لماذا يستقوي نتنياهو على ماكرون؟
سميح صعب - النهار
في الأيام القليلة الماضية اصطدم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مرّتين، كلامياً. المرّة الأولى عندما وسّعت إسرائيل هجومها على لبنان قبل أواخر أيلول (سبتمبر) الماضي، وباشرت حملة قصف جوي واسعة ذهب ضحيتها مئات المدنيين اللبنانيين. والمرّة الثانية عندما اعتدت إسرائيل على "اليونيفيل"، وطالبت بسحب القوات الدولية من جنوب لبنان.
وعندما دعا ماكرون دول العالم إلى حظر إرسال السلاح إلى إسرائيل، ردّ عليه نتنياهو بحدّة، مخاطباً إياه "عار عليك أن توجّه هذه الدعوة بينما إسرائيل تخوض قتالاً على سبع جبهات". ما لبث الرئيس الفرنسي أن تراجع وأعلن أنه يؤيد "حق إسرائيل في الدفاع عن النفس".
وفي المرّة الثانية، لم يصادف ماكرون حظاً أفضل، عندما دعا نتنياهو رداً على التعرّض لدور الأمم المتحدة وقواتها في جنوب لبنان، إلى التذكر بأن إسرائيل نفسها "أُنشئت" بقرار من الأمم المتحدة. وسارع رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى القول للرئيس الفرنسي إن "حرب الاستقلال" هي التي أنشأت إسرائيل وليس الأمم المتحدة.
ما أراد نتنياهو إفهامه لماكرون ولكل من يسأل إسرائيل التقيّد بالقرارات الدولية، أن القوة كانت العامل الرئيس خلف تأسيس الدولة العبرية، وأن لا منّة للأمم المتحدة ولا إلى أي جهة دولية أخرى في هذا التأسيس.
ولن يكون نتنياهو راضياً عن دعوة ماكرون إلى مؤتمر دولي لمساعدة لبنان في باريس في 24 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري. وهذا من بين الأسباب التي تجعل رئيس الوزراء الإسرائيلي عدوانياً حيال الرئيس الفرنسي.
وعندما يجد نتنياهو أن الولايات المتحدة تنصاع لإرادته، فإنه لن يتوقف عند أي دولة أخرى في العالم.
ما يتعين ألّا يغيب عن البال، هو أن ماكرون كان في إمكانه لو أراد أن يتخذ موقفاً أكثر حزماً حيال الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة منذ أكثر من عام. على سبيل المثال، ما الذي يمنع فرنسا من أن تحذو حذو إسبانيا وإيرلندا والنروج وسلوفينيا عندما اعترفت هذه الدول بدولة فلسطين في أيار (مايو) الماضي؟
فرنسا قوة رئيسية محرّكة للاتحاد الأوروبي، لماذا لم يدفع ماكرون نحو قرار جماعي للاتحاد الأوروبي للاعتراف بدولة فلسطين؟ فرنسا كانت من المتحفظين عن دعوة الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إلى اتخاذ قرار في هذا الشأن للضغط على إسرائيل. والظاهر أن ماكرون لا يريد إغضاب الرئيس الأميركي جو بايدن بمثل هكذا قرار، في وقت تحتاج باريس إلى استمرار الدعم الذي تقدّمه واشنطن لأوكرانيا في مواجهة روسيا.
ثم أن أوروبا هي التي اختارت أن تضع نفسها في موقع العاجز حيال إسرائيل. فالاتحاد الأوروبي هو الشريك التجاري الأول لإسرائيل، وهناك اتفاقية للتجارة الحرّة بين الجانبين. لماذا لم يلوّح الاتحاد بالضغط الاقتصادي على إسرائيل، بينما لا يتردد في فرض العقوبات تلو العقوبات على روسيا وإيران والصين؟
إن القاعدة التي تتبعها الحكومة الإسرائيلية في التعاطي مع قادة العالم، تقوم على اعتبار كل من ينتقد سياساتها، معادياً للسامية وتعمل على شيطنته. هكذا كان حال بوريل ومن بعده حال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اللذين اعتُبرا شخصين غير مرغوب بهما في إسرائيل ومُنعا من دخولها. وذنب غوتيريش أنه دافع عن وكالة "الأونروا" ولم ينقد وراء الاتهامات الإسرائيلية للوكالة بأنها تدعم "حماس". بوريل قال إن "ما من أحد قادر على لجم نتنياهو".
وبقيت ألمانيا حتى الأسبوع الماضي لتقدم على اتخاذ قرار بوقف بيع الأسلحة لإسرائيل. وسبقتها بريطانيا إلى قرار مجتزأ يقضي بتعليق 30 رخصة تصدير سلاح لإسرائيل، بعدما اكتشفت متأخّرة أن هناك انتهاكات للقانون الدولي الإنساني في قطاع غزة.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|