محليات

لمَ لا يكون الطّائف هو الحلّ؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

أيمن جزيني - اساس ميديا
الانقسام في لبنان سيّد المواقف كلّها. القرارات الدولية ترضي البعض وتغضب الآخرين، وكذلك الأمر في ما يتّصل بالالتحاق بالمحاور هنا وهناك. في ظلّ هذا الانقسام، لم لا يكون اتفاق الطائف هو الخلاص؟

لبنان متقطّع كالحرب

بينما تشنّ إسرائيل حرباً لا هوادة فيها على لبنان تحت شعار ضرب الحزب، ولا تستثني من ضرباتها منطقةً لبنانيةً، ويعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نيّته “تغيير وجه الشرق الأوسط”، يذهب اللبنانيون بعيداً في حساباتهم الداخلية، أو “الأهلية”، مراهنين على نتائج الحرب الإسرائيلية كلٌّ من جهته.

أهل الحرب، البادئون بها ومشعلو الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية دعماً لغزّة، أي الحزب ومن يدور في فلكه، يراهنون على المزيد من الحرب للخروج منتصرين، لكن لم يعد أحد يعرف الانتصار على من: إسرائيل أم الآخر اللبناني؟ بينما بعض متلقّفي الحرب هذه من اللبنانيين، ورافضوها منذ ما قبل انطلاقتها بكثير، أي حزب القوات اللبنانية ومن يحالفونه، يراهنون على نتائج الحرب لإحداث توازن ما مفقود مع الآخر اللبناني منذ حروب. لبنان الدولة والمؤسّسات والوطن والمواطنة بعيد كليّاً عن مضمون أهداف الطرفين، وإن كان يحضر بقوّة في خطابَيهما.

في المحصّلة، يصبّ ما يصبو إليه الحزب وما يسعى إليه حزب القوات اللبنانية في خراج دول تسعى إلى شرق أوسط جديد على هواها ووفق أهدافها ومخطّطاتها، والمفارقة أنّ لبنان ساقط من حساباتها كلّها.

لبنان خارج الرّهانات

رهانات الحزب أكبر من لبنان تتعلّق بمحور يبدأ من طهران ولا ينتهي في اليمن مروراً بالعراق وسوريا ولبنان وفلسطين. هو واضح تماماً في هذا. وحدة الساحات التي أعلنها هو وحلفاؤه قبل الحرب، ليست على قياس لبناني. بل هي لا تأخذ لبنان في حسبانها. حتى نتائجها “اللبنانية” ليست في حساباته. فإن أتت بإنجازات ما ومكاسب إضافية كان به، وإن لم تأتِ فالحرب سجال: يوم للمحور ويوم عليه.

الدمار والضحايا والتبعات الاقتصادية تفاصيل لم يتوقّف عندها يوماً الحزب. فالحزب يعتقد أنّ باستطاعته المساهمة في رسم مشهد إقليمي تكون إيران فيه فاعلةً برضا أميركي ووكالة أميركية صريحة تمليها وقائع الميدان من غزّة إلى لبنان، مروراً بعواصم المحور أو بالعواصم التي يفرض المحور نفسه عليها بالسلاح والجماعات الأهلية التابعة له، مع ما يجرّه عليه هذا الأمر من فوائد.

وفيما يمعن الحزب في الذهاب بعيداً في المنطقة والإقليم، يوغل نقيضه، أي حزب القوات اللبنانية، في الداخل اللبناني حتى لتبدو التفاصيل عنده أحداثاً استراتيجيةً ضخمةً.

جعجع وأهواؤه

يبحث سمير جعجع عن طريق إلى بعبدا، في أقصى تقدير للقاء معراب 2، ذلك لأنّ سابقه، أي معراب 1، طرح على اللبنانيين القرار 1701 حلّاً وحيداً، دون أن تتشكّل عنه لجنة أو لجان لمتابعة تنفيذ القرار الأممي. وبهذا تكون النتيجة الوحيدة للقاء معراب 2، إمّا إيصال جعجع إلى كرسي الرئاسة في بعبدا، أو تقديمه ناخباً أوّل في عملية الانتخاب.

بين الهدفين، يسعى جعجع إلى تقديم نفسه قائداً وزعيماً للمعارضة السيادية، بعدما تعذّر عليه الأمر في لقاء البريستول الأوّل، لتسيّد وليد جنبلاط آنذاك، ثمّ تعذّر عليه ثانيةً في 14 آذار الذي كانت القيادة فيه معقودةً للرئيس سعد الحريري.

تشير المعطيات كلّها إلى ذلك، بدءاً من مكان اللقاء، أي معراب، إلى زمانه الذي يتصاعد فيه حديث الدول الكبرى الفاعلة عن انتخاب رئيس للجمهورية ذي مهمّات واضحة ومحدّدة: إكمال المعركة بتطبيق القرارات الدولية و”اجتثاث الحزب”، وتالياً تغيير وجه لبنان في إطار تغيير وجه الشرق الأوسط.

إلى الطّائف درْ

وسط هذه الأحداث والوقائع، تغيب كليّاً أيّ رؤية لبنانية تحاول أو تسعى إلى صناعة سياسة أو سياسات لبنانية بحتة. عقلية الغلبة الطائفية السياسية لا تزال سائدةً على الرغم من هذا الدمار الذي لا تُرفع أنقاضه حتى تتراكم من جديد، ساعةً أهليّاً وبينيّاً، وساعات إسرائيليّاً.

ثمّة حاجة ملحّة إلى رؤية تخرج من الأزقّة والزواريب اللبنانية الضيّقة، دون أن تدخل في الأنفاق والأوتوسترادات والمشاريع الإقليمية الكبيرة، آخذةً إيّاها في حساباتها طبعاً. اليوم، وقد تساوت الطوائف اللبنانية، أو الهويّات اللبنانية الضيّقة، في الانتصارات والهزائم، أي بعد المارونية السياسية، والسنّية السياسية، والشيعية السياسية، وتحطّم مشاريع الغلبات السياسية الطائفية هذه، آن الأوان لغلبة سياسية لبنانية تخرج من دوّامة الطوائف دون أن تدخل في دوّامة المشاريع الإقليمية.

وحدها دولة لبنانية ينتظم عمل المؤسّسات فيها، ويسود فيها القانون، وتحتكر الأجهزة الأمنية فيها حمل السلاح واقتناءه، تخرجنا من هذه الدوّامة التي لا تنتهي.

الدخول في محور إيراني هنا، وغربي هناك، لا يخرجنا من هذه الدوّامة وهذا النفق. كذلك الأمر بالنسبة إلى القرارات الدولية ، فهي لم تعد تُقرأ في لبنان إلا بعيون الميزان الطائفي. فاليوم تطبيق القرارات الدولية، التي لا شكّ أنّها تعيد السيادة في لبنان للدولة اللبنانية وتعيده فرداً سويّاً في الأسرة الدولية، لا يُفهَم إلا كاستكمال للحرب الإسرائيلية على لبنان، لجهة تجريد الحزب من سلاحه وإخراجه من جنوب الليطاني… إلخ. هكذا يراه على الأقلّ طرف لبناني فاعل اختلفنا معه أو اتّفقنا.

اليوم وحده اتفاق الطائف، الذي يُجمع عليه اللبنانيون، قادرٌ على إخراجنا ممّا نحن فيه، وهو الوثيقة الوحيدة التي لا يختلف عليها اثنان في لبنان. فمن يبادر إلى تبنّيه وتطبيقه فعليّاً، بعدما دفعنا في السنوات الـ34 الماضية أثمان عدم تطبيقه؟

شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا