"الدولار"... هل يتابع مساره الانخفاضي؟
غرق المواطن اللبناني في مستنقع السلبيات التي رسمتها الاحداث السياسية والاقتصادية المتراكمة منذ بداية الازمة حتى اليوم، لا بل يغرق المواطن في عدّاد "الدولار" الذي جعله منهكا على مختلف الصعد وفي شتى الاتجاهات.
لكن ومن دون المبالغة في الايجابية، كون الواقع اللبناني والأداء السياسي فيه لا يشجعان على الكثير من الأمل، لا بد من التوقف عند بعض الاشارات غير السلبية التي شهدتها الساحة اللبنانية والتي قد تشير الى دخول البلاد في مرحلة بداية البحث عن الحلول الممكنة.
وفي طريق البحث عن الحول لا بد من السؤال عن واقع "الدولار" وعن التفسيرات الممكنة للتعميم الأخير الذي صدر عن مصرف لبنان.
الخوف ادى الى خفض سعر "الدولار"!
في هذا الاطار يؤكد الخبير الاقتصادي بلال علامة لـ"لبنان 24" ان "تراجع الدولار تجاوبا مع التعميم الاخير لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، يدفعنا للقول انه خلال الفترة الاخيرة وخاصة في الـ6 اشهر التي مضت، تحوّل الاقتصاد اللبناني والنظام المالي اللبناني الى نظام نقدي، يتفاعل مع السيولة النقدية وليس مع المصارف او العمل المصرفي، وهذه حالة مختلفة تماما عن الانظمة المالية التقليدية المعتمدة في مختلف دول العالم.
وانطلاقا من هنا، وعند الحديث عن اقتصاد نقدي، لا بد من الاشارة الى ان مختلف عمليات التبادل التجاري اوعمليات تبادل العملة في هذا النوع من الأنظمة تصبح محكومة مباشرة من خلال الأسواق الموازية، التي قد يكون من الأفضل ان نطلق عليها تسمية السوق الحقيقية، اذ ان عملية اعادة تثبيت الاسعار او اعتماد سعر صرف موحد تبدو غير واقعية وغير ممكنة في الوقت الراهن.
وأضاف علامة " ان هذا الواقع، هو الذي منع مصرف لبنان من التدخل في الاسواق عن طريق المضاربة اي بشكل تكتيكي، وهو ايضا الذي دفعه لترك الاسواق المالية تتفاعل بطريقة او اخرى، لكن وفي المقابل وبهدف تلبية احتياجات الدولة، اضطر المصرف المركزي لأكثر من مرة للذهاب الى طبع كميات هائلة من العملة الورقية بالليرة اللبنانية، فمثلا وعلى سبيل المثال، خلال القسم الاول من الشهر الجاري ازدادت الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية حوالى 25 ترليون، وهذا ما ادى الى ارتفاع الدولار وتخطيه عتبة الـ 40 الف ليرة لبنانية.
وهنا تجدر الاشارة الى ان مصرف لبنان حتى يتمكن من المحافظة على نوع من التوازن داخل الاسواق، يحتاج الى أدوات نقدية ومالية، وهذ الادوات استخدمها المركزي في لحظة استراتجية مناسبة، عبر اصدار التعميم الذي يقضي ببيعه الدولار عبر منصة (صيرفة) من دون الاقدام على الدخول في عملية الشراء، وهذا ما يؤدي الى دخول مالكي الدولار في حالة من الخوف والحذر ما يدفعهم لبيع عملتهم الصعبة".
ويؤكد علامة " ان عملية بيع الدولار بسبب التعميم المشار اليه، ادت الى نوع من اعادة التوازن بين العرض والطلب، نتج عنه الانخفاض الحاصل في سعر صرف الدولار".
محاولة جدية لتثبيت سعر الصرف
ويشير الخبير الاقتصادي علامة الى انه "في مكان من الامكنة لا بد من التأكيد ان ما حصل في سوق الدولار مؤخرا يحمل أكثر من علامة استفهام، ما يدفعنا للحديث عن لعبة تتخللها مجموعة من المحاذير، لكن في الوقت نفسه تجدر الاشارة الى انه لا ادوات في النظام المصرفي النقدي يمكن اللجوء اليها لخلق التوازن سوى ما أقدم عليه مصرف لبنان.
وما حصل يمكن وضعه في خانة محاولة منع الارتفاع الاضافي للدولار الاميركي عبر تخفيف الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية وسحبها قدر المستطاع من السوق، وهذا ما يدفعنا للتساؤل عن طبيعة المرحلة النقدية المقبلة التي من الممكن ان نشهد خلالها مسارا تصاعديا جديدا للدولار.
وهنا نشير الى ان واقع الدولار مرتبط بشكل وثيق بالمعطيات والظروف السياسية بالاضافة الى مسار الخطط الاقتصادية في البلاد، لاسيما خطة التعافي وما يرافقها من تشريعات وقوانين بالاضافة الى واقع المصارف والخطوات المحتملة التي قد تقدم عليها.
فاذا اتجهت الأمور نحو الايجابية على الصعيد الاقتصادي والمصرفي والسياسي، قد نشهد مزيدا من الانخفاض في سعر الصرف ولو بطريقة تدريجية وطفيفة، وهذا الانخفاض يقسم على مرحلتين، المرحلة الاولى تهدف الى التقارب ما بين دولار (صيرفة) ودولار السوق الموازية، اما المرحلة الثانية فيكون الهدف فيها وصول الدولار الى سعر ادنى من السعر الذي تحدده (صيرفة) فيتمكن من استعادة حجمه الطبيعي الذي يمكن تقديره اليوم بـ25 الف ليرة لبنانية لا أكثر.
وهذا المسار الايجابي الذي قد يتم التاكيد عليه من خلال اقرار خطة التعافي والتوقيع مع صندوق النقد الدولي، قد ياخذنا الى سعر صرف جديد يقارب الـ 15 الف ليرة لبنانية، وهذا الرقم يمكن الوصول اليه من خلال التدخلات التي يقوم بها مصرف لبنان ومن خلال المسار الاقتصادي الذي تنتهجه الحكومة والذي بدأ بالظهور من خلال ما يعرف بالدولار الجمركي وغيره من الخطوات الاجرائية.
وامام هذا الواقع، قد يكون الحديث عن سعر صرف جديد وثابت يتراوح بين الـ 15 و20 الف ليرة لبنانية أصبح ممكنا".
ويرى علامة انه "في السياق الايجابي نفسه قد يصدر مصرف لبنان خلال هذا الاسبوع تعميما جديدا يلزم من خلاله المصارف دفع نسب بسيطة لصغار المودعين بالدولار الاميركي ما يساهم في المزيد من تهدئة السوق وبالتالي المزيد من الانخفاض بسعر الدولار".
ويختم ان "السيناريو الايجابي المشار اليه متوقف على مدى استمرار المعنيين بالدفع نحو الحلول، اما وفي حال وقوع البلاد في اي صدام سياسي جديد عميق، فان الدولار سيعاود ارتفاعه وقد يكون هذا الارتفاع دراماتكيا وغير منطقي".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|