مرجع سياسي كبير توصل المساعي المحلية والإقليمية والدولية الجارية إلى وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حزب الله"، بما يتيح البحث في تنفيذ القرار الدولي 1701 في الجنوب اللبناني نتيجة استمرار التعنت الإسرائيلي والإصرار على المضي في الحرب ضد الحزب أينما وُجد على الأراضي اللبنانية، وذلك في إطار الخطة الإسرائيلية الهادفة للقضاء عليه بموازاة الاستمرار في الحرب على قطاع غزة للقضاء على حركة "حماس".

وقال المرجع إن نتنياهو لا يتجاوب حتى الآن مع كل المساعي والدعوات الأميركية وغير الأميركية، ولا حتى مع النداء الأخير الأميركي ـ الغربي ـ العربي لوقف النار وتطبيق القرار 1701 الذي وُجه من نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، والذي هندسه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يعاونه الموفد الرئاسي الأميركي إلى لبنان وإسرائيل عاموس هوكشتاين. فنتنياهو قبل بهذا النداء للوهلة الأولى ثم انقلب عليه، ما حال دون طرحه في مجلس الأمن الدولي لاستصداره بقرار حسب ما خطط مهندسوه.

وأكد المرجع أن نتنياهو، خلافاً لما يُقال عن تحضيره لردٍ وشيك على الهجوم الصاروخي الإيراني الأخير على إسرائيل، سيواصل حربه على "حزب الله" حتى القضاء على قوته الصاروخية ولا سيما منها الباليستية وتفكيك بنيته العسكرية إذا تمكن من ذلك. ولكن أولويته هي تدمير القوة الصاروخية أولاً، ليتفرغ بعدها لشن حرب مدمرة على إيران لينتصر في ما سماه معركة "تغيير وجه الشرق الأوسط" التي أعلنها عندما شنّ حربه التدميرية على قطاع غزة غداة عملية "طوفان الأقصى" في 7 تشرين الأول من العام الماضي. إذ أن وجه الشرق الأوسط يتغير فعلاً إذا انهزمت إيران، ولكن العكس صحيح أيضاً.

ولكن في كل الحالات، يقول المرجع، إن نتنياهو يستعد في هذه الأيام للرد على الهجوم الصاروخي الإيراني الأخير، في الوقت الذي تستعد إيران من جهتها للرد على الرد. فهي وطّنت نفسها على أنها ستكون أمام ثلاثة احتمالات على وقع مفاوضات غير مباشرة بدأتها عبر أقنية عدة، ومنها القناة العمانية التي يُراد منها تجنيب المنطقة الدخول في حرب شاملة:

ـ الاحتمال الأول أن تأتي الضربة الإسرائيلية ثانوية ومن باب حفظ ماء الوجه، بحيث تستهدف مواقع عسكرية إيرانية ثانوية تستوعبها إيران وتفهم أنها تنطوي على رغبة إسرائيل بعدم التورط في حرب كبرى لا تحبذها أو لم توافق عليها الولايات المتحدة الأميركية حسب ما تُعلن.

ـ الاحتمال الثاني، أن يستهدف الرد الإسرائيلي مواقع عسكرية حساسة وغير نووية. في هذه الحال سترد إيران عليها بالمثل، الأمر الذي قد يتسبب بحرب استنزاف متبادلة وربما تكون طويلة بين الجانبين. ومثل هذه الحرب تستهوي الإيرانيين لأنهم يعتقدون أنها ستكون مؤذية لإسرائيل أكثر من الحرب الشاملة.

ـ الاحتمال الثالث، أن يستهدف الرد الإسرائيلي المنشآت النووية والبرنامج النووي والسلاح الباليستي والبنى التحتية ومراكز الصناعات العسكرية الكبرى والحساسة. الأمر الذي ستجد معه إيران نفسها مدفوعة بقوة إلى إعلان الحرب الشاملة على إسرائيل، وسيكون إلى جانبها في هذه الحال كل مكونات محور المقاومة وحلفائه عسكرياً وسياسياً. وهذه الحرب الشاملة إن نشبت سيتغير معها فعلاً وجه الشرق الأوسط وفق مشيئة من يربح هذه الحرب.

وقد لفت في هذا المجال قول وزير الخارجية الإيراني عباس عرقجي، الذي زار لبنان الأسبوع الماضي، أن أي هجوم إسرائيلي على البنية التحتية الإيرانية سيواجه برد قوي، محذراً إسرائيل من "أي مغامرة" ضد بلاده، ومؤكداً الاستمرار في دعم "محور المقاومة".

وفي هذا الإطار، تقول مصادر مطلعة على الموقف الإيراني لـ"ليبانون ديبايت" إن طهران ما تزال تراهن على نجاح المساعي الدبلوماسية لخفض التصعيد في المنطقة، لكنها في الوقت نفسه لا تستبعد الدخول في حرب استنزاف يمكن أن تندلع بينها وبين إسرائيل في ضوء ما سيكون عليه حجم الرد الإسرائيلي المنتظر، لأنها سترد على أي هجوم إسرائيلي بالحجم نفسه. وهي، عندما ردت بهجومها الصاروخي الأخير انتقاماً لاغتيال الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله وقبله اغتيال رئيس حركة "حماس" إسماعيل هنية، استندت إلى حقها في هذا الرد بناءً على المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يمنح الدول والشعوب الحق في الدفاع عن نفسها في حالة تعرضها لاعتداء من دولة أخرى.

لكن المصادر نفسها تقول إنه، رغم الموقف المعقد السائد بين إيران وإسرائيل، وقول البعض إن نتنياهو صعد إلى أعلى الشجرة دون أن يحقق بعد أهدافه من حربه على "حماس" في غزة وعلى الحزب في لبنان، فإنه بات يحتاج لمن يساعده على النزول منها. مع ذلك، لن يتورع عن مهاجمة إيران إذا تهيأ له أن الفرصة سانحة لتحقيق حلمه التاريخي بالهجوم عليها وتدمير منشآتها النووية والاستراتيجية الحساسة، التي يعتبر أنها تشكل خطراً وجودياً يهدد إسرائيل، وهو لطالما انتظر توافر الظروف الإقليمية والدولية الملائمة لتسديد تلك الضربة.

لكن في المقابل، تقول المصادر نفسها، إن إيران لا تريد الذهاب إلى الحرب الشاملة لأنها تعرف أثمانها الباهظة، وقد أدركت سريعاً أن اغتيال نصرالله، وقبله هنية، كانا محاولتين إسرائيليتين لاستدراجها إلى مثل هذه الحرب، وهي الهدف الأساسي لنتنياهو منذ سنوات طويلة.

وفي ضوء هذا الواقع، ستجد الإدارة الأميركية نفسها متعاونة مع إسرائيل دفاعياً حكماً، وقد فعلت ذلك عندما تعرضت إسرائيل للهجوم الصاروخي الإيراني الأول في منتصف نيسان الماضي، وكذلك عندما شاركت في التصدي للهجوم الأخير. ويبدو أنها ستفعل الشيء نفسه في حال ردت إيران على الرد الإسرائيلي المرتقب، لأن الدفاع عن إسرائيل هو جزء لا يتجزأ من الاستراتيجية الأميركية.

ويلفت المطلعون على هذه الاستراتيجية الأميركية إلى أن واشنطن لا تؤيد تحول إيران إلى دولة نووية سواء امتلكت قنبلة نووية أم لا. لكن لكل من جناحي النظام الأميركي، الجمهوري والديمقراطي، والذي يشكل الحزب الصهيوني دولته العميقة ومرشده، أسلوبه الخاص للقضاء على البرنامج النووي الإيراني: الجمهوري يعتمد النهج العسكري بتبني نظرية تسديد ضربة تدميرية لكل المنشآت النووية الإيرانية، أما الديمقراطي، فيقوم أسلوبه على الدبلوماسية، وهو ما شكّل خلفية الاتفاق النووي الذي وُقع مع إيران عام 2015 في فيينا أيام رئاسة باراك أوباما. لاحقاً، فاز الجمهوري دونالد ترامب بالرئاسة وأخرج الولايات المتحدة من الاتفاق وفرض على إيران عقوبات جديدة، بذريعة جعل نزع السلاح الباليستي بنداً في الاتفاق، لأنه من أسلحة الدمار الشامل، شرطاً للعودة إلى اتفاق فيينا. وقد رفضت طهران ذلك، فيما وقفت بقية دول مجموعة الخمسة زائد واحد التي وقعت الاتفاق بلا حول ولا قوة، لتلتحق لاحقاً بالموقف الأميركي، وهو ما عليه الحال الآن.

شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا